خطأ مطبعي

02:26 مساءً الخميس 11 أبريل 2013
محمد سيف الرحبي

محمد سيف الرحبي

كاتب وصحفي من سلطنة عُمان، يكتب القصة والرواية، له مقال يومي في جريدة الشبيبة العمانية بعنوان (تشاؤل*، مسئول شئون دول مجلس التعاون في (آسيا إن) العربية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

 

خلال نصف ساعة وصلتني عدة رسائل (واتسابية) عليها صورة خبر منشور يتضمن خطأ، كأنه احتفال بأخطاء الآخرين.
وكعادتي أحاول التفلسف بيني ونفسي وممارسة ما قرأته من كتب علم النفس، صوابا أو مصيبة، على ما أراه من أحوال البشر، وقد وطّنوا أنفسهم على ملاحقة أخطاء الآخرين، متجاهلين مسارهم، كأنه صائب دائما، وويل لمن يقول إنهم وقعوا في خطأ حياتي ما، عن سابق إصرار وترصد، مع أن الخطأ المطبعي ليس سوى.. خطأ / مطبعي.. ينطبق عليه القول العربي تماما: عندما يقع القدر يعمى السمع والبصر.
لماذا نحتفل بأخطاء الآخرين؟ ونمررها كأنها خبر يجدر إخبار الجميع به، الأصدقاء والمعارف، وصولا إلى الذين لا نعرفهم ولا ندرك أين هم، من خلال المنتديات والمواقع؟
الاحتفاء بأن الآخر ارتكب خطأ..
القول بأنه على قدر كبير من السوء لدرجة أن يرتكب أخطاء.. ونحن معصومون فلا تعرفون لنا خطأ أو خطيئة..
كأنه القول: انظروا، كم يتكاثر الخطاؤون في حياتنا، هذه نماذج يومية مما يقعون فيه من عثرات لا تنتهي.. يا لهم من بشر لم يصلوا إلى كمالنا بعد، مهما وصلوا إلى مستوى (تعليمي أو وظيفي) فتمعنوا في أخطائهم، بسيطة لدرجة أنه يفترض عدم الوقوع في مطباتها.
الصحافة التي لا تقع في الخطأ ليست موجودة على مر التاريخ.. كما هو حال البشر، فالمخلوق الذي لا يأتيه الخطأ لا من بين يديه ولا من خلفه لم يخلقه الله سبحانه وتعالى، حتى الأنبياء كانت لهم أخطاؤهم التي اختبرهم الله بها، ليريهم أنهم بشر، إنما هناك الآدمي القادر على كبح جماح نفسه، والأوبة إلى الله، والآخر الذي لا يبالي بالخطأ فيدمنه، ويتحول بمرور الوقت بين يديه إلى صواب.
في حياتي الصحفية عايشت (مطبات) الأخطاء المربكة (نفسيا) قبل كل شيء، أتذكر منها خطأ بسيطا تحول إلى مصيبة (كبرى) على يد الناس الذين زلزوا (البدّالة) بمئات الاتصالات مع أن أغلبهم يقولون إنهم لا يقرأون الجريدة، كنا نستخدم خطا (بنطا) صغيرا في كتابة التاريخ على الصفحة الأولى، وفي رسم الأرقام لا يوجد فارق كبير بين (2) و(3) فصدرت الصحيفة بالرقم الأول بدلا من (الثاني) وكانت ملاحظتها تحتاج إلى مجهر، ورغم أن الجميع يعرف أن التاريخ المقصود (3) لكن يبدو أنهم غيّروا كل برامجهم وجداولهم لأننا أخطأنا في كتابة التاريخ الصحيح وأخّرنا الزمن يوما.
الخطأ الآخر الذي أتذكره كثيرا هو قيام مصمم الصفحة (أحد الرائعين في مهنته وخلقه) بالعمل على ملحق (مناسباتي) دون أن ينتبه لتغيير التاريخ، وأمضينا الوقت حتى الفجر مواصلين العمل ساعات طوالا، وفي اليوم التالي كانت الكارثة / الفضيحة، والسؤال الأهم: كيف تعاقب شابا متميزا أمضى أكثر من عشر ساعات متواصلة أمام شاشة حاسوب؟..
هي ضريبة العمل، أخطاء الصحافة (المنتشرة) بموازاة أخطاء بشرية لا تنتهي، لكن هناك ما يمنحها سترا ينجي صاحبها من التشهير به.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات