أحمد الهواري يوثق لتليفزيون عابدين

03:32 مساءً الجمعة 3 يناير 2014
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

المحرر: من أجمل ما قرأ المحرر ذلك التقرير للصحفي أحمد الهواري الذي نشرته جريدة (المصري اليوم) القاهرية، تحت عنوان: “تليفزيون عابدين”.. قناة خاصة جداً. يفتح الموضوع الباب للطموح الذي ينقص الكثيرين ممن لديهم مشروع إعلامي، أو سواه من المشروعات الجادة، التي يقف تنفيذها عند الحدود الفاصلة بين الممكن والمستحيل:

نادر نعيم

لما تبقى عايز تعمل حاجة وتبقى الحاجة دى حياتك اللى متعرفش تعيش من غيرها، لو راحت تبقى كل حاجة راحت».. بهذه الكلمات يصف «نادر نعيم» حلمه وهو ينتقل بخفة من شارع رئيسى فى منطقة «عابدين» إلى حارة «عبدالدايم» ومنها إلى عطفة «عمارة»، يلقى التحية على كل من يقابله بالاسم، يصعد درجات بيت يعود تاريخ بنائه إلى عشرينيات القرن الماضى، يفتح باب شقة متواضعة مطلياً بألوان علم مصر من الداخل مقدماً استوديو «شوارع مصر» الذى يبث منه «تليفزيون عابدين».

عمل «نعيم- ٣٣ عاماً» فنى إلكترونيات وتركيب «دش» لسنوات طويلة، وأثناء أيام ثورة ٢٥ يناير الـ١٨ تعرَّف على «أحمد نصرالدين»، أحد شباب الإعلاميين الذين تركوا عملهم خارج مصر وعادوا ليشاركوا فى تحقيق الحلم. وعن طريق «نصر» تعرف «نعيم» على أساسيات العمل الإعلامى والتحق بفريق العمل فى إحدى القنوات الفضائية التى بدأت البث بعد الثورة. يقول «نعيم»: «كان عندى طموح وقررت إنى أتعلم كل حاجة لها علاقة بالإعلام، فعملت فى تحرير المواد الإعلامية والإعداد والإنتاج والإنتاج التنفيذى، ووصل الأمر إلى عملى على أجهزة البث والاستقبال لمعرفتى السابقة بتلك النظم».

سنة ونصف عمل فيها «نعيم» فى إحدى القنوات حتى توقف بثها، وبدلاً من أن يبحث عن عمل فى قناة أخرى قرر أن يطلق قناته التليفزيونية على الإنترنت كنواة لمشروع إعلامى ضخم مستقل «ينتجه الناس للناس». يقول «نعيم»: «شعرت إنى بحاجة إلى منفذ لبعض الأفكار، وكان طموحى إنه يبقى فيه ناس كتير معايا». طموح «نعيم» بأن يعمل معه «ناس كتير» تحطم على صخرة الواقع فقرر أن يبدأ بنفسه على أن ينضم له لاحقاً من يريد، وبدأ فى تجهيز «استوديو فى بيت فى عطفة من حارة من شارع فى عابدين»، وقال له الجميع: «الكلام ده مش يحصل».

سراي عابدين قديمًا

انطلق مشروع «نعيم» من قناعته بأن وسائل الإعلام لا تعمل على المناطق المحلية، وأنها تعمل على ما تعرف مسبقاً أنه سوف يأتى لها بـ«زبائن»، وبدأ من المكان الذى ولد وتربى ويعيش فيه بث «تليفزيون عابدين» على الإنترنت. يدرك «نعيم» تاريخ منطقته جيداً، ويسرده على كل من يقابله: «عابدين دى قبل قدوم الخديو إسماعيل كانت ٣ مناطق: بركة الفيل، وبركة السقايين، وبركة الفواكه، ولما جُم يشتغلوا فى ميدان التحرير عملوا مساكن للعمال والمهندسين فى البرك دى»، مضيفاً أن غالبية سكان عابدين «الأصليين» من النوبة وشهدوا كل الثورات والاحتجاجات بداية من ثورة عرابى مروراً بسعد زغلول وثورة ١٩٥٢ وثورة يناير. يقول «نعيم» إن عابدين لديها «تاريخ تشتغل عليه، ولها مستقبل تشتغل عليه أيضاً».

حين بدأ العمل في ميدان التحرير بنيت في عابدين مساكن للعمال والمهندسين

يرى «نعيم» مستقبل عابدين فى أطفالها الذين يعمل معهم أيام الجمعة فى حارة «عبدالدايم»، يعلمهم «الغناء والرسم والتمثيل وحرفاً يدوية بسيطة»، ويحاول أن يكوِّن منهم فرقة كورال وفرقة فنون مسرحية، ولشبابها يقدم ورشاً تدريبية فى الإعداد والتصوير والإخراج التليفزيونى. ولحاضر المنطقة يقيم «نعيم» على المقاهى صالوناً ثقافياً أيام الأحد، لأنه يوم إجازة غالبية الصنايعية الذين يشكلون جزءاً كبيراً من مجتمع عابدين، يناقش فيه مشكلات الحاضر، ويستحضر فيه ثقافة الحى الجعفرية والنوبية، وينهيه بإلقاء شعرى لشعراء أو حفلات غنائية لشعراء ومغنين من أبناء المنطقة.

ضيوف تليفزيون عابدين هم أهالى المنطقة

يعمل تليفزيون عابدين على أبناء المنطقة، فبرنامج «باب المظالم» كان يسجل مع أهالى المنطقة مشاكلهم مع الحكومة، وبرنامج «شغلتى» يسجل حلقاته مع «الناس اللى بتنتج بإيديها، أو الصنايعية، يقولوا شغلتهم إيه بالظبط وإيه مشاكلها»، وبرنامج «أجازتى» الذى تقدمه الطفلة «جومانا منيب»، وتستضيف فيه أطفال المنطقة ليتحدثوا عن إجازتهم وأفضل الطرق لقضائها، وبرنامج «سوريا عبدالدايم» الذى كان يجرى مقابلات مع السوريين المقيمين فى عابدين «عن حالهم وعايزين إيه وشايفين إيه»، وأخيراً برنامج «شاى بحليب» الذى تحكى حلقاته قصص أهالى النوبة وعاداتهم التى لم تتغير مع مجيئهم للقاهرة. يقول «نعيم» إن هذا البرنامج تحديداً «مدخل اجتماعى أعرف منه حكايات الناس وتوثيق حياتهم من خلال الشاى بحليب، لأنه إحدى العادات المتأصلة فى حياة النوبيين»، فكل ما يفعله أهالى عابدين ذوو الأصول النوبية يفعلونه وهو يشربون «شاى بحليب».

أسس «نعيم» تليفزيون «عابدين» فى أغسطس ٢٠١٢ وبث حتى الآن أكثر من ١٦٠ حلقة من البرامج المختلفة، ولديه أكثر من ١٠٥ ساعات مسجلة فى انتظار الانتهاء من المونتاج، والخطوة التالية فى حلمه هى إنشاء مركز «ثقافة جماهيرية» فى حارة «عبدالدايم» على قطعة أرض فضاء مساحتها ١٢٠ متراً مربعاً يضم مكتبة ثابتة ويُستخدم فى أنشطة الأطفال يوم الجمعة وبث البرامج «اللايف» التى تتخذ من الشارع مكاناً للتصوير

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات