لغة الأشياء / ربيع (آراب آيدول)

08:08 صباحًا الإثنين 13 مايو 2013
باسمة العنزي

باسمة العنزي

روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

مساء كل جمعة وسبت وأنا أتابع برنامج «اراب ايدول»… اشعر بأن ما يقدم لنا ليس إلا محاولات ساحرة للسفر ببطاقات الفن الذهبية لعوالم بعيدة عنا، نصفها الخيال ونصفها الآخر الحقيقة التي تم تجميلها.
المشاركة السورية التي تقف بفستان السهرة الأسود تصدح بأغنيات فرحة مستمتعة بتفاعل الجمهور، من يشاهدها لا يظن أبدا أن أبناء بلدها يعيشون أقسى محنة وسط برك الدماء وعبث الطغاة. عيونها ترنو لمديح وإشادة اللجنة، ابتسامتها الرائقة تحلق في زوايا المسرح وكأنها هبطت للتو من فوق غيمة سلام لا جسر من الجماجم والمصائر المبعثرة!
لا خلافات ولا أحقاد ولا بشاعة والفن يغمر المكان، وضع مثالي تضن به السياسة علينا. المتسابقون جميعا أمام هدف واحد ولجنة التحكيم تتحرك في اطر الموهبة والنصيحة والتشجيع.بحياد ونزاهة ظاهرة، الجمهور يهتف بأسماء المشاركين من المواهب الواعدة، رغم أنهم خارج الصالة يهتفون بأسماء مختلفة ومتنافرة لأحزاب وزعماء و ربيع ثورات وحرية، منهم العنيف والمسالم و الطيب والشرير، يحملون هموما متباينة وقد يتقاتلون في ظروف أخرى، لكنهم جميعا على كراسي المتفرجين يبدون في أجمل حالاتهم يعبرون عن تشجيعهم بلافتات عليها قلوب وأسماء ملونة، يحملون بالونات وأعلام دول ممزقة من الداخل، ينصتون جيدا للألحان وهي تلف القاعة الجامعة للكل.
العالم يبدو رائقا و يعيش أقصى حالات السلام والتآخي والمحبة، الأزياء الجميلة والوجوه النضرة ولمعان درب النجومية، الكلام الذي لا يجرح ولا يتسبب بكوارث، النعومة والمرونة والروح الرياضية.الاهتمام بالتفاصيل فلا أخطاء ولا تراجع في المستويات، الأمل سيد الموقف والتسلية هي الهدف.
مجوهرات أحلام التي لا تشي بأن فقرا يعم العالم العربي، وهدوء نانسي الذي ينسينا صراخ ضحايا السياسة، وديبلوماسية راغب علامة التي لو امتلكها بعض الساسة لساد السلام دهرا، وخبرة حسن الشافعي التي لا توحي بسماكة طبقة الأمية والجهل في بلداننا العربية. كل ذلك يبعدنا عن مناطق النار والاشتباك والنزاع والفقر والجهل. يحملنا على جناح طائر أبيض لكوكب الأمنيات البعيد.
يغني المشارك من فلسطين وهو يطلب ملوحا بيده للجمهور أن يصوت له، وبعده آخر من العراق ومصر ولبنان فتظن أن المشاكل التي تدفعها لنا وسائل الإعلام يوميا اختفت بعصا سحرية!
يظهر المشارك السوري ليغني المقامات الحلبية ويطرب الجمهور فتزهر براعم الليمون وتتنفس أشجار الزيتون. ويعود اللاجئون لقراهم ومنازلهم بطمأنينة.ينتهي الحفل، ينفض الحضور، نغير المحطة، نخرج من عالم (اراب ايدول) الوردي، تتلقفنا نشرات الأخبار بتفاصيل مروعة وسوداوية عن آخر الأحداث في المنطقة من دون مواهب واعدة!

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات