المدونة: سارة حسين
مدونتها: قلم سارة
كنت حتى فترة قريبة – قبل قيام ثورة 25 يناير – مؤمنة بأن ثورة للجياع ستحدث في مصر و أن الفقراء لن يتحملوا أكثر من ذلك ، و لكن بعد الدعوة إلى ثورة 25 يناير و قيامها فعلاً و نجاح جزء صغير من مطالبها حتى لحظة كتابة هذه السطور أعتقد أن نظرية ” ثورة الجياع” قد لا تصلح مع مجتمعنا ؛ هذا لأن مـَن قام بالثورة كانوا من الطبقة المتوسطة المتعلمة المثقفة التي حصلت على قدر من الحياة الكريمة من حيث فرص الدراسة و الثقافة و العمل و انضموا لهم بعد ذلك بقية الطبقات الاجتماعية و هذا أمر طبيعي في الثورات .
و هذه الطبقة المتوسطة خرجت تنادي بشعارات قد تبدو للبعض مجردة المعنى و تفسيرها قد يحمل وجهات نظر مختلفة و لكنها في حقيقة الأمر تتضمن مشروعـًا قوميـًا لـمصر .. عيش .. حرية .. عدالة اجتماعية .. كرامة انسانية .
أما إذا نظرنا مثلا إلى احتمالـية حدوث ثورة جياع ، فستكون النتيجة خرابـًا على المجتمع ككل ، لأن هذه الطبقة الفقيرة المعدمة سيتصيد كل فرد فيها شخصـًا غنيـًا يعرفه ينتهز الفرصة لغياب الأمن و يستولي على ما لديه من أموال و أملاك – و جزء من هذا حدث في ثورة 25 يناير ليس لأنها ثورة جياع و لكن بسبب الانفلات الأمني المتعمد لإفشال الثورة و تفسيرها للعامة على أنها فوضى لكي يكرهونها – ثم نأتي للنقطة الأهم ، هل ستكون هذه الثورة مدعاة للفخر بين الأمم مثلاً ؟! هل سُتخرج لنا عظماء و مفكرين و أدباء ؟! هل يمكن أن تكون ثورة لفقراء تم تجريدهم و تجريفهم على مدار أكثر من ثلاثين عامـًا و مازالت عملية تجريفهم من كل متطلبات الحياة الكريمة قادرة على بناء مجتمع متحضر يناسب القرن الواحد و العشرين ؟!
لا أعتقد !
فهؤلاء الفقراء المعدمون سيكون همهم كله على تمكنهم من السلطة لكي يظل استئثارهم بالأموال و الأملاك قائمـًا و لن يكون هناك تفكير منظم لإدارة الدولة .
و إذا نظرنا إلى الجانب الآخر من القضية ، فسنرى أن نظام المخلوع و بعده نظام الجماعة يعتمد على سياسة تجويع هؤلاء الفقراء ثم امدادهم لحظة الحاجة إليهم بالطعام و المال كي يظلوا دائمـًا تحت سيطرتهم يستخدموهم كيفما يريدون و أينما يشاءون !
إذا ، كيف تكون مصلحتهما في تغيير نمط معيشة هؤلاء و انتشالهم من الفقر و العدم !؟
نحن في مرحلة نحتاج فيها لإعادة التفكير في المسلمات و الأفكار و العقائد التي كنا نعتنقها من قبل ، و لا يجب علينا الاستسلام للقوالب الجاهزة التي تـُحجم من المجتمع و تحصره في نطاق ضيق كثورة الجياع أو إصلاح المجتمع لا الثورة عليه . و أعتقد أن الأمل الحقيقي في الطبقة المتوسطة الواعية التي خرجت و مازالت تخرج و تدفع الثمن غاليـًا من دمها و وقتها و روحها و أعصابها و حياتها من أجل رفعة مصر و أن هؤلاء هم حملة التغيير الحقيقي للمجتمع و أصحاب الرؤية لمصر أفضل لا فقراء مستسلمون أمام كسرة الخبز و لا لمتاجرين بالدين و لا بدماء الشهداء !
مؤسس جمعية الصحفيين الآسيويين، ناشر (آسيا إن)، كوريا الجنوبية
الرئيس الشرفي لجمعية الصحفيين الآسيويين، صحفي مخضرم من سنغافورة
روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.
آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov
كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.