التاسع عشر من نوفمبر : ذكرى ميلاد أنديرا غاندى أشهر نساء القرن العشرين

11:53 صباحًا الإثنين 19 نوفمبر 2012
سماح أبو بكر عزت

سماح أبو بكر عزت

كاتبة بجريدة الوطن المصرية ومجلة العربى الصغير الكويتية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

إنديرا نهرو غاندي

في العام الذي ولدت فيه اندلعت الثورة الروسية على بعد آلاف الكيلومترات. ،حلم لها  والدها بمستقبل غامض، عظيم، اسطوري.. ولم تكذب الايام توقعاته، فلم يتح لأي امرأة هندية ان تصل الى المرتبة التي وصلت اليها ابنته.

انها انديرا غاندى التى تحل اليوم ذكرى ميلادها فى التاسع عشر من شهر نوفمبر 1917 م ،
فى كتابها (قصة حياة انديرا غاندى) سردت المؤلفة الامريكية كاثرين فرانك قصة حياتها فقالت
“ارسلها والدها الزعيم نهرو  لكي تدرس في الجامعة التي اسسها شاعر الهند الأكبر: طاغور. وكتب له رسالة خاصة يقول فيها: لا أريد لابنتي ان تكون مجرد امرأة تغسل الثياب وتنظف البيت.. اتمنى ان تدخل معترك الحياة العامة كأي شخص آخر، كأي رجل. ولهذا فمن المفضل ان تشتغل في معمل ما لسنة كاملة، مثلها في ذلك مثل بقية العمال والعاملات. لا ينبغي ان تشعر بأنها متميزة عن الآخرين. فالعمل جزء لا يتجزأ من التربية وهو الذي يشكل الشخصية”.

كان طاغور قد اسس مدرسته (او جامعته) عام 1951 وخلع عليها اسم «مقر السلام». وكان يحاول ان يمزج بين الثقافة الهندية والثقافة الاوروبية. وكانت الجامعة تشمل ثلاثة اقسام: قسم الفنون الجميلة، وقسم الموسيقى، وقسم الثقافة الهندية. وكان الاساتذة يشجعون التلامذة على استخداممهاراتهم واطلاق العنان لمواهبهم الفنية. و كانت الدروس تعطى في الهواء الطلق بين الغابات والانهار. فى هذا الجو الملهم ،عاشت انديرا غاندي فترة الصبا والشباب . فتركت المدرسة في نفسها ذكرى لا تنسى. فكتبت لوالدها فور وصولها للمدرسة قائلة: كل شيء هنا جميل ومليء بالفن والغابات الوحشية .

و لم يكن والدها  راضياً عن زواجها من فيروز غاندي الذي التقت به كزميل دراسة في انجلترا. فقد كان يعتقد انها تزوجت لكي تنحسب من الحياة العامة والمسئولية.
رحل زوجها ،  عام 1964و  أحست انديرا  بفراغ هائل ووحدة كبيرة. شعرت بأنها اصبحت يتيمة برغم اولادها الستة الذين كانوا يدرسون في انجلترا آنذاك ولم تكن تراهم الا قليلاً.

وبعد موت والدها الزعيم نهرو عام 1964م ، وشعرت انديرا  بالكآبة العميقة. وهو نفس الشعور الذي طغى عليها بعد وفاة زوجها الشاب، وإن كانت الصدمة الأولى اشد صعوبة. لم تكن تتوقع ان والدها بشخصيته القوية جداً سوف يموت!و عرض عليها قادة حزب المؤتمر ان تخلفه في رئاسة الوزارة، ولكنها رفضت واعتذرت. وكانت حجتها انها ليست مؤهلة للمنصب حتى الآن. فلا تزال التجربة تنقصها، ولم تكن قد تجاوزت السابعة والأربعين بعد.. وبالتالي فلا يزال الزمن أمامها.

والحق ان هذا الزمن لم يدم طويلاً. فبعد سنتين فقط، أي عام 1966، انتخبت كرئيسة للوزراء. وشعر الجميع عندئذ بأنها ورثت والدها، بل انه تجسد فيها شخصياً. وقد اختارتها مجلة «تايم» الأميركية كشخصية العام ووضعت صورتها على غلافها بالألوان، وكتبت تحتها تقول: “الهند المضطربة بين يدي امرأة!. ”

وصول انديرا غاندي الى رئاسة الوزارة في الهند تزامن مع ظهور حركات تحرير المرأة في الغرب. وعلى الرغم من انها قالت انها ليست امرأة متحررة على الطريقة الغربية، إلا ان صحافة الغرب النسائية قالت عنها : اذا كانت انديرا غاندي تحكم بلداً كبيراً كالهند فهذا يعني ان المرأة قادرة على كل شيء.

وفي عام 1971 جرت انتخابات عامة جديدة في الهند. وكانت اضخم انتخابات ديمقراطية تشهدها الهند في تاريخها كله. فقد صوت فيها ما لا يقل عن (150) مليون مواطن ومواطنة. وكانت النتيجة نجاحاً ساحقاً لانديرا غاندي وحزبها. واصبحت اقوى رئيس وزراء شهدته الهند منذ الاستقلال. والواقع انه حتى والدها لم يحظ بكل هذه الصلاحيات والسلطات.

في بداية الثمانينيات كانت الهند مهددة بالتفكك والانقسام. فالصراعات بين الهندوس، والسيخ، والمسلمين، والمسيحيين كانت في اوجها. وكانت هناك اقاليم عديدة تهدد بالانفصال عن الدولة المركزية. وكلما شددت انديرا غاندي من قبضتها على الحكم وقوت النظام المركزي في نيودلهي، كلما زادت الانقسامات في الاقاليم البعيدة.

وكان الكثيرون يعتبرون انديرا اصل المشكلة، وفي ذات الوقت المنقذ الوحيد. ففي عام 1984 جرت انتخابات عامة في البلاد وانتخبت انديرا للمرة الرابعة رئيسة للوزراء. و عندما سألها احد الصحفيين عن مشاعرها وقد اصبحت زعيمة الهند مرة اخرى، أجابت: «كنت دائماً زعيمة للهند.. ولكن ماذا بعد الوصول الى القمة؟ يخشى من الانحدار والسقوط».

كان هناك حدث خطير يخبئه لها القدر: ألا وهو مقتل ابنها الكبير «سانجي» في حادث طائرة فوق نيودلهي. ومن المعروف انها كانت تحضره لخلافتها في رئاسة الحكومة. وكان وقع الخبر عليها كالصاعقة. فبعد ان فقدت زوجها ووالدها تفقد الآن ابنها وهو في عز الشباب.. والبعض يقول ان الامر ليس حادثاً وانما مسألة اغتيال مدبرة من اجل زعزعة أمه وتدميرها نفسياً.

اصبح جميع من حولها يشعرون بأن حياتها في خطر. وعندئذ حاول وزير الدفاع ان يقنعها بتغيير حرسها الشخصي فيصبحون من الجيش بدلاً من الشرطة. ولكنها رفضت وقالت: انا رئيسة حكومة ديمقراطية منتخبة عن طريق الشعب ولست ديكتاتوراً وصل الى السلطة عن طريق انقلاب عسكري. فلماذا تريدني ان اخاف على نفسي؟ ولكنها على الرغم من ذلك قبلت بإضافة عناصر حرس جديدة.

وطلب رئيس المخابرات عزل جميع الحرس الذين يعود اصلهم الى طائفة السيخ لأنهم لا يؤتمنون.. ولكن على الرغم من كل هذه الاجراءات والاحتياطات فإن مصير انديرا كان لا يزال مهدداً. فرئيس المخابرات ما كان يتوقع ان تجيء الضربة من داخل بيت انديرا غاندي.. وهكذا قتلت من قبل حرسها الشخصي بالذات وقبل ان تغادر منزلها بدقائق معدودات.فى 31 اكتوبر عام 1984 وانطبق عليها المثل القائل: «من مأمنه يؤتى الحذر.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات