هيمانت ديڤاتي : فراشاتٌ شعرية من بستان الهند

09:16 صباحًا الخميس 24 أكتوبر 2013
أشرف أبو اليزيد

أشرف أبو اليزيد

رئيس جمعية الصحفيين الآسيويين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

هيمانت ديڤاتي؛ المحرر والناشر و المترجم

أقدم لكم اليوم صوتا من الهند. صوت قوي بلغته، هادر بمشاعره، ومؤثر بموجات إبداعه المتدفقة. إنه هيمانت ديڤاتي؛ المحرر والناشر و المترجم، الذي يقيم ويعمل في مومباي. كتب هيمانت ديڤاتي مجموعتين شعريتين باللغة المهاراتية أسستا مساره الأدبي بتيار لغته المحلية، مثلما عرفته باقي الألسن حين ترجمت قصائده إلى الإنجليزية والفرنسية والأسبانية والألمانية والأردية والعربية والجوجاراتية، والبنغالية، والهندية  والأوريا، والتاميلية، والتيلجو، والكانادا، و المالايالامية..

هيمانت ديڤاتي؛ مشاركًا في مهرجان المتنبي الشعري (ثاني الجالسين من اليسار)

نشرت Poetrywala  مؤخرًا كتابه الثالث من القصائد المهاراتية : لحظة دخولك هذه الغرفة ، تبدأ الحياة. فاز هيمانت ديڤاتي بالعديد من الجوائز المرموقة، بما في ذلك جائزة باشا جاناتا باريشاد (كلكتا ، الهند )، وجائزة Aksharrang Lokmat عام 2013 و جائزة مؤسسة ولاية ماهاراشترا. وقد قدم شعره في كثير من الشعر وطنية ودولية و مهرجانات الأدب بأوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا. 

هيمانت ديڤاتي؛ أقصى اليمين، محتفيا بفوزه بأحدث جوائزه الشعرية

ظل هيمانت ديڤاتي يحرر مجلة أدبية أسسها بالمهاراتية Abhidhanantar ، دون انقطاع لمدة 15 عاما . وقد  منحت المجلة شعراء الحداثة لما بعد التسعينيات الذين يكتبون بالمهاراتية نقطة انطلاق للساحة فكانت بوتقة لمواهب مدهشة وشعر راق. أسس الشاعر دارا للنشر قدمت أكثر من 45 مجموعات شعرية.

  

فَرَاشَاتٌ

هيمانت ديفاتي

 

Butterflies

By : Hemant Divate

 

Butterflies

فراشات

 

أمشي في حديقة المُجمَّع السَّكني

أُلقي ملاحظة عرَضًا لصديق:

 

“لا أرى هذي الايام

تلك الفراشاتِ الصغيرةَ ذاتَ الصّفرة الداكِنةِ”،

 

فيجيب عرَضا:

 

“لقد توقف إنتاج هذا الاسم التجاري تمامًا”.

 

 

A Depressingly Monotonous Landscape

for Hiranya

 

فضاء رتيب يبعث على الكآبة

إلى هيرانيا

1

 

كيف لفضاءٍ في عقلي 

أن يفيضَ إلى عقل ابنتي؟ 

 

أمامي تماماً امتداد من

مبان، ومتاجر، وطرقٍ سريعةٍ، ومصانع، وازدحام

وإذا سألتُها أن ترسمَ مخططا لفضاءٍ

سترسم مشاهدَ غروبٍ للشمس

نهرا متدفقا، أشجارٍا، حقولا، أضرحة 

وترسم طيورا تشبه خربشاتِ أرقام 

في سماواتي الصغيرةِ، الغائمة  

 

 

هي لم تشاهدْ أبدا ما يسكنُ عقلي 

 

ـ من غابةِ المدينةِ غير المضفَّرة ـ

 

الغروبَ خلف المنزل

النهر ، والأشجار، والممرات، والمعابد، والطيور، ومدقات الدروب

 

فكيف لذلك كله

ان يتدفق في عقلها؟ 

 

 2

 

حين تبدأ الوعي

بصورة طفولتي

التي تدفقت بعيدا 

وتدرك الإجابة عن السؤال:

“لماذا ترسم كذلك بالتحديد؟”

 

3

 

 

مثلي، تأتيها الكوابيس

لأناس بلا رؤوس 

يحملون رفات القرى اليتيمة

لدفنها في مقابر المدن

فقط كي تنمو فوق أطلال القرى المطموسة

 

هو الأمر ذاته، الفضاء نفسه تماماً

يغلق على نفسه

بكل البشر الذين بلا رؤوس 

 

كلهم، المدن جميعا لها الاسم ذاته

الشوارع ذاتها، المباني نفسها، المجمعات التجارية المماثلة

كلها مشلولة الحركة في الأماكن المحددة نفسها 

مثل بيادق تستعد للسير   

 

تتحرك عبر ممرات

بالاسم نفسه، والألوان ذاتها

والروائح نفسها، والأشكال ذاتها

والوجوه نفسها كما لو كانت قد استنسخت ذواتها

وعند كل مفارق الطرق الخادعة نفسها

تصل إلى التمثال نفسه

 

لم يعد يهم إلى أين ستفر

سيواجهها التمثالُ نفسُه مراتٍ بعد أُخَر

وستصل إلى الفضاءات نفسها 

في المدن ذاتها

دون إشارات ترشدها أو علامات تهديها 

 

في الأماكن ذاتها

ترى البشر أنفسهم 

يتحدثون اللغاتِ ذاتها

بالأشكال نفسها

والإشارات ذاتها 

 

يقفون في طوابير لها الطول نفسه

بالهيئة ذاتها تماماً 

ليذهبوا إلى المحطات نفسها 

وهم يقودون السيارات ذاتها

بالسرعات نفسها

وفي الاتجاه ذاته

وفي الوقت نفسه

مارين بالأشجار ذاتها 

التي لها الارتفاع نفسه

والفصيلة ذاتها

والمسافات بينها نفسها

مقسمة بالسياجات ذاتها

في الطريق نفسه

 

البشر أنفسهم 

موزعون كنثارات أشلاء 

بالطريقة نفسها

فجرتهم القنابل ذاتها 

يرقدون متناثرين بالطريقة نفسها

هلعين بالطريقة ذاتها

محطمين بالهيئة نفسها

وبالحالة الرتيبة ذاتها

على شاشة أي قناة لأي تلفاز

تومض الصور نفسها ببؤسها متعدد الطبقات

رتابة

رتيبة

رتيبة

رتيبة كليا

رتابة مثيرة للكآبة

كآ – كآ – كآبة

وها هي تتهالك، تتهالك وتنهار

لترى وجهي ذاته، الهلِع، والمكتئب  

 

في اللحظة الأخيرة،

حين حررتُ قبضة يدها المشدودة على يدي

وسط الزحام

ومثلما فعلت أنا 

اندفعت بعيدا تطفو

في الطوفان العملاق الذي يدمر ذاته

لبشر بلا رؤوس 

 

 يأتيني الحلمُ نفسُه الذي تحلم به هي

في اللحظةِ نفسِها

 

وأراها أيضاً هلِعةَ الوجهِ كئيبته

أرى الرعب

والرعدة

 

نسيت أن أحمل القرية للمدينة

أو أحمل المدينة للقرية 

لأصل هنا

 

فلأي مكان أتيت؟

 

 

Stories within Stories

قصص داخل القصص

1

 

 

لم يكن هناك آنذاك كتب

فقط وُجِدَتْ القصص

 

والآن هناك كم هائل من الكتب

لكن القصص بداخلها اختفت

 

 

2

 

حطمت آنية الماء المصنوعة من الطمي

التي أهداها لي صديق

الهدية الوحيدة التي روت العطش

بالعطش

فلم يبق بعد عطش

والآن، بعد تجرع زجاجة تلو الأخرى من المياه المعدنية

يبقى العطش حيا لا يروى ظمأه  

 

3

 

تهدر الريح وهي تذهب

بقصص جولباكافالي الفولكلورية معها

يبدو غير حقيقي وغريبا بالنسبة لأمير 

آت من قصة غريبة 

ليظل غريبا على الدوام

 

في القصص داخل القصص بقلب القصص

أظل غريبا

 

4

 

 

قد تقص علي قصصا عديدة جداً

تبدو أنها آتية من عوالم أخرى 

ومن المعتاد أن تبدو غير معتادة

حتى حين استدعيها الآن 

في النهاية وحسب سنبقى

نلعب الاستغماية

نضرب كرات الظلام باتجاه أحدنا الآخر 

نبحث عن ظلام دافيء طازج

في الغابات المعتادة بلونها الأرجواني غير المعتاد

داخل كهف المعرفة الهاديء

للظلام الأسير الذي هوى

بعد أن حكى كلانا للآخر حكايات معروفة ومجهولة   

 

 

 

5

 

 المسيح، محمد، بوذا، كبير، ماهافير، ناناك

توكارام، كريشنا، كوندبا، فيتوبا، إلى آخرهم ، إلى آخرهم 

ظللت ابحث عنهم جميعا

لكنني لم اجد في صدرك نسغ التقويم الساري في الجسد

يتدفق بلا نهاية حاملا حب الأم 

 يلهو كقرد مثل حمى بركان

نسغ التقويم لإله وديع

يكمن داخلنا، أنا وأنت

 

 

6

 

  

اعتدت أن تقص علي حكايات كثيرة جداً

حكايات كانت تجمعنا دائماً

وجهك يشرق على هذه القصص

مثل مصباح

أصبح قصة فأضاء 

حتى الآن فإن ظلمة حكايتك

تومض بين فضاء الكتب

مثل أريج عطر يتسلل من القصص

 

الظلام داخل الكتب

يتناثر متحولا إلى قصاصات شعر في العقل

تاركا تلك الكتب جانبا

أعود وحيدا إلى عالم قصصنا 

 

7

 

 أصوات الحروف التي تتدفق

من كتب الأطفال 

تتكوم داخلي، حتى أترنح وأهوي 

تماماً مثل عفريت حكاياتك

 

في أي كتب لم أقرأها قد أضع ثقتي

في حجر الأمنيات لديك؟

هل يجب ان أثق بعقلك

الذي لا يزال حتى الآن يخادعني؟  

 

8

 

                              آنذاك وحتى الآن 

لم تكن بنا حاجة للدين

فالإيمان كله لنا

والعفاريت، والجنيات، والأميرات، والأمراء، والأقزام 

والمصباح السحري، وفيكرام فيتال، وعلي بابا والأربعون لصا

لم يكن أبدا اي منهم يخص دينا ما 

 الآن ، حتى القصص، بدأت تحس بالحاجة للدين

وبدأت تتحول للقسوة

والآن أرى 

الخالصون النحيفون البريُّون

يتحاربون فيما بينهم

وأسمع الأوراق وهي تذوي 

داخل قصصها  

لا توجد أشجار، لا اوراق 

لا وقع أقدام، ولا أغنيات طيور، ولا أصوات حكايات

الآن ، أي قصص يمكن أحكيها لك أو للأطفال ؟ 

 

 

 

Something about This Shore for the Poet of the Shore Beyond

for Dilip Chitre

طرف من سيرة هذا الشاطيء من أجل شاعر آتٍ من الشَّاطيء البعيد

إلى   ديليب شيترا

 

من سهل لغة فظة

لا تزال تدفعُ

إلهَ حروفِك الكادَّةِ.  

 

لم يصب التعب

عقلك الدفين

أنت الحي.

 

كم هو أمر محزن

حين ترى ألوان الخضروات

تنزع خضارها

فلا يبقى اللون لونا

فقط وحدها الصرخات المكبلة بالدموع للبروتينات الزرقاء الداكنة

والكاربوهيدرات المتروكة 

 

يمكنك ان تخرج حيلا كثيرة جداً 

من جراب بطة بومباي.

 

تستطيع أن تعزف لحنا 

أو تطلق صوتا يشبه الصفارة

من إناء طهو مصنوع من القش.

 

ومن بخار يتصاعد من حلة الطبخ بالضغط

قد تخرج كراتٍ 

ويمكنك أن تجعل من نفسك  حاويا يظهر الألاعيب  

 

تعشق الأصفر في الأخضر

والأبيض في الأسود

والأرجواني في الأزرق 

والشفقي في الأرجواني

مشتقات الألوان، والخالية منها، التي تراها

فترقد وهي تنتشر بعمق

مثل بوذا

فيما بعد لهو الزيارات  

 

تمسك اللغة بإيقاع وتنطلق 

مثل برالاد المخلص ترعى اللغة

على لسان الأصم والأبكم

تكتب نصك المقدس

تدون أغنية اللقاء

في أدق حارات اللغة

تثق باصبعك المستدير 

 

لم تكن جدي أو جدي الأكبر

لا، ولم تكن أخي أو أبي أو عمي أو من بعض ذوي القربى الآخرين

تقدر المسافة من شاطئ إلى شاطئ حتى هذه اللحظة

فلماذا تستريح متكئا في تفكيري؟

 

هل دانيشاور وتوكارام اللذان يستريحان على كتفيك لي؟

هل يكون جاجار الأول وهو يحتدم بخفة على جبهتك ملكًا لي؟

إن ما لي هو الظلام الراشح من خلال

السحب عبر سترتك الواهية  

الشك الأجوف يتدلى

معدتك الناعبة، المنتفخة، التي أعرفها

مثلما أدرك سطوع الأسود تحت

عيونك التي لا يسبر غورها

أنا على دراية بألاعيب 

بادي غلام علي خان

الذي يعيش يرقص طربا تحت شاربك.

 

من أي بركة أتيت لتشاركني

الحمض النووي الذي يصارع من أجل لغة ما؟

من أي علاقة تشارك

بموسوعتك السرية؟

 

من وراء شاطئ من الجنون

لماذا ناديتني بتلويحة من يديك؟

وإذا وصلت إلى طريق مسدود فلماذا تحبني؟

وإذا سحقني ظل محبتك

ستدوسني صرخات تأتي من وراء الجنون

 

لا أريد أن أشعر بصرخاتك

لا أريد الروابط التي لا نهاية لها بلغتك

لا أريد الإله السري للغتك

لا أريد أي شيء، أي شيء منك

وسأرى نهاية لغتي في لغتي

لأحيا أو أموت

في اللغة حتى فيما وراء جنوني.

 

لقد نزعت الحرية من

مداعبة أثداء اللغة

أحيانا كنت تلمسها بقوة منتهكا لها

وتروعها حين تشاهد الفيديو الخاص  بجنونك

ولكنها لم تنهمك معك

أنا أيضا جربت جمال الأعضاء التناسلية للغة

و الغابات المرسلة أميالا بعد أميال

أنا غاضب، غاضب منك ، غاضب  

لأنك شاطرتني كل شيء  

ولكنك اختفيت بصمت

ذهبت بعيدا بهدوء بعد قراءة القصيدة الخاصة بك

ولم تنتظر أن تصغي إلى قصيدتي!

 

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات