الهندوس يحتفلون بمهرجان الألوان

08:02 صباحًا الإثنين 1 أبريل 2013
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

في الهند بلد العجائب، والغرائب، تبدو الألوان جزءًا اساسيا من فسيفساء تركيبته السكانية والمعمارية والتاريخية. ومع بداية فصل الربيع كل عام يحتفل الهندوس بمهرجان الألوان الذي يضفي البهجة لا وجوه البشر وحسب، ولكن أيضا على أجسادهم وملابسهم وحياتهم.

 نحن في هولي فاغوا أو هولي هو المهرجان الشعبي الهندوسي للاحتفال بالربيع ليس فقط في الهند، بل كذلك في نيبال، وبنغلاديش، وسريلانكا، وباكستان،  وبلدان بها جاليات هندوسية كبيرة، مثل سورينام، جوايانا، جنوب أفريقيا، المملكة المتحدة، أمريكا، ترينداد، موريشيوس، وفيجي. في بنغلاديشوالبنغال الغربية الهندية يسمى المهرجان دولياترا أو باسانتا أوتساب. و أكثر مهرجانات الربيع شهرةً هو ذلك الذي يقام في منطقة براج، في أماكن مرتبطة بالاٍله كريشنا مثل ماتورا وفريندافات وناناغاون وبارسانا، وهذه الأماكن تستقطب السياح خلال فصل مهرجان الألوان، و الذي يستمر هنا لفترة تتجاوز 16 يوما.

تشهد المهرجان صور سكب الأوان على المشاركين والمشاركات، ويمكن أن نرى مجموعة من النسوة يقمن بتمزيق قميص احد الرجال في أحد المعابد، مثل معبد “داوجو” الذي يقع قرب مدينة “ماثورا” شمال الهند، وذلك في إطار لعبة الـ Huranga التي يلعبها الرجال والنساء معاً بعد يوم من الاحتفال بعيد الهولي، (مهرجان الالوان) حيث يقوم الرجال بسكب الالوان على النساء بينما تقوم النساء بتمزيق قمصان الرجال.

تتضمن فعاليات المهرجان، مشاركة الهندوس، والسياح الوافدين، في تلوين الأماكن المحيطة، باستخدام غبار ملون، متمنين أن يحل عيهم الراحة والبركة، حسب معتقداتهم.

ويقصد الهنود من فعاليات هذا المهرجان، إنشاء نوع من الصرح لأساطيرهم حيث يعتبر المهرجان من أهم الفعاليات التي يواظبون عليها كل عام.

يُقام هولي في نهاية فصل الشتاء يوم اكتمال القمر الأخير من الشهر القمري phalguna الذي يحل خلال فبراير ومارس، ولذلك يختلف توقيت المهرجان بين عام وآخر، وأقيم هذا العام في الثامن والعشرين من شهر مارس 2013.

تستمر الاحتفالات ليومين في معظم المناطق وأكثرها شهرة هي ما يُقام في مقاطعة برج، ومن أهم ما يميزه تحرير المحتفلين من القيود الاجتماعية بسبب العمر أو الطبقة الاجتماعية أو الجنس فيقلل الفجوات بين الطبقات الاجتماعية المختلفة، ويوحد الناس سواء كانوا رجالا أم نساء، أغنياء أم فقراء في الفرحة والاحتفال، ويشيع جو مبهج بين المحتفلين وسط الغناء وإلقاء مساحيق الألوان المختلفة ورش المياه الملونة على بعضهم البعض.

واحتفاء بالمهرجان ينزل الناس إلى الشوارع ويعانقون بعضهم ويرسمون على بعضهم البعض بألوان مختلفة فيما يغنون ويرقصون ويتناولون مختلف أنواع الطعام والحلويات.

هولي في الأساس احتفال بموسم الحصاد وخصوبة الأرض ووداع الشتاء واستقبال الربيع، إلا أن له جذورا دينية ويرتبط ببعض الأساطير الهندوسية  منها ما يُروى عن إحراق هوليكا، شقيقة ملك الشياطين هيرانياكاشيبو الذي منحه الإله براهما موهبة تجعل من المستحيل تقريباً أن يُقتل، وقد مُنح ذلك بعد أن كفر عن سيئاته وطلب جزاء ذلك أن يصبح قتله مستحيلاً “ليلاً أو نهاراً، في داره أو خارجها، على الأرض أو في السماء، وعلي يد إنسان أو حيوان”.

فلما صار له ما أراد، طلب أن يتخلى البشر عن عبادة الآلهة وألا يعبدوا سواه، وبرغم هذا كان ابنه برالاد يعبد فيشنو، فسعى لقتله بكل وسيلة منها السم، لكن السم تحول إلى رحيق في عروقه، فحاول قتله برميه تحت أقدام الأفيال لكن لم ينجح فوضعه في غرفة مليئة بالأفاعي السامة لكنه سلم منها.

وهكذا فشلت محاولات هيرانياكاشيبو للتخلص من ابنه برالاد، فلجأ إلى وضعه على نار معسكر أشعلها له في حجر خالته هوليكا التي ارتدت عباءة تحميها من الاحتراق، وأطاع برادلا أمر أبيه ودعا فيشنو لإنقاذه من ألسنة اللهب، فما أن اشتعلت النار حتى طارت العباءة من جسد هوليكا فالتهمها الحريق وأحاطت بجسد برادلا فنجا.

ولا تنتهي الأسطورة هنا إذ تمضي إلى مقتل ملك الشياطين نفسه؛ فقد أتاه الإله فيشنو في شكل مخلوق عبارة عن نصف إنسان ونصف أسد (لا بشر ولا حيوان) عند الغسق (لا ليل ولا نهار) في عتبة داره (لا داخلها ولا خارجها)، فما ان استقام له كل ذلك حتى أخذه في حجره (الذي ليس على الأرض وليس في السماء) وأنشب مخالب الأسد في جسده فقتله. ولذلك فمن أهم طقوس مهرجان هولي الدينية إشعال نار المعسكر الهائلة أول أيام المهرجان لتعيد إلى الأذهان احتراق هوليكا ونجاة برادلا من النار.

وتعود أول إشارة مكتوبة إلى مهرجان هولي إلى كتابات من القرن السابع الميلادي، وتُذكر من الطقوس القديمة تلطيخ الناس وجوه بعضهم البعض بالمساحيق الملونة ورمي العطور والمياه المعطرة وهذا هو السبب في تسميته

وكان المعتاد أن تُصنع المساحيق الملونة من مواد طبيعية، وبعض الأعشاب الطبية المذكورة في الأيورفيدا وهي منظومة تعاليم الطب التقليدي في الهند، ولكن مع مضي الوقت بدأت صناعة الأصباغ من مواد كيمائية اكتشف في بعضها مواد الضارة سببت بعض الإصابات.

ولا يخلو المهرجان من أحداث مؤسفة، فقد غرق 16 شخصاً في حوادث متفرقة تزامنت مع إحياء الهند يوم الخميس الماضي مهرجان الألوان.

وأوضحت الوكالة ان الذين غرقوا خلال الاغتسال بعد المشاركة بمهرجان الألوان هم سبعة شبان في كانبور، فيما غرق ستة مراهقين في أندهرا براديش، وثلاثة بالبنغال.

وفي حادث منفصل قتل شخص واحد وأصيب ثلاثة آخرون بعد اشتباك مجموعتين خلال مهرجان الألوان في مقاطعة ناديا الهندية.


اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات