فى حديقة قصر كيونج بوك بالاس بسيول

* ( لابد من صنعاء و إن طال السفر )  هكذا قالوا قديماً ، لكنى اليوم أقول .. لابد من سيول أرض الصباح الهادئ مهما طالت سنوات الغياب و تعددت أوجه السفر ….

برغم زيارتى لها عدة مرات لم أحاول الكتابة عنها من قبل، ربما من فرط عشقى لها أحسست أن ما بداخلى من ذكريات ومشاعر أكبر من ان تعبر عنها الكلمات و برغم تعدد أسفارى لمدن كثيرة صافحتها معظمها يتشابه مع كوريا الجنوبية كونه فى منطقة الشرق الأقصى مثل ماليزيا و تايلاند ، إلا أن لكوريا عندى مذاقاً فريداً ، بصمتها ما تزال حاضرة بقوة فى وجدانى لم تبرح ذاكرتى يوماً ما …

قطعة كريستال نادرة متعددة الأوجه كلما تأملتها إكتشفت فيها وجهاً جديداً من أوجه الجمال ، تلك مدينة سيول التى يتجاور فيها الماضى مع الحاضر بسلاسة فريدة ..

القصور العتيقة التى يفوح من نقوشها عبق التاريخ بجانب ناطحات السحاب العملاقة التى تنافس أكبر ناطحات العالم، نهر الهان الرائع الذى يفصل بين المدينة القديمة والحديثة جسر بين الماضى و الحاضر ، الطبيعة الخلابة .. جبال شاهقة تشعرك بالجلال فتنحنى امامها تنبت على سفوحها زهرة الشارون الفريدة ، الزهرة القومية لكوريا الجنوبية ..

شهر يوليو ، أشد شهور السنة حرارة فى كوريا الجنوبية

لكنه برغم ذلك أكثرها زهوراً ، بالرغم من أن العديد من أنواع الزهور تزهر خلال فصلى الربيع و الخريف ، حتى فى فصل الشتاء القارس البرودة ، وسط الثلوج القاسية تتفتح أزهار الكاميليا فيذوب الجليد خجلاً من فرط رقتها وجمالها ..

حينما تجولت فى حدائق قصر ( كيونج بوك ) فى سيول ، بهرتنى تماثيل بوذا العملاقة و التاج الذهبى الملكى و اللوحات الرائعة التى يزخر بها  هذا القصر الذى تسكنه كنوز التراث الثقافى الكورى ، فى لحظة فريدة إرتديت الزى الكورى  ووقفت وسط حدائق القصر فتوحدت مع المكان فى لقطة نادرة …

سيول مدينة تعشق الأصالة و الحنين للماضى فيدفعها إصرارها و عزمها الصادق على تخطى الصعاب لتصنع مستقبلاً أفضل لا يقل روعة عن الماضى الفريد ، والحياة الكورية الأصيلة تتجلى فى أروع صورها فى القرية الفلكلورية التى تجسد مظاهر الحياة الريفية البسيطة الساحرة التى كان يعيشها الشعب الكورى منذ مئات السنين

هناك عشت الحياة الكورية بكل تفاصيلها الدقيقة الروحانية ، منازل قديمة سقوفها يغطيها القش لكنها مع ذلك تشعرك بالدفء والأمان ..

ومن سيول لبوسان المدينة والميناء ، التى استمتعت بها و بطقسها الرائع لموقعها على ساحل البحر حيث تنتشر الشواطئ الخلابة ، لكن الأجمل منها كانت الإبتسامة التى ما يزال طيفها يداعب خيالى ، فالكوريين شعب دمث الخلق ، أدب جم يقترن بقوة و إصرار على العمل و التقدم ، منهم تعلمت الصبر والدقة و زاد إصرارى على الإخلاص و الثبات على المبدأ ، و ما زلت أتذكر بعض الكلمات الكورية و يتردد صداها على أنغام  النشيد الوطنى قوياً مثل شجر الصنوبر الصامد على الجبال برغم عصف الرياح يظل ثابتاً ، راسخاً ، نابضاً بالحياة على الدوام ….

Tweet