إمبراطورية تركيا الكبرى والتحديات التي تعرقل المشروع التركي

08:24 مساءً السبت 27 أبريل 2013
أحمد محمد حسن

أحمد محمد حسن

كاتب ومخرج بالتليفزيون المصري، القاهرة

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

حالة الاحباط لدى الأتراك تجاه الإتحاد الأوربي الذي يبدو غير مستعد لقبولهم عضوا فيه..وبسبب التوترات القائمة بين الدين والعلمانية إستغل أفراد الطبقة الحاكمة من المتدينين المسلمين ومنذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم عام 2002 حالة الحنين إلى الإمبراطورية العثمانية كوسيلة لتحدي النخبة الموالية للغرب التي ظهرت خلال حكم كمال أتاتورك وللمساعدة على تشكيل هوية قومية لتركيا كدولة تطمح في لعب دور إقليمي ريادي في محاولة العودة للعثمانية .

رفض الإتحاد الأوربي لعضوية تركيا دفع حزب العدالة والتنمية للتركيز على الإقتصاد ولعب دور قيادة الدول الإسلامية وإحياء القومية التركية في دول آسيا الوسطى والقوقاز المتحدثة بالتركية ومحاولة الإستفادة من ثورات العالم العربي وكيف إستغلت تركيا الحرب الإسرائيلية على غزة وتعرض أسطول الحرية التركي للقرصنة الإسرائيلية قبالة شواطئ غزة لتكون معبرا إلى المشهد السياسي العربي وكيف إستغلت تركيا القضية الفلسطينية لتعيد الحكم العثماني القديم لإطلاق ما يسمى ب”تركيا الكبرى” .

ويرى أغلب المحللون أن تركيا تسعى إلى الإمساك بالعصا من كافة الأطراف لأن المصلحة العليا لتركيا هي الركيزة الأساسية التي تستند عليها طبيعة المواقف السياسية تجاه ما يدور في فلك المنطقة لا سيما أنها تسعى إلى إستعادة بريق مجد أفل منذ عهد بعيد إلى جانب رغبة جامحة في الإنصهار مع القطب الغربي من العالم .

ومن هنا تظهر التحديات التي تواجه تركيا في إحياء العثمانية الجديدة فيما يلي :

•فشل تركيا في بسط نفوذها على آسيا الوسطى والقوقاز على خلفية القومية التركية ويرجع هذا لعدة عوامل منها تخلي بعض دول آسيا الوسطى عن القومية التركية على مقاسات اسطنبول ورفضها لتركيا كأخ أكبر وتعصبها لقومياتها المحلية والخلافات الثقافية وتنامي التيارات المناهضة لل

الهوية الإسلامية تعوق قبول تركيا ضمن الاتحاد الاوربي

قومية التركية كالقوميات المحلية والتيار الإسلامي حيث يعد التيار الإسلامي في آسيا الوسطى أكبر منافس للقومية التركية بل والقوميات المحلية .

•حزب العدالة والتنمية تشوبه الضبابية خاصة مع إحتمالات حدوث أي تطور مفاجئ من قبيل انقلاب النخبة العسكرية عليه أو تراجع دوره أو إنتهائه في الحياة السياسية التركية بما يطيح بالمشروع برمته .
•هناك تباين في التوجهات التركية الداخلية خاصة من قبل الأكراد الذين يشعرون بالإضطهاد والتهميش داخل تركيا .
•وعلى المستوى الإقليمي تقف إسرائيل وإيران كحجر عثرة أمام إطلاق مشروع تركيا الكبرى فإسرائيل مهتمة بالتركيزعلى البعد الأمني في المنطقة وعلى إعادة فرض دورها كذراع أمنية للولايات المتحدة الأمريكية عشية إنسحاب القوات الأمريكية من العراق والحيلولة دون محاولة أي لاعب إقليمي النهوض من جديد من جهة ودون تحقيق السلام الذي يحد من من طموح إسرائيل ويكبلها من ناحية أخرى .

مقومات امبراطورية؟

•أما إيران فهي تحاول إستغلال التحولات التي طرأت على المنطقة منذ عام 2001 والتي تمثلت في إحتلال أفغانستان والعراق من قبل الولايات المتحدة الذي شكل فرصة تاريخية بالنسبة إليها وسمح لها بالخروج من عزلتها وأصبح يمكنها إختراق منظمات المقاومة العربية مثلما يحدث مع حزب الله في لبنان وحركتي حماس والجهاد الإسلاميتين وبعض الفصائل الفلسطينية ومحاولة بناء قوة نووية يعترض عليها الغرب والولايات المتحدة بقوة ، وهنا تكمن الخطورة أمام المشروع التركي الإقليمي الذي يعتمد بقدر كبير على المقومات الخارجية مما يجعله رهينة لنيات الآخرين ومشاريعهم .

ولهذا تريد تركيا على الأقل من المنظور العربي أن تلعب الدور “المتوازن” ضد الدور الإيراني الذي يريد الهيمنة على المنطقة بالكامل خاصة وأن طهران تهدد منطقة الخليج نوويا وبإغلاق مضيق هرمز أمام الملاحة والذي يعتمد عليه الخليجيون في تصدير 80% من نفطهم إلى العالم .

ومن أجل هذا أيضا لم تشأ تركيا أن تترك قضية الصراع العربي الإسرائيلي للاعبين آخرين في المنطقة مثل إيران خاصة إذا كان العثمانيون الجدد يبحثون عن مجد يربط بلادهم بالأذهان العربية ولفترات طويلة حتى وإن لم تمتد إلى 400 عام هي عمر الدولة العثمانية .

ويحكم التوجه التركي نحو البلدان العربية إستراتيجية واضحة حددت القيادة التركية أهدافها فقد أعلنت أكثر من مرة بأنها لا تبحث فقط عن أسواق لمنتجاتها في الساحات العربية والإفريقية بل تطمح لبناء شراكة إقتصادية متينة تساهم في حركة التنمية وترقى بهذه العلاقات إلى خانة الإستراتيجي .

وفي المنتدى الإقتصادي الذي عقد في اسطنبول العاصمة الإقتصادية للجمهورية التركية عام 2010 قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان : نحن لا نتشارك الجغرافيا والهواء فحسب بل نتشارك أيضا التاريخ والحضارة والثقافة وذكر أردوغان باللغة العربية أن الجار قبل الدار وتعهد بأن تقدم تركيا أضخم التسهيلات للمستثمرين العرب وأنها لن تهتم بمن يشكك في توجهات الإنفتاح الشامل على كل الدول العربية .

ويقدم الرواج التركي الحالي لكل شئ يرمز للحقبة العثمانية بدءا من الأعمال الدرامية التاريخية المتزايدة ووصولا إلى الخزف الصيني المزين بالرسوم العثمانية دليلا في نفسه على هذا الإتجاه بل إن بعض المطاعم تقدم خلال شهر رمضانأطباق كانت شائعة خلال الحقبة العثمانية .

وقد وصلت النزعة العثمانية إلى الشباب الأتراك حيث يرتدي الشباب في العشرينات داخل أندية الرقص بمدينة اسطنبول “تي شيرتات” عليها شعارات مثل “الإمبراطورية ترد الضربات” أو “الأتراك المرعبون” .

 

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات