بستان التاريخ: الياسمينة الثانية

الطفلة هنا

الدهشة والاثارة رفعت درجة حرارتي . عندما ضممت الى قلبي هنا. نهر متماوج في روحي وعقلي . هذه الطفلة هنا التي جاء زمنها لهذا الزمن في 24/2/2013 . انها لحظة عناق ما بين زمن وزمن . انها لحظة امتزاج ما بين تراب وتراب .

رأيتها تذهب للمدرسة وتقول لصديقاتها : ان أبي من الأردن وأمي من كوريا الجنوبية . جدتي من أصول سورية وأمها من أصول تركية . ولكن ماذا لو كتبت لها منذ الآن تاريخنا ولا تقول هنا كان يا ما كان …… وانما سأحاول أن أزرع بذور التاريخ في بستان هناوأيضا لمنيقرأني الآن ولمن سوف يقرأني بعد أن أغادر هذه الدنيا . وكان يا ما كان يا هنا . ان نجوى ( جدتك ) هي من بلاد الشام ، وأبوها أيضا من بلاد الشام . أما أمها فهي ذات أصول تركية . وكان يا ما كان يا هنابوهأبوها أبوها أن تزوجت كاتيه ( أمي ) وشاكر ( والدي ) في مدينة دمشق .

دمشق يا هنا الآن تناضل بسهولها بجبالها بشبابها من أجل الحرية . دمشق يا هنا الآن تقصف بالقنابل بالمدافع لأن الشعب السوري يريد الحرية من هذا النظام . ان نجوى الآن تعيش هذا الحزن العميق مع الأمل بأن تستطيع أن تزور بيتها في دمشق . فأنا مثلك تماما يا هنا . أستعيد الآن صورة جدي وجدتي المرسومة على السحاب ، وأستعيد حنان جدتي على روحي وعقلي وجسدي . أشعر بيديها تلامسني ، أسمع همساتها في قلبي ، فأستعيد فرحي .

معذرة ، هل أخذت تفكيرك بعيدا ؟ هل شعرت بالحزن ؟…….. اني أحاول أن أكتب لك كيف ترتبط الأشياء ببعضها البعض في هذه اللحظة ، وكيف أني أحاول أن أمسك بالمعاني لأزرعها في بستان تاريخك .

والآن أين كانت محطتنا التالية ؟ .

نعم تزوج أبي بأمي وعاشا فترة قصيرة في دمشق ثم انتقلا الى ما كان يطلق عليه في ذاك الوقت ” شرق الأردن ” ، المملكة الأردنية الهاشمية في هذا الزمن ، وذلك بناء على طلب من أميرها الأمير عبد الله بن الحسين بالاستعانة بالأطباء السوريين للعمل في الأردن . ولكي لا أطيل عليك لم تستطع أمي تحمل الابتعاد عن دمشق والعيش في جنوب الأردن فكان الطلاق .

يا هنا ان الكثير الكثير من الحوادث التي نعتقد أنها لها صفة السلبية هي من منح الله تعالى علينا لاحقا . فكان هذا الطلاق سببا في أن أعيش طفولتي في دمشق ، وأن أكبر وأتزوج في مدينة عمان .واني لأشعر بالامتنان لهذا الذي كان .

تزوجت في الأردن من جدك ، وكان لي ثلاثة أولاد : نجيب مهند أيمن . وأنت الان تودين أن تعرفي أكثر . والدك من الأردن . جيمي والدتك من كوريا وأنت تحملين الجنسية الكندية . كيف حصل هذا ولماذا ؟ .

لظروف متعددة الأوجه ، أردت لأولادي الحصول على الجنسية الكندية لمساعدتهم في امور عدة ن من أبسطها حرية التنقل . فنحن في العالم العربي لدينا صعوبة التأشيرات ما بين بلد عربي وآخر . أيضا ما بين البلاد العربية والأجنبية ، وهذا جزء مهم من التعقيدات التي يعيشها عالمنا العربي . وكان أن حصل اللقاء ما بين أمك وأبيك في فانكوفر …. ليبدأ مشوار طريق الحرير مع ِAsiaNباضاءة وبلون متجدد .

شهادة ميلاد هنا

طريق الحرير

واذا ما جاء يوما ما ، وأمسكت بصور العائلة تسألين عن الأسماء ، عن المواقع… لا بد أن تشاهدي صوري في كوريا … ثم يأتي تساؤلك كيف ذهبت لكوريا ولماذا؟ ليكون جوابي :

لا شيء يا هنا يحدث صدفة. ان الله تعالى يقسم خطواتنا للتقاطع مع خطوات أخرى في الطريق .

ولسوف أرى ابتسامتك منذ الآن عندما أقول لك أن نجوى لا تمتلك جهاز تلفزيون ولا جهاز كمبيوتر ، ولكني اليوم سوف أذهب لشراء كمبيوتر من طراز سامسونج. فوالدتك ترسل لي صورك عبر صديق مشترك . وقد آن الأوان لامتلاك جهاز خاص بي .وماذا لقد ابتعدت عن النقطة الرئيسية ، وهي كيف كان التلاقي والكتابة والزيارة الى سيئول والانضمام الى AsiaN كمحررة .

هنالك انسان امتلك انسانيته هو الصديق أشرف أبو اليزيد الذي تعرفت عليه من خلال مجلة ” العربي ” والذي يساعدني في نشر بعض ما أكتب. هذا الصديق دعاني للمشاركة في انطلاق AsiaN باللغة العربية ، وكان أن زرت كوريا قبل قدومك للدنيا. وعندما وصلت للمطار وكان هنالك Hana Bank . لم أتمالك نفسي من الفرح . وعرفت معنى اسمك . الذي هو رقم (1) باللغة الكورية اما في لغتنا العربية فهو هناء العيش والسلام .

هذه البداية لبستان تاريخك. وللحديث بقية .