واحة سيوة مهددة بانقراض تراثها المعماري الفريد

07:29 صباحًا الخميس 22 نوفمبر 2012
فاطمة الزهراء حسن

فاطمة الزهراء حسن

مخرجة تليفزيونية، وكاتبة من مصر، مستشار شبكة أخبار المستقبل (آسيا إن)

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

سيوة : عمارة فريدة

واحة سيوة بقعة فريدة على أرض مصر  وقبلة حقيقية للجمال الفطري البكر بنخيلها الكثيف وجبالها الصخرية وبيوتها الطينية ذات الأشكال الحرة في العمارة التقليدية هي سيمفونية إلهية وقبلة لعشاق الجمال .

تكتسب واحة سيوة  أهمية تاريخية تعود إلى العصر الفرعوني القديم، فعلى أرضها ترتفع آثار هيكل آمون الذي يقع شرق المدينة والذي نال شهرة واسعة عمت آفاق العالم وكان  الإسكندر الأكبر المقدوني  قد زاره 331ق.م,  كما يوجد بها جبل الموتى والذي يضم آلاف المقابر المنحوتة في الصخور ويرجع تاريخها إلى العصر البطلمي .

أهل واحة سيوة أمازيغ يتكلمون اللغة السيوية  بالإضافة إلى لهجتهم المصرية وهي إحدى تنويعات اللغة الأمازيغية فهي البوابة الشرقية لبلاد الأمازيغ وقد حافظ أهل سيوة على تقاليدهم المحافظة حيث لا تخرج النساء إلا نادرا وفي جماعات لابسات الرداء السيوي المعروف والمزخرف والذي لا تظهر منه حتى فتحة العين فلا تخرج إلا الفتيات الصغيرات دون السابعة عشرة واللاتي لم يتزوجن .

تجري على أرض النخيل وهو معنى إسم سيوة باللغة المصرية القديمة أكثر من 230 عين مياة طبيعية مثل حمام كليوباترا و عين تسمى بئر كيغار وتبلغ درجة حرارة المياة فيها 67 درجة مئوية والتي تحتوي على عدة عناصر معدنية وكبريتية تستخدم في العلاج الطبيعي والشفاء من عدة أمراض كالصدفية والروماتيزم .

تشتهر واحة سيوة وهي الأبعد بين الواحات الأخري فى مصر مثل الداخلة والخارجة والفرافرة والبحرية تشتهر بتمرها وزيتونها ومنتجاته والصناعات اليدوية من سجاد ومنسوجات كما تشتهر بصناعة طرز فريدة من الفضة .

تقع واحة سيوة في الصحراء الغربية المصرية وكانت قد أعلنت محمية طبيعية عام 2002 وتبلغ مساحة المحمية حوالي 7800كم مربع بينما تبلغ المساحة الإجمالية للواحة 55000 كم مربع وتنخفض نحو 18 مترا تحت سطح البحر, وهي تتبع محافظة مطروح إداريا وتبعد نحو 300كم مربع عن ساحل البحر المتوسط إلى الجنوب الغربي لمطروح .

هذا التفرد في التاريخ والجغرافيا والجيولوجيا  والمعمار جعل من تلك الواحة الغناء مقصدا للمبدعين والفنانيين والمستكشفين من داخل مصر وخارجها ولكن أصوات المهتمين بشئون البيئة تعالت مؤخرا محذرة من إنقراض التراث المعماري البديع للواحة إذ يتجه السكان والمعماريون والمقاولون والمستثمرون  إلى إستخدام المواد الحديثة في البناء ناهيك عن الطرز المعمارية الغريبة والتصميمات الهندسية للمباني  والذي يهدد تلك المنظومة الجمالية الرائعة للعمارة في سيوة ذلك فضلا عن إرتفاع المباني عن المستوى المسموح به والذي جرى العرف على إتباعه لتكون المباني كلها بإرتفاع واحد , فبدلا من المباني التقليدية للواحة والتي تسمى مباني الكرشاف والتي تميزت بها سيوة على مر السنين بدأ وجه المدينة يتبدل في عشوائية مرعبة تهدد كل شئ جميل في حياتنا  .

والكرشاف مادة مكونة من الطين المخلوط بالملح الصخري وتتميز المباني المبنية بالكرشاف بسمك جدرانها مما يحقق للمسكن الدفء في الشتاء ويجنبها حرارة الجو في فصل الصيف إلا أن كثيير من مباني الكرشاف إنخفض مستواها عن سطح الأرض في المناطق التي ترتفع فيها معدلات الرطوبة بسبب الإفراط في حفر الآبار , كما أن أقل تيار هواء يتسبب في تطاير الرمال من الجدران ..

لا يستخدم الكرشاف حاليا فى واحة سيوة إلا أصحاب الفنادق والقري السياحية كوسيلة للجذب السياحي والإستفادة من البيئة المميزة للواحة  وقلة من السيويين تكاد تنقرض تدريجيا هم من يعتمدون هذا النهج التقليدي فى العمارة لآنها تستغرق وقتا طويلا في البناء كذلك .

يخشى المهتمون بشئون البيئة والفنانون والمبدعون ومن أخذتهم تلك الواحة الفردوسية على هذا التفرد الذي طالما تميزت به من شبح المدنية و التحديث ومواكبة العصر تلك المفردات  التي أصبحت  مرادفا لمحو التاريخ و الهوية والذاكرة .

 

2 Responses to واحة سيوة مهددة بانقراض تراثها المعماري الفريد

  1. Fatimaalzahraa

    فاطمة الزهراء حسن رد

    23 نوفمبر, 2012 at 10:53 ص

    ناهيك عن مذابح التراث المعماري الفريد التي تقام يوميا وبإطراد في مدينة الإسكندرية وفي بورسعيد , هي منظومة من القبح والتخلف تزحف على تراثنا الفريد لمحو الذاكرة الحضارية لمصر المحروسة .

  2. محمد على حيدا رد

    22 فبراير, 2013 at 7:48 م

    يجب توعيه اهل سيوة اعلاميا بلغتهم حتى يدركوا اهميه موقع سيوة جغرافيا وثقافيا وتاريخيا لأن لن يحافظ على سيوة غير اهلها
    سيوة واحه الشروق للامازيغ
    واحه امون الواحه الاقصى للأحباش فهى المربط الذى يربط بين مصر واثيوبيا

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات