كارثة بنجلاديش: هل هناك أمل لحقوق العمال؟

08:04 صباحًا الخميس 16 مايو 2013
شفيقول بشار

شفيقول بشار

كاتب وصحفي، رئيس فرع (جمعية الصحافيين الآسيويين)، بنجلاديش

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

الجيش قاد الإنقاذ لعشرين يوما (أ.ب)

دكا – في مساء يوم الاثنين الماضي (13 مايو) وبعد 20 يوما من وقوع الكارثة، اختتمت عملية الإنقاذ من تحت أنقاض المبنى ذي التسعة طوابق (رنا بلازا ) الذي انهار في سافار قرب عاصمة بنجلادش دكا، وتم انتشال ما مجموعه  1127 جثة من تحت ركام المبنى الذي يضم خمس مصانع للملابس الجاهزة (RMG)  وكان يوظف حوالي أربعة آلاف عامل معظمهم من النساء، فيما تم انقاذ حياة   4382 شخص بواسطة المهمة التي قادتها بقيادة قوات من الجيش.

انهيار بناية رنا بلازا، التي تعتبر أسوأ حادث صناعي في بنجلاديش، وقعت صباح يوم 24 أبريل عندما كانت مصانع الملابس هناك تعمل جميعها. لوحظ وجود تصدعات في عدة أماكن من المبنى قبل يومين، ولكن أصحاب المبنى وكذلك مصانع الملابس تجاهلوا الأمر وأجبروا العمال على مواصلة العمل. انهار المبنى الضخم ذو التسعة طوابق في غضون دقائق، ولم يعط العمال أدنى فرصة للهروب بأرواحهم أو تجنب الإصابة.

بعد 20 دقيقة فقط من الانهيار، بدأت عملية الانقاذ من قبل فريق من الجيش برئاسة لواء جنبا إلى جنب مع خدمة الإطفاء والشرطة، وغيرها من عمال الانقاذ غير الحكومية. كانت مهمة صعبة للغاية بالنسبة لرجال الانقاذ كما حوصر الضحايا في أطنان من الحطام الخرساني. ومع ذلك، وخلال الأيام الستة الأولى من العملية، تم انقاذ   2437 شخص بقوا على قيد الحياة وبعد 17 يومًا، تم انقاذ فتاة تبلغ من العمر 19 سنة نجت بمعجزة بعد البقاء تحت الانقاض مع زجاجة ماء وبضع قطع من البسكويت.

الآن، تنتهي عملية الانقاذ مع ييومها العشرين، رسميا، لكن كارثة رنا بلازا أصابت صناعة الملابس في بنغلاديش بزلزال خطير خاصة وأن عوائد البلاد يأتي حوالي 80 في المئة منها عبر صادرات تلك الملابس. لدى بنجلاديش 4 آلاف مصنع للملابس يعمل بها أكثر من أربعة ملايين عامل، معظمهم من النساء،. وتقدم ريعا يبلغ أكثر من 20 مليار دولار أمريكي سنويا عبر تصدير الملابس الجاهزة يأتي معظمها من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا.

وعلى الرغم من أن قطاع الملابس يوفر للبلاد جزءا كبيرا من عائدات النقد الأجنبي، إلا أن مصانع الملابس الجاهزة وعمالها يعيشون في حالة بائسة. وتقع معظم مصانع الملابس في مبان ليست مناسبة لهذا الغرض، لأن تدابير السلامة ـ مثل مخارج الطواريء ـ ليست كافية. ونتيجة لذلك، شهد عدد من مصانع الملابس حوادث خطيرة مثل انهيار مبنى أو حوادث الحرائق وهي الحوادث التي أودت بحياة  1514 عاملا وعاملا خلال 23 سنة مضت.

وإلى جانب الحالة دون المستوى لمصانع الملابس، يعيش العمال حياة بائسة بسبب الرواتب الفقيرة. يحصل العامل على 40 دولارا أمريكيا في الشهر، وهو مبلغ ضئيل للغاية لسد متطلبات الحياة. وعلاوة على ذلك، فإن ظروف العمل ومرافق العمال ليست مرضية. ومع ذلك، يجبرون على العمل بتلك الرواتب البائسة، والحالة الإنسانية المزرية لأنه ليس لديهم بديل. كما يحرم العمال في مصانع الملابس من الحقوق النقابية أيضا.

في أعقاب مأساة انهيار مبنى سافار والخسائر في الأرواح التي تجاوزت الألف من عمال صناعة الملابس، أثارت حالة صناعة الملابس في بنغلاديش وعمالها ـ بعد بروزها للسطح ـ انتباه جميع الأطراف المعنية في الداخل والخارج.

المنظمات الدولية لحقوق الإنسان أثارت تساؤلات حول سلامة ومستوى الحياة في بنغلاديش عمال صناعة الملابس. البابا فرانسيس علق على صناعة الملابس في بنجلاديش ووصف عمالها بأنهم ‘سخرة’. ودعا الحائز على جائزة نوبل البروفيسور محمد يونس من بنغلاديش إلى تقديم أجور عادلة لعمال مصانع الملابس من شأنها أن تسمح لهم أن يعيشوا حياة كريمة. وقال – “نحن لا نريد أن نبني مجد أمتنا على أنقاض العبودية ولكن على مهاراتنا وفكرنا”.

كما أثارت مأساة انهيار مبنى سافار والخسائر في الأرواح من عمال صناعة الملابس مخاوف في الساحة التجارية الدولية. تجار التجزئة أو المشترون الأجانب للملابس البنجلاديشية يواجهون أيضا انتقادات لأنهم يشترون الملابس من هذا البلد بسعر رخيص جدا ويكسبون بالمقابل أرباحا ضخمة.

الآن يقع هؤلاء هم تحت ضغط رفع سعر الملابس في بنجلاديش واتخاذ خطوات لضمان وجود مرافق أفضل للعمال. “يجب على تجار التجزئة أو المشترين الأجانب اتخاذ المبادرة لتحقيق ذلك جنبا إلى جنب مع الشركات المحلية المصنعة لأن تجار التجزئة يتمتعون بمزايا جمة”، كما يقول محلل لقطاع الأعمال.

وفي الوقت نفسه، يأتي تجار التجزئة الأوروبية الرائدة بما في ذلك H & M، وزارا انديتكس لضمان وجود مناخ ملائم لصناعة الملابس في بنجلاديش يوفر سبل سلامة المباني المستخدمة في صناعات الملابس في البلاد. واتفق تجار التجزئة لتوقيع اتفاق مع حكومة بنجلاديش والسلطات المعنية في هذا الصدد.

هذا هو الخبر السار، دون شك، وتلك هي المرة الأولى التي يظهر تجار التجزئة الأجانب الاهتمام بصناعة الملابس الجاهزة وعمالها. ويمكن أن تساعد مبادرتهم صناعة الملابس في بنجلاديش لتظل على قيد الحياة، بل وتزدهر.

وأجازت حكومة بنجلاديش، يوم الاثنين مشروع قانون جديد للعمل من شأنه أن يعطي الحرية للأنشطة النقابية لجميع العمال. ويقدم قانون العمل الجديد المزيد من الحقوق والتسهيلات للعمال الصناعيين وذلك من شأنه أيضا أن يمهد الطريق للحقوق النقابية لعمال صناعة الملابس.

لقد أودت مأساة سافار بحياة أكثر من ألف شخص وفتحت أعين جميع أصحاب المصلحة، حيث يجب أن تحل المشكلات في الوقت الراهن لإنقاذ الصناعة والعاملين فيها وحماية تجارة التصدير في البلاد.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات