الروهينجا: مأساة الأقلية المسلمة في ميانمار

05:28 مساءً السبت 6 أبريل 2013
أحمد محمد حسن

أحمد محمد حسن

كاتب ومخرج بالتليفزيون المصري، القاهرة

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

الروهينجا أسم لجماعة مسلمة في ولاية “أراكان” غربي بورما أو ميانمار وحسب التقديرات الرسمية لعام 2012 يوجد 800 ألف روهينجي في أراكان وتعتبرهم الأمم المتحدة أكثر الأقليات إضطهادا في العالم فقد جردوا من مواطنتهم منذ قانون الجنسية عام 1982 فلا يسمح لهم بالسفر دون إذن رسمي ومنعوا من إمتلاك الأراضي وطلب منهم التوقيع بالإلتزام بأن لا يكون لهم أكثر من طفلين .

جامعو الحطب الأطفال في مخيمات لاجئي الروهينجا المسلمين على حدود بنجلاديش

وحسب تقارير منظمة العفو الدولية فإن مسلمي الروهينجا لا يزالون يعانون من إنتهاكات لحقوق الإنسان في ظل المجلس العسكري البورمي منذ عام 1978 وقد فر العديد منهم إلى بنجلاديش المجاورة وإلى تايلاند على الحدود مع بورما .

ففي أعقاب عملية الملك التنين التي قام بها الجيش البورمي والمسماه (ناجامين) عام 1978 فر أكثر من 200 ألف من الروهينجا إلى بنجلاديش بعد أن تعرضوا لعمليات إعدام بدون محاكمة وللتعذيب والإغتصاب والسخرة حيث أجبر الجيش البورمي الروهينجا على العمل بدون أجر في مشاريع البنية التحتية والإقتصادية في ظروف قاسية وحدثت العديد من الإنتهاكات لحقوق الإنسان من الأمن خلال عمل السخرة للروهينجا المدنيين .

وكانت أراكان فيما مضى دولة إسلامية مسستقلة حرة في جنوب شرق آسيا واستمرت في الوجود عدة قرون قبل أن تحتل من بورما عام 1784 وأصبحت بذلك واحدة من 14 ولاية ومقاطعة لإتحاد بورما (ميانمار حاليا) وتبلغ نسبة المسلمين في بورما حوالي 20% من إجمالي عدد السكان .

ويرجع دخول الإسلام إلى أراكان إلى القرن السابع الميلادي مع قدوم العرب المسلمين إليها ثم تتابعت الوفود الإسلامية إليها من أنحاء المعمورة فأقبل عدد كبير من الأهالي على إعتناق الإسلامحتى كان عام 1784 عندما احتل الملك البوذي (يودا باي) أراكان وضمها إلى ميانمار خوفا من إنتشار الإسلام في المنطقة وعندما احتلت بريطانيا ميانمار وضمتها إلى حكومة الهند البريطانية الإستعمارية واجه المسلمون في ميانمار الإستعمار البريطاني بقوة مما جعل بريطانيا تخشاهم فبدأت حملتها للتخلص من نفوذ المسلمين بإعتماد سياستها المعروفة “فرق تسد” فعمدت على تحريض البوذيين ضد المسلمين وأمدتهم بالسلاح حتى أوقعوا بالمسلمين مذبحة عام 1942 فتكوا خلالها بحوالي مائة ألف مسلم في أراكان .

ورغم الحكومات المتتالية في ميانمار وحتى بعد الإنتخابات التي جرت في نوفمبر / تشرين الثاني عام 2010 ورغم إعلان حكومة ميانمار تغيير نظام الدولة من نظام عسكري إلى نظام ديمقراطي إلا أن هذا الإعلان لم يكن له علاقة بالحقيقة فلم تتغير أحوال المسلمين الروهينجا حيث تقوم الحكومة بإحداث تغييرات جذرية في التركيبة السكانية لمناطق المسلمين فلا توجد أي قرية أو منطقة إلا وأنشأت فيها منازل للمستوطنين البوذيين وتفرض الحكومة شروطا معينة على ما يخص زواج المسلمين مع عدم السماح للعائلة المسلمة إلا بمولودين فقط ومن يولد له أكثر من طفلين يوضع أولاده على القائمة السوداء التي تعني أنهم غير معترف بهم وليس لهم حقوق ويحرم كذلك أبناء المسلمين من مواصلة التعليم في الكليات والجامعات ويتم إرغام الطلاب المسلمين في المدارس الحكومية على الإنحناء للعلم البورمي وتمارس الحكومة بمليشياتها عمليات طرد وتهجير جماعي متكررة تستهدف المسلمين وعائلاتهم لإبعادهم عن البلاد .

وقد أصدرت الهيئة العامة للأمم المتحدة بعض القرارات المتعلقة بالروهينجا بإعتبارهم أكثرالأقليات إضطهادا في العالم حيث قررت إنشاء لجنة للتحقيق في الجرائم التي يرتكبها النظام البورمي ضد الروهينجا في بورما ودعوة مجلس الدولة في بورما إلى رفع جميع القيود المفروضة على المجتمع الروهينجي مع تقديم المساعدات الإنسانية والتعليم والرعاية الصحية ولكن لم يتحقق أي تقدم في أي أمر من هذه الأمور بل إن الواقع يؤكد أن أعمال العنف الطائفي ضد مسلمي ميانمار مازالت مستمرة والإشتباكات الدامية بين الروهينجا والبوذيين تتصاعد مع مزيد من القتلى في موجات العنف الغير مسبوقة .

ويرى محللون أن مسلمي ميانمار يتعرضون للإضطهاد مباشرة من النظام بفعل ضغوط الكهنة البوذيين .

وتعتبر منظمة (هيومن رايتس ووتش) أنهم يقتلون في صمت دولي غير مسبوق وأن قوات الأمن في ميانمار نفذت إعتقالات جماعية بحق المسلمين ودمرت الآف المنازل والمتاجر والمساجد ولم يحرك رئيس الدولة (ثين سين) ساكنا وإنما طالب الأمم المتحدة بإيوائهم في مخيمات .

وفي نفس الوقت الذي يتفاقم فيه الوضع الإنساني سوءا للروهينجا لا يظهر في الأفق أملا في تغيير أوضاعهم .

وقد أكد الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي فيما يتعلق بأزمة مسلمي الروهينجا أنها كانت من ضمن المآسي الكبيرة التي يتعرض لها شعب إسلامي حيث قتل مئات المسلمين وهدمت مدنهم وقراهم وتشرد الالآف منهم وأجبروا على اللجوء إلى دول الجوار وأشار أنه طالب دائما الدول الغربية الفاعلة وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط على حكومة ميانمار لإيقاف أعمال التطهير العرقي تجاه مسلمي الروهينجا وأهمية إنشاء المناخ الملائم للطرفين وأن من حق الجميع العيش بأمن وسلام في جو تسوده الديمقراطية .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات