يحدث أحيانا أن تعلق في منتصف كتاب ما، منذ الصفحات الأولى لم تجد فيه ما يجذبك ويستهويك و في الوقت نفسه تريد أن تكمله كي تعرف سر شهرته وتحقيقه أرباحا وصدور ثلاث طبعات منه، تقاوم رغبتك القاءه جانبا والبدء بقراءة جديدة فأكوام الكتب في ازدياد وهناك ما يستحق الاهتمام، وفي الوقت نفسه أنت لم تصل لدرجة النفور الكامل من الكتاب الذي بين يديك، مازال لديك بعض الفضول للوصول للنهاية البعيدة!
هذا ما حدث معي مع رواية (الفيل الأزرق) للكاتب المصري أحمد مراد، والتي حققت نسبة قراءة عالية وتم تحويلها لفيلم سينمائي جار الآن تصويره في القاهرة، بطولة كريم عبد العزيز ونيلي كريم. بالتأكيد الفيلم سيحقق المزيد من الشهرة للرواية التي كتبت أصلا بأسلوب أفلام الجريمة و الغموض.

ما أثار استغرابي هو أن مقومات الكتابة الإبداعية متوافرة في الكاتب وبعضها واضح جدا بين الصفحات، إلا أن الموضوع الذي اختاره ومحاولته الدخول به في طريق الألغاز البوليسية طوح بأطواق الإبداع بعيدا!
اختيار مصائر أبطال الرواية جاء جيدا، والتغلغل في بيئة المرضى النفسيين كان من عوامل القوة، بينما بدا اجترار ثلاثية (التدخين، المسكرات، المخدرات) في كل صفحة في الرواية مزعجا، وكأن البطل لا يفعل شيئا طوال اليوم سوى التنقل بين عوالم الكيف وبينهما فواصل من شرب القهوة ولعب القمار. البطل طبيب نفسي يعمل في (مستشفى العباسية) وعليه مهمة حل أحجية جريمة قتل، وهو ما لا يتناسب مع حالة لاوعيه المستمرة.
الكاتب كان لديه عمق لم يحاول استغلاله في العمل، بارع في عنصر التشويق رغم المط الذي لجأ اليه كثيرا، لغته سهلة وأحيانا تكون محلقة عندما يعمد للتحليل، الوصف متذبذب من بين الإيجاز والإسهاب الممل.
واضح من الرواية قدرة احمد مراد على صنع سيناريو أحداث، ولكن كعمل روائي لم أجده مبهرا ولا حتى جيدا، وقف في منتصف المسافة حائرا، كتاب يصلح لمحبي التشويق والقصص البوليسية وقد يكون مادة جيدة لفيلم لكن كعمل أدبي لم ينجح في ترك اثر.

*رواية (الفيل الأزرق) أحمد مراد، دار الشروق 2012

Tweet