أعراس شامية

06:50 مساءً السبت 30 مارس 2013
نجوى الزهار

نجوى الزهار

كاتبة من الأردن، ناشطة في العمل التطوعي

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

عذرا سوريا    يا حمص أعذرينا

” عسى الله أن يرزقنا ذرية ونملأهم ايمانا ويقينا “

13/3/2013 دعوة عرس

تركنا ظلالنا في منازلنا .تركنا ظلالنا في دمشق   حلب   حمص   ادلب   دير الزور   اللاذقية . في كل ركن من أركان شامنا . تركنا ظلالنا على الجبال وفي ينابيع الماء .تركنا ظلالنا في حبات القمح ز تركناها في عيون الطيور التي تغفو على أغصان أشجارنا ، ثم غادرنا .

هي ظلالنا تحرس آمالنا ، وتحتفي بذكرياتنا . فعندما تتهدم منازلنا تسرع ظلالنا لتمسك برائحة حضورنا وغيابنا وتخبئها في صرة بنفسجية لحين عودتنا . وعندما تتعكر مياه ينابيعنا تمسك ظلالنا بمناخلنا لكي  تنخل مياهنا من كل ما يكدرها ، لنشربها كما شربناها دائما ولنرتوي بها ومعها .

من قتل فرحة العرس؟

تركنا ظلانا وغادرنا بالجسد ، لنحتفل بأعراس أبنائنا  بعيدا عن بيوتنا ، وليظل الفرح المفرح هو اكليل على جبالنا وسهولنا . ما من انفصال وما من بعد بيننا وبين  ظلالنا . ما من انفصال بين جهادنا وأعراسنا . ندعوها ليلا لتحتفل معنا في أعراسنا.

نعم ، هكذا نحن ، ما زلنا نتغزل بالياسمين . تسقيه ظلالنا  لكي تأتي ليلا أرواح من سبقونا وتساعدنا في غزل أطواق الياسمين لنطوق بها أرواح شهدائنا .

عبق الياسمين ، شذى الورد الجوري ، حبات اللوز الخضراء ، أمسكت بها ظلالنا لكي لا يغيب طعم شامنا عن أرواحنا .

نسمع وجع مساجدنا ، نذوق ملوحة دموع أسواقنا  ساحاتنا بيوتنا  .لكن ظلالنا هناك تمسك ببقايا الطين بالحجارة   بالحكايات المرسومة على جدران بيوتنا ثم تغسلها بماء الياسمين لنظل نحن  نحن .

أما أنت يا بشار !  لا نكرهك ، فقلوبنا لا تتسع لمنطق الكراهية ،  وانما نتساءل : كيف باستطاعتك العيش مع رياح  القتل والذبح والتشريد لنساء لرجال   لأطفال الشام ؟ . وأنت يا أنيسة لماذا لم يكن لك من اسمك نصيب ؟ . أين منطق الأمومة في التراحم والتعاطف ؟.

جئت يا بشار بعد مقتل أخيك باسل بحادث سيارة. وكنا على بعض من أمل بأن رياح جراحنا قد لامست قلبك ، وأنك لربما تحاول ، وأنك لربما تستطيع أن  تغير بعضا من دستور أبيك الذي أباد حماه عام 1982 . وأنك لربما تتعرف على نكهة الشام . كان لنا  ايمان .

قال تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم ” ولا تزر وازرة وزر أخرى ” . صدق الله العظيم .

كنت في زيارة لمعرض الفنان علي فرزات قبل أن تصبح رئيسا لهذا النظام وليس للشعب السوري ،اقتربت منه سائلا عن الأوضاع في سوريا ، فأجابك :

” هامش من الحرية  ، هامش من التعبير عن الرأي ، هامش من حرية التفكير “.

ثم استلمت مفتاح السجن ، وتعلمت منهج الحكم .

بضعة أعداد من مجلة الدومري ، ثم استعادت القوة منطقها  ، وكان ان منعتْالمجلة وصودرتْ أعدادها  .

هنالك حقيقة كونية ، بأن كل ما في الوجود لديه شقوقا أيا كان اتساعها، باستطاعة النور الولوج فيها ، الا أنتم يا عائلة الأسد . أمسكتم بالفولاذ ، صببتم الحديد على بوابات قلوبكم  عيونكم  وآذانكم ، ليظل الظلام المتمركز فيكم هو الطريق وهو الغاية لكم .  عندما نتحدث     عندما نرى   عندما نسمع عما يجري في شامنا من قتل وتدمير وذبح واعدامات وانتهاكات وتخويف ، لا تمتلك لغتنا العربية الجميلة التعابير والأوصاف عما تقومون به .

والآن نحن وظلالنا ، نحتفل بجهادنا وأيضا بزفاف أبنائنا .

عذرا سوريا    يا حمص أعذرينا

” عسى الله أن يرزقنا ذرية ونملأهم ايمانا ويقينا

” تلك حرب  ( ونعرف أسرارها )

حربنا وردة تحرر عطر اللقاح الذي يتوثب فيها

وينابيع نقلت أمواجها

وخمائر وجد وشوق

ندل عليها . ونعزي بها ”

أدونيس

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات