أفغانستان.. بعد كرزاي

05:35 مساءً السبت 9 نوفمبر 2013
أحمد محمد حسن

أحمد محمد حسن

كاتب ومخرج بالتليفزيون المصري، القاهرة

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

يجري حاليا البحث عن الرئيس القادم لأفغانستان في انتخابات الرئاسة المقررة في  الخامس من أبريل/ نيسان المقبل عام2014 وسيكون التصويت مهما إذ أنه سينهي عشر سنوات من حكم الرئيس الأفغاني حامد كرزاي فالدستور الأفغانييحظرعلى كرزاي الترشح في الإنتخابات القادمة لأن الدستور لا يسمح بأكثر من ولايتين للرئيس وقد شغل كرزاي منصب الرئيس منذ عام 2004 بدعم أمريكي بعد أن أصبح شخصية سياسية مهيمنة بعد سقوط حكومة طالبان في 5 ديسمبر/ كانون الأول عام 2001 واختير كأحد الشخصيات الأفغانية السياسية البارزة لتولي الرئاسة لفترة ستة أشهر ثم ولاية مدتها عامين كرئيس بالإنابة عام 2002 وفي عام 2004 فاز كرزاي بأغلبية الأصوات وأصبح رئيس الجمهورية .

حامد كرزاي

وقد اتسمت فترة حكم حامد كرزاي الذي ولد في 24 ديسمبر/ كانون الأول عام 1957 بإتهامات متعلقة بالفساد وتدخل الدولة في ترويج الهيروين إضافة إلى مستقبل لا يبشر بأي تقدم في المفاوضات مع طالبان الذين يواصلون هجماتهم على المدنيين وموظفي الحكومة .

وقال كبير مسئولي الإنتخابات في أفغانستان (ضياء الحق عمر خليل) أن 27 مرشحا سجلوا لخوض انتخابات الرئاسة في أبريل المقبل ومن بين هؤلاء 18 شخصا سجلوا في مقر اللجنة الإنتخابية ومن بين المرشحين للرئاسة امرأة تدعى(خديجة غزناوي) وسجلت 9 نساء كمرشحات لمنصب نائب الرئيس واستقال نحو 20 مسئولا حكوميا وعضوا برلمانيا لخوض المنافسة .

ومن بين المرشحين الذين جذبوا انتباه الرأي العام العالمي والوطني نجد “فوزية كوفي” وهي نائبة في البرلمان ومدافعة عن حقوق المرأة وقد بدأت كوفي حملتها الإنتخابية على موقعها الرسمي وصفحتها على فيسبوك وحسابها على تويتر واحتشدت وسائل الإعلام الغربية لتغطي محاولتها للوصول إلى الرئاسة وتثني على كتابها الذي صدر مؤخرا تحت عنوان “البنت المفضلة : محاولة امرأة لقيادة أفغانستان في المستقبل” .

وقد تحدثت كوفي عن العراقيل التي تعرضت لها في حياتها العامة خصوصا في فترة ترشحها للرئاسة وقالت :” لقد أتيح لي الإختيار بين أن أسافر إلى أوربا أو الولايات المتحدة وأعيش حياة مرفهة مثلما فعل الكثير من الناس أو أن أبقى في بلدي وأحاول أن أحدث تغييرا بسيطا وقد أردت الإختيار الثاني بالرغم من أنه ليس سهلا ” وقد نجت كوفي من عدة محاولات اغتيال نظمتها طالبان .

ومن المرشحين أيضا “قيوم كرزاي” وهو الأخ الأكبر للرئيس حامد كرزاي إضافة إلى “عبد الله عبد الله” وهو وزير خارجية سابق وكان أبرز منافس لكرزاي في انتخابات عام 2009

وعلق كريم باكزاد الباحث في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية في باريس على المرشحين البارزين في السباق بأنه ” ليس هناك مرشحا يعتبر الأوفر حظا” مرجعا الوضع الحالي إلى أن كرزاي لم يسمح منذ توليه الرئاسة عام 2004 لأي شخص قادر على تجاوز الحدود الإثنية أو الدينية بأن يظهر على الساحة .

ورفع باكزاد من سقف المخاوف عندما استعرض رأي عدد من المراقبين الذين يخشون حربا أهلية جديدة بعد رحيل الجنود الغربيين في نهاية عام 2014

وعلى صعيد آخر يظل هناك عنصرا غامضا في الإنتخابات الرئاسية القادمة وهو موقف متمردي طالبان : فهل سيكررون حملة الترهيب التي قاموا بها خلال انتخابات عام 2009 حيث افادت تقارير إخبارية أن حركة طالبان أطلقت حملة ضد الإنتخابات الرئاسية المقرر اجراؤها في أفغانستان العام المقبل وذكرت صحيفة (كاما) الأفغانية في نشرتها باللغة الإنجليزية أن الملا محمد عمر القائد الأعلى للحركة ناشد مؤيديه وأنصاره بتأليب الرأي العام ضد هذه الإنتخابات .

وتوصف الإنتخابات المقبلة في أفغانستان بأنها فاصلة حيث تعد أول انتقال ديمقراطي للسلطة في البلاد بعد الإطاحة بحكم طالبان في العام 2001 كما أنها ستأتي في نفس العام الذي ستنسحب فيه قوات حلف شمال الأطلنطي (الناتو) من أفغانستان .

ولكن هناك شعورعميق باليأس والإحباط من التغيير لدى كثير من الأفغان بسبب ترشح قيوم كرزاي (66 عاما) الشقيق الأكبر للرئيس الحالي حامد كرزاي قبل سويعات من إغلاق باب الترشح فقد ذهب إلى مكتب التسجيل في موكب من السيارات المصفحة بعضها كانت تحمل لوحات حكومية رغم أن قيوم لا يتولى أي منصب حكومي مما يعكس تفاقم نفوذ آل كرزاي وإدارتهم للسياسة في أفغانستان وكأنها شأن عائلي .

إن خوض قيوم ، الذي قضى معظم حياته في ميريلاند بالولايات المتحدة الأمريكية ، للسباق الرئاسي جدد الشكوك في إمكانية التخلص من سيطرة آل كرزاي على مقاليد الأمور في أفغانستان وأكد التوقعات بأن حامد كرزاي سيكون الرئيس الفعلي للبلاد رغم تصريحاته أنه يتطلع لمغادرة القصر الرئاسي والتمتع بحياة أكثر هدوءا .

ويرى المراقبون أن كرزاي وأشقاءه حرصوا على تجاوز الخلافات والصراعات الحادة بينهم في الوقت الراهن واتخذوا كافة الإحتياطات لضمان عدم حدوث أي مفاجآت تفشل خططهم في استمرار سيطرتهم على مفاصل الدولة والحفاظ على الثروات الضخمة التي جمعوها خلال فترتي حكم حامد ، ليس هذا فقط بل يرى بعض المحللين أن هذا التحالف العائلي الغرض منه حماية الرئيس كرزاي بعد خروجه من السلطة من الملاحقة القضائية بتهمة الإبتزاز والفساد .

في المقابل يرى البعض ان ترشح قيوم قد يكون له آثار سلبية وخيمة وأنه قد يزيد حنق الكثير من الناخبين الذين عانوا الويلات في ظل حكم حامد كرزاي خاصة مع تغلغل الفساد بصورة غير مسبوقة وقيوم نفسه الذي يفتقر إلى الخبرة السياسية واشتهر بعدم الإلتزام أثناء عضويته بالبرلمان لفترة واحدة ، يعد بالنسبة للكثيرين تجسيدا حيا للفساد حيث يسيطر على قطاعات البناء والأمن والإعلام والدعاية في البلاد .

وفي ظل استمرار الفقر المطبق وانتشار الفساد ودعم أمراء الحرب وزعماء الميليشيات يختار كثير من الشباب الأفغاني الإنضمام لصفوف طالبان احتجاجا على الظلم الإجتماعي في ظل حكم آل كرزاي مما يوسع دائرة العنف .

والسؤال الآن..هل تنجح الإنتخابات المقبلة في تخليص أفغانستان من قبضة الإخوة الأعداء أم سينجح كرزاي في أن يبقى مستشارا رئاسيا مدى الحياة ويدير الأمور من منزله الضخم ذي الطراز الأوربي الذي يقع على مساحة 1300 متر مربع خلف القصر الرئاسي ؟

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات