صباحات…اسكندرانية

06:52 مساءً الثلاثاء 26 مارس 2013
محمد سيف الرحبي

محمد سيف الرحبي

كاتب وصحفي من سلطنة عُمان، يكتب القصة والرواية، له مقال يومي في جريدة الشبيبة العمانية بعنوان (تشاؤل*، مسئول شئون دول مجلس التعاون في (آسيا إن) العربية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

لا أدري أي مخيلة اختارت كلمة صباحات مع أنني لم أصل الإسكندرية صباحا، ولم أمكث فيها الصباح وحده..
لكن صباحاتها مشتعلة بالضوء، كما كتبتها يد الشمس وهي تختال من الأفق البعيد مضيئة مدينة الإسكندر الأكبر، وما عاد له فيها إلا التذكر، مدينة العشاق والشاطئ المنساب حبا وغراما عشرات الكيلومترات دون أن يصاب بملل التكرار، أو يشعر بما يدور على ساحله من تجاذبات رياح التغيير.

وصلتها قبل أن تغيب شمسها..
كانت كحسناء تود أن تودع عاشقها لتخلد إلى السكينة.. وفي المساءات الباردة فإن الإسكندرية لها طعم خاص، حيث الريح تطلق معزوفاتها فيرتعد البحر وينضوي البشر وراء جدران تقيهم بأس الرياح، فتغدو المدينة ليست كالتي في الصيف، حين تتتكشف كحورية تجبر الناس الزحف نحو الشاطئ بانتظارها، سهرات حتى الفجر فتكاد المدينة تغص بالمصطافين.

كأن الحقيبة ظلت طريقها إلى مسقط، ومعتاد على وصولها المتأخر كل مرة، وكدت أندم على مجازفاتي المستمرة، الحاسوب والكاميرا وكل شيء في حقيبة لا قفل فيها، نصحتني فتاة (شركة الطيران) لكنني لا أميل إلى الوسوسة، مهما حاولت فتاة رفع منسوبها، قلت لها أنني دائم التوكل على الله، وثقتي دائما أنها من مال حلال، ولن يغيب.. إلا لحكمة ربانية واثق أن وراءها خير.
ابتسمت الفتاة، وتلاقى إيماني بالقدر.. مع قدري بابتسامة صافية ودعت بها حقيبتي.

.. وساقني قدري إلى فندق فلسطين، وكما أخبرني رفيق مشوار في إحدى الصباحات، الصديق عز الدين ميهوبي، وزير الإعلام الجزائري السابق، والمثقف والشاعر، قال إن الفندق بني في منتصف الستينيات ليستضيف قمة الإسكندرية التي جمعت الرؤساء العرب برئاسة جمال عبدالناصر، وأنجز في مائة وخمسين يوما.
تحدثنا عن رغبات القيادات، تنجح بالمتابعة المباشرة، وتخفق إذا غضّ عنها طرف.

يقع الفندق في “المنتزه” مجاورا لقصر الملك فاروق، أطل عليه من نافذتي القريبة كلما أتاح الوقت بعض تأمل، من هنا مروا وتركوا آثارهم، تركوا كل شيء وراءهم، والبحر في مكانه يترقب، والريح اعتادت على دخوله، لا يهم البحر والريح من أتى ومن غادر، أتت به ريح أو ذهب مع.. ريح.

كانت الرياح تأتي بالهواء البارد، ويتصاعد الموج ببياض صاخب..
لم أكن أدري أن قدر ما سيأتي لأجد نفسي ساكنا في غرفة هذا الفندق العتيق، كنت ألمحه من بعيد، وكانت عدسة آلة التصوير في يدي قبل أربعة أشهر تقريبا تحاول أن تصل بمداها إلى تقريب قصر الملك القابع وسط حديقة رائعة منها، إنها الأقدار الرائعة التي تهديني جمالا في الحياة أصل إليه بدون حول مني ولا قوة..
.. وللحديث عن مدينة الإسكندر بقية.


اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات