من بغداد إلى بوسطن : الرُّعب يجتاح العالم

08:33 صباحًا الثلاثاء 16 أبريل 2013
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

إنه أسبوع العنف بعد أن دوت الانفجارات في أكثر من مدينة حول العالم، لكن أكثرها دموية كان في العراق، وأقواها إعلاميا وقع في الولايات المتحدة الأمريكية. وما بين بغداد وبوسطن لم تسلم مدن آسيوية وأفريقية كثيرة من أحداث عنف ودمار، بين حرب من أجل الحرية، أو صراع على السلطة. ولم يعد العالم آمنا وسط سلسلة من الجرائم تُرتكب تحت أي شعار، وفي اللحظة التي يتهيأ فيها البشر لالتقاط الأنفاس، يبدو الأمل شاحبا وهو يتبخر مثل دخان انفجارات أدت مهمتها قبل أن تصعد للسماء.

بوسطن، نهاية الماراثون، بداية العنف

على شبكة سي إن إن، نعرف حكاية ليندا ويليتس، الفائزة بالمركز الأول في ماراثون بوسطن الذي بلغ طوله 41 كيلومتراً، وكيف كانت تعبة بعد قطع هذه المسافة، وهي تجلس للاحتفال بفوزها مع صديقتها ستيفاني دوغلاس في حانة قريبة من موقع خط النهاية، حين تحول الموقع برمته في لحظة إلى كومة من الكراسي المتبعثرة وسحابة من الدخان الكثيف.

تقول دوغلاس إن الانفجار الأول تلاه صراخ بالعثور على قنبلة ثانية، مما أصاب الجميع بالفزع، وبدأوا بالهروب، لتشهد خسارة رجل لقدميه أمام عينيها، وتراه وهو يحاول الوقوف مجدداً، لتترك المكان وسط خوف مما حل بصديقتها، لعدم التمكن من الاتصال بها لانقطاع خدمة الموبايل.

وأشار جيمس برينان، صاحب محل لبيع الحلوى بالقرب من موقع التفجيرات إلى “أن بركاً من الدماء ملأت المكان”، حتى أنه ذكر بأنه رأى إحدى زبائنه ملقاة على الأرض.

وكان ستيف سيلفا، المراسل الرياضي لموقع Boston.com يعمل على تغطية عبور المتسابقين خط النهاية عندما بقيت كاميرته لتصور الانفجارين المتتاليين، وبدأ بالتغريد على موقع التواصل الاجتماعي، تويتر، لوصف ما حدث على أرض الواقع قائلا: “الناس يشعرون بالخوف والرعب مثلما حصل في أحداث سبتمبر/أيلول والتسونامي”، ووصف المكان بـ”ساحة معركة”، وبأن “الدماء انتشرت في كل مكان.”

رجال الإسعاف يحملون سيدة شاهدة عيان على الإنفجار الذي أعاد للأذهان هجمات 11 سبتمبر

وكان من بين الأشخاص الذين شهدوا الانفجار، جيم باردن، الذي يعمل في مكتب واقع في المنطقة التي توسطت الانفجارات إذ قال: “سمعت الصوت وشعرت بهزة كبيرة في المبنى، نظرت إلى الخارج لأرى الناس في حالة رعب شديد، يتدافعون للخروج من المكان بأسرع وقت ممكن”، وأضاف “كان المنظر من المكتب العلوي مؤثراً للغاية.”

ولقي ثلاثة أشخاص مصرعهم، بينهم طفل في الثامنة من العمر، وأصيب ما لا يقل عن 144 آخرون بجراح، وفق آخر حصيلة لتفجيرات استهدفت ماراثون بوسطن، وصفتها الإدارة الأمريكية بأنها “عمل إرهابي.”

وذكرت مصادر طبية أن 17 جريحاً على الأقل بحالة حرجة في التفجيرات التي صممت قنابلها لنثر شظايا بمساحة واسعة لإيقاع أكبر عدد ممكن من لضحايا، كما عثر خبراء أمنيون على عبوات لم تنفجر عقب الانفجارات الثلاثة، ووقع الأول عند خط نهاية الماراثون.

أجرت الأطقم الطبية العديد من عمليات البتر فيما يعاني عدد من المصابين من جراح في الأرجل والأجزاء السفلية من الجسم، ما يعني بأن العبوات المتفجرات كانت في مكان منخفض، طبقاً لمراسلة CNN، ديبرا فيريك.

وقال مصدر مسؤول في البيت الأبيض إن استخدام أكثر من متفجرة في الهجوم الذي استهدف ماراثون بوسطن الاثنين يدل بوضوح على وجود “عمل إرهابي.” وذكر مصدر أمني أن الشرطة تبحث عن شخص داكن البشرة يتحدث ربما بلكنة أجنبية، بينما ذكر محلل أمني أن التصميم البسيط للقنابل وتوقيت تفجيرها مع اقتراب نهاية السباق يطرح الكثير من الأسئلة حول طبيعتها والهدف منها.

وقال المحلل الأمني الذي تحدث إلى CNN طالبا عدم ذكر اسمه، إن توقيت انفجار العبوات يلفت الانتباه، خاصة وأنها جاءت مع نهاية السباق الذي استمر لأكثر من أربع ساعات، ما يعني أنها لم تكن مصممة لإحداث قدر كبير من الضرر.

وتابع المحلل الأمني قائلا: “الأمر يثير التساؤلات.. لماذا لم تقع في ساعة الذروة أثناء احتشاد الجمهور عند خط النهاية لرؤية الفائزين؟ لكن الأمر قد يعني أن المنفذين لم يتمكنوا من الوصول إلى المنطقة في الوقت المحدد.”

ولفت المحلل إلى أن واقع وجود أكثر من قنبلة غير منفجرة يكشف أن تصميم القنابل كان “بدائيا”، أو أن خطة تفجيرها فشلت، خاصة مع انهيار شبكة الاتصالات الخلوية بعد لحظات من الانفجار الأول، ما قد عطل ربما إمكانية استخدام الهواتف الجوالة كصواعق تفجير.

ورجح المحلل أن يكون مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI قد بدأ بمراجعة كاميرات المراقبة في المنطقة ومسح الاتصالات الواردة عبر أبراج الاتصال في المنطقة، إلى جانب تفحص القنابل غير المنفجرة للبحث عن بصمات أو دلائل تصميمية تدل على هوية المنفذين.

وفي سياق متصل، قال خبير في شؤون مكافحة الإرهاب لـCNN إن الأطباء في مستشفيات بوسطن ينتزعون شظايا معدنية من الجرحى في غرف الطوارئ، ما يعني أن القنابل المستخدمة صممت لتنثر الكثير من الشظايا، مضيفا أن عشرة جرحى على الأقل خسروا أطرافهم جراء الانفجار.

وعلمت CNN أن الشرطة في بوسطن تبحث عن رجل أسمر اللون أو داكن البشرة يضع على ظهره حقيبة سوداء، مع إمكانية أن يكون أجنبي الجنسية أو يتحدث بلكنة أجنبية، وقد حاول هذا الرجل الدخول إلى منطقة محظورة قبل خمس دقائق من الانفجار، ولكن رجال الأمن منعوه.

  على الطرف الآخر، وفي محاولة لتفسير معنى هذا الانفجار يرى المحلل الصيني يانغ يو أن هناك ثلاثة معاني وراء انفجارات ماراثون بوسطن:

1، تعتبر انفجارات ماراثون بوسطن أكبر هجوم تتعرض إليه الولايات المتحدة محليا بعد هجمات 9-11. واذا كان مبنى التجارة العالمية في نيويورك وجه الولايات المتحدة، فإن بوسطن بطن الولايات المتحدة الأكثر نعومة.

2، الإرهابيون على متن الطائرة في هجمات 9-11 ، يمكن تحديد هويتهم سريعا. في حين أن الشخصيات التي نفذت انفجارات ماراثون بوسطن غير معروفة،وقد لا تستطيع الولايات المتحدة معرفة عدوها هذه المرة.

3، شنت الولايات المتحدة منذ هجمات 9-11 حربين في العالم ونجحت في قتل بن لادن. ولكن، لم تتجنب الهجمات الإرهابية في داخل الولايات المتحدة، الأمر الذي سيؤثر على نفسية الشعب الأمريكي والسياسات الوطنية الأمريكية لمدة طويل.

وذكرت الشرطة أن الانفجار الثالث استهدف مكتبة كينيدي الرئاسية فى بوسطن، ولكن يظل من غير الواضح ما إذا كان هذا الانفجار مرتبطا بالانفجارين السابقين.

أوباما: من أين يأتي الإرهاب؟

وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن الحكومة الأمريكية ليس لديها حتى الآن “كل الإجابات” بشأن التفجيرات التي هزت بوسطن بولاية ماستشوستس في وقت سابق من اليوم نفسه، غير أنه تعهد بمحاسبة المتورطين في التفجيرات.

وفي خطاب متلفز بث على الهواء مباشرة من البيت الأبيض، اعترف أوباما بأن حكومته لا تعرف بعد “من قام بهذا أو لماذا”. ولم يصف الرئيس التفجيرات بهجوم إرهابي، وطلب من الشعب عدم “القفز إلى استنتاجات”.
ولكن أوباما أكد أن المسؤولين عن الحادث “سيشعرون بالثقل الكامل للعدالة”، وأضاف “سنكتشف من قام بهذا وسنحاسبهم”.

انفجارات العراق

وفي العراق، ارتفعت حصيلة ضحايا هجمات يوم (الاثنين) أيضا، في مناطق متفرقة بالعراق، قبيل أيام من اجراء الانتخابات المحلية، الى 21 قتيلا واكثر من مئتي جريح، حسب ما أفادت مصادر في الشرطة العراقية.

ووقعت سلسلة هجمات اليوم في عدة مدن بالعراق، بينها العاصمة بغداد، تضمنت تفجير 23 سيارة مفخخة، وسبع عبوات ناسفة وثلاث لاصقة، وثلاث قذائف هاون وهجوما مسلحا.

تفجيرات العراق: مسلسل دام

ففي بغداد انفجرت سبع سيارات مفخخة وعبوة لاصقة بمناطق متفرقة من العاصمة، ما أدى الى مقتل 10 اشخاص واصابة 52 آخرين، كما الحقت خسائر مادية بعدد من المباني والمحال التجارية والسيارات.

وانفجرت اربع سيارات مفخخة مركونة في مناطق متفرقة من مدينة كركوك (250 كم) شمال بغداد، واسفرت عن مقتل شخصين واصابة 24 آخرين بجروح، بالاضافة الى وقوع خسائر مادية.

كما انفجرت ثلاث سيارات مفخخة في بلدة الطوز (90 كم) شرق تكريت، مركز محافظة صلاح الدين، نتج عنها سقوط خمسة قتلى و49 جريحا.

وجرح سبعة اشخاص، بينهم امرأة في انفجار سيارتين مفخختين بالتعاقب في تكريت قرب مقر ائتلاف (الجماهير العراقية)، وهو ائتلاف انتخابي، يرأسه محافظ صلاح الدين احمد عبدالله.

وقالت المصادر إن انتحاريا يرتدي حزاما ناسفا هاجم نقطة تفتيش تابعة للشرطة الاتحادية في منطقة الرصاصي شمال سامراء (120 كم) شمال بغداد، ما ادى الى اصابة 13 شرطيا بجروح.

وفي محافظة ديالى شرقي العراق، ذكرت المصادر ان ضابطا برتبة عقيد في الشرطة العراقية قتل، واصيب 13 شخصا بجروح بينهم عدد من عناصر قوات الامن في انفجار سيارة مفخخة وخمس عبوات ناسفة وعبوة لاصقة، وسقوط قذائف هاون.

وفي مناطق متفرقة من محافظة نينوى شمالي العراق، قتل شرطي ومختار (مسؤول محلي)، واصيب اربعة اشخاص بجروح في انفجار سيارتين مفخختين وعبوة ناسفة وهجوم مسلح.

وافادت المصادر ان 19 شخصا اصيبوا بجروح في انفجار سيارتين مفخختين في محافظة بابل (100 كم) جنوب بغداد، كما اصيب 15 شخصا بجروح في انفجار سيارتين مفخختين في مدينة الناصرية (350 كم) جنوب بغداد.

وذكرت ان انفجارا بعبوة لاصقة وقع في احدى سيارات موكب الشيخ سعيد اللافي المتحدث باسم المتظاهرين في مدينة الرمادي (110 كم) غرب بغداد، ما ادى الى مقتل احد افراد حمايته، واصابة اثنين اخرين بجروح، مؤكدة ان اللافي نجا ولم يصب.

وقالت المصادر إن ثلاثة من عناصر الشرطة اصيبوا بجروح في انفجار عبوة ناسفة استهدف دوريتهم شرقي الفلوجة (50 كم) غرب بغداد.

وتعد هذه التفجيرات من اعنف الهجمات واوسعها منذ انسحاب القوات الامريكية من العراق نهاية العام 2011.

وتأتي هذه الاعتداءات قبيل أيام من اجراء الانتخابات المحلية في 12 محافظة عراقية السبت المقبل، ورغم تشديد اجهزة الامن من اجراءاتها في كافة المحافظات.

 يأس الارهابيين في الصومال

وقبل انفجارات العراق بساعات قام مسلحون بتنفيذ سلسة هجمات منسقة استهدفت محكمة مقديشو ومكتب الإدارة المحلية للمدينة اسفرت عن مصرع 20 شخصا من بينهم 9 من منفذي الهجمات.

وأدان الرئيس الصومالي حسن شيخ محمد بشدة اليوم تلك الهجمات المروعة التي استهدفت أماكن حكومية في العاصمة مقديشو. وقال الرئيس “هذا الهجوم يعد دليل على اليأس فقط من جانب الارهابيين، لقد فقدوا جميع معاقلهم وانهارت قواهم تماما في جميع أنحاء الصومال”.

يذكر أن مسلحين من بينهم انتحاريين اقتحموا مبنى محكمة مقديشو وقاموا بإلقاء قنابل يدوية وفتحوا النار على الموجودين، في حين انفجرت سيارة مفخخة خارج مقر المحكمة.

كما انفجرت سيارة مفخخة أخرى في الطريق الرئيسي المؤدي لمطار مقديشو الدولي مما أسفر عن مصرع 2 من السكان المحليين و2 من المواطنين الأتراك الذين كانت سياراتهم تمر بالصدفة من المكان وقت حدوث الانفجار.

وقال الرئيس الصومالي “الصومال تحرز تقدما وستواصل المضي قدما ولن تمنعها مجموعة من الارهابيين اليائسين من تحقيق هدفها النبيل وهو صومال مستقرة سلمية”.

قام الرئيس الصومالي بتقديم تعازيه للمصابين وأسر ضحايا “الهجوم الارهابي الجبان الذي استهدف مدنيين صوماليين أبرياء”.

من جانبه أعرب رئيس الوزراء الصومالي عبدي فرح شيردون عن “مواساته وتعازيه” للضحايا والمصابين. وأشاد بدور قوات الأمن الصومالية في التعامل مع الهجوم.

وقال رئيس الوزراء “لا يوجد شيء إسلامي في قتل صوماليين أبرياء. إنها مأساة لجميع المتضررين. والواقع هو أن عدونا يضعف ويتراجع في جميع أنحاء الصومال”.

أعلنت جماعة الشباب المتطرفة مسؤوليتها عن هجمات مقديشو التي جاءت بعد أيام قليلة من تحذير الحكومة البريطانية من هجوم إرهابي وشيك على العاصمة الصومالية.

العنف في افريقيا الوسطى

وما بين بغداد وبوسطن، تستمر المعارك في سورية، وتشتعل المواجهات في ميانمار، ويتواصل العنف في مالي ونيجيريا وميانمار.

ففي ياوندى عاصمة جمهورية افريقيا الوسطى لقى ما لا يقل عن عشرين شخصا مصرعهم فى اشتباك وقع فى نهاية الأسبوع بين ائتلاف سليكا المتمرد ومجموعة من الميليشيات تساند الرئيس المخلوع فرانسو بوزيزى، وكان متمردو سيليكا استولوا على السلطة فى جمهورية افريقيا الوسطى يوم 24 مارس وأقصوا بوزيزى بالرغم من توقيع اتفاقية ليبرفيل للسلام يوم 11 يناير.

وقال عضو بالمجلس الانتقالى الوطنى لم يحدد اسمه ان ” عملية قامت بها سيليكا للتخلص من اسلحة تحولت إلى حوادث سرقة واغتيالات واختطاف فى بانجوى.

وأفيد أن ما لا يقل عن عشرين شخصا قتلوا فى أقسام مختلفة من العاصمة. وشعر السكان بالصدمة ويعيشون فى خوف. ومن ثم فإن هناك حاجة ملحة لنزع سلاح سيليكا”.

وتجدر الإشارة إلى أن القتال اندلع بعد تشكيل المجلس الانتقالى الوطنى للعمل كبرلمان انتقالى خلال ال 18 شهرا القادمة. وفى يوم السبت انتخب المجلس مايكل دجوتوديا زعيم الائتلاف المتمرد رئيسا مؤقتا.

ووفقا للمصدر يحاول المتمردون استعادة الاسلحة الموزعة على الميليشيات من جانب الرئيس المخلوع، لكن العملية تحولت الى العنف.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات