في حضرة “القاهرة”.. الحائرة

09:45 صباحًا الثلاثاء 20 نوفمبر 2012
محمد سيف الرحبي

محمد سيف الرحبي

كاتب وصحفي من سلطنة عُمان، يكتب القصة والرواية، له مقال يومي في جريدة الشبيبة العمانية بعنوان (تشاؤل*، مسئول شئون دول مجلس التعاون في (آسيا إن) العربية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

كلما عدت من القاهرة شعرت أنني أحتاج إلى المزيد من الوقت لأكتشفها أكثر، وأتعرف عليها بما يوازي مكانتها..

لكن القاهرة لا تزال حائرة..

لم تحسم أمورها بعد، لا الإخوان قادرون على هضم انتصارهم في معركة الصناديق، ولا الشباب راضون عما آلت إليه ثورتهم، والشارع متأرجح بين أمل في (بكرة) تناءت، وإحباط من الغد الذي لا يأتي إلا بالمزيد من المعاناة.. والإعلام المصري يوسع دائرة المتاهة أكثر، فقد (أغلبه) مهنيته ومصداقيته وانحدرت لغة الخطاب والحوار إلى مستويات لا تليق برسالة يجد ربها أن تأخذ الوطن إلى المرساة الآمنة، لا تربك الموج تحته أكثر، وتفتح طاقات الزوابع والعواصف على أشرعته أقوى.

حين انكشفت الثورة عن رحيل مبارك ارتفع منطاد الأمل عاليا: “كل الأماني ممكنة”.. واقتربت كثيرا، المليارات المنهوبة ستعود للشعب، وأخرى لن تنهب لتبقى من أجله، والشعب يقع ما يقارب نصفه تحت خط الفقر، أي أنهم أكثر من كونهم فقراء.

أغلب من صادفتهم من المصريين يعبرون عن إحباطهم بكلمات أشعر معها أنه لو أقيمت انتخابات مبكرة لما عرف الإخوانيون طريقهم إلى السلطة مرة أخرى، يصفونهم بنعوت بعيدة عن الإسلام ومبادئه، حيث الثبات على الرأي وعدم المراوغة والانغماس في لجة السياسة بما فيها من تنازلات قد لا تتصالح مع أفكار الدين..

إنما على الخط الآخر من يقول بأنه يجب أن يمنحوا فرصة، الوقت اللازم، فمصر ليست دويلة صغيرة يمكن العبور بها سريعا، إنما كتلة هائلة من القوة البشرية، وأعظم منها من المشاكل والتعقيدات والصخب السياسي الكبير حيث يصيب الممسك بالسلطة بالدوار وهو يرى معارضة لا تريد إلا قول (لا).. لكل شيء، صحيح كان أو على خطأ.

وفي ظل إعلام تتقاذفه الأهواء فإن حيرة المواطن المصري كبرت فوق قدرته على إيجاد خيوط عقدتها وفكّها بما يمنحه الرؤية الصحيحة (قدر الإمكان والإمكانية).

قبل أيام اضرب عمال محطات المترو فتحولت شوارع القاهرة (وأرصفتها) إلى موقف سيارات هائل، اختنقت المدينة وهي التي بالكاد تستطيع أن تتنفس لفرط ما بها من بشر وعربات، تصريح (إخواني) اعتبر الإضراب إرهابا، بمعنى أن المضربين ليسوا إلا إرهابيين، وربما وصفهم آخرون بأنهم أصحاب فتنة تجب مقاتلتهم!

من الصعب مطالبة الحاكمين (الجدد) في مصر بمعجزات تغيّر وجه الحياة المصرية خلال بضعة أشهر، لكن هل حقا هناك بوصلة تقود المجتمع بتبصر إلى التقدم خطوات، مهما بدت بطيئة وثقيلة، كون أن الأقدام التي رزحت تحت وطء القيود تحتاج إلى زمن كي تتعلم الخطوات الصحيحة.

مصر، بين متفائل (بحذر) ومتشائم (بمبالغة) تسعى لاكتشاف زمن ما بعد الثورة، والشباب ليس بأيديهم إلا الفرجة على النصر الذي صنعوه بدمائهم، وجاء الساسة ليقطفوا ثمرته، لكن هكذا هي الثورات، والأمل أن تجد مصر مكانها اللائق بعظمتها، وأن يسعى أبناؤها بذات الوطنية التي تجلت خلال أيام الثورة، من أجل بلد يحتاج إلى العمل، أكثر من صراخ المليونيات، هذه التي لفرط تكرارها لم تعد رسالتها قوية، إنما رسالة العمل من أجل مصر.. هي الأشد فاعلية، ووطنية.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات