أن تستيقظ.. بدون فكرة

11:49 صباحًا الإثنين 5 نوفمبر 2012
محمد سيف الرحبي

محمد سيف الرحبي

كاتب وصحفي من سلطنة عُمان، يكتب القصة والرواية، له مقال يومي في جريدة الشبيبة العمانية بعنوان (تشاؤل*، مسئول شئون دول مجلس التعاون في (آسيا إن) العربية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

يرزح كثيرون تحت وطأة الفراغ، ليس في عامل الوقت وحده، إنما في جوهر وجودهم وفقدانهم بوصلة الذهاب إلى الأمام، فبوصلاتهم معطلة واقفة لا تتحرك، أو أنها تشير إلى كل الاتجاهات ما عدا نحو الدرب الممتد أمامهم.

ما معنى أن تستيقظ، ولا تمتلك فكرة تقودك في يومك، وبالتراكم يعني ذلك حياتك كاملة؟!

ببساطة: أن تكون لا شيء.

مجرد آدمي يعيش ليأكل، ومضطر للعمل حتى يوفر اللقمة، ولولاها لبقي خاملا يترقب في نهاراته غروب الشمس، وفي لياله شروقها، فيستمر متنقلا بين فك الزمن يصبح ليمسي، ويمسي منتظرا صباحه التالي.

يسير على درب اعتاده، ويخشى أكثر ما يخشاه وجود عائق يجعله يبذل جهدا ليقفز عليه، فيستمر في الدرب وصولا إلى عتبات.. قبره، حيث النهايات مكتوبة في علم الغيب..

أما الناجحون فهم الذين لا يرضون بالعادي والمألوف من الطرق، يريدون أن تكون لهم دروبهم الخاصة التي تميّز خطواتهم عن سائر البشر العاديين، في كل خطوة يفكّرون: أين نحن، وإلى أين المسير؟ .. الخطوة التالية تحتاج إلى تفكير، ثمة فكرة هناك قابلة للحياة، وعليهم أن يفتحوا عيونهم كل يوم وفي أذهانهم فكرة ليمضوا في سبيلها، أعمق من مجرد الذهاب للدوام والخروج باكرا لأداء عمل طاريء، إنها فكرة الحياة (الأفضل).. كيف تتحقق، وأين، وراء أي باب يندس رزق جديد، ومعرفة جديدة، وفرحة تمنحها الحياة لنا حينما نحقق نصرا ولو صغيرا، فالانتصارات الصغيرة تتراكم فوق بعضها البعض لتصنع النصر الكبير، إنجازنا في الحياة، وصعودنا سلما إضافيا.

البعض تزعجه حالة الاستيقاظ بفكرة في رأسه، يشعر بالصداع لأنه لم يعتد مضاجعة الأحلام طوال الليل، والسعي وراءها إذا خرجت الشمس من بين جبالنا الشامخة، أو كما يقول شاعرنا سيف الرحبي في حالة شعرية عميقة، أن كل هذه الذرى أمامنا وحولنا، ولا أحد تركله رغبة الصعود، ما يلتصق بنا رغبة المضي في حالة الاستمرارية مع الفراش نائمين ساعة أخرى، فالعالم سينتظرنا لا محالة، مطبقين الحكمة العمانية الجميلة “الدنيا ما دايره تطير”.. والدنيا مالها حالها!

أين نحن الآن.. واقفون، أو جالسون.. أونائمون؟ نبدو كأننا لسنا معنيين بالإجابة كثيرا..

إلى أين نمضي؟ .. قد لا نملك فكرة واضحة عن ذلك.

فثقافة المشوار الحياتي المنتشرة هي أن الأهم وجود فكرة.. ولكن ليس من أجل العمل، وإنما ليقتنع بها المدير كمبرر لغيابنا عن الدوام (وليس العمل).

هناك من يسعي نحو الأفكار.. وهناك من لا يجد في رأسه فكرة، طار النوم بها، ولم يحطّ بعد كي نستعيد فكرة تعيدنا إلى جوهر وجودنا ومقاصده.

إذن: أعطني فكرة.. وارمني في البحر.. بحر الحياة المتلاطم ليس من حولنا، وإنما داخل أكبادنا.. ومراراتنا.

 

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات