البكاء في حضرة الواقع

07:20 مساءً الثلاثاء 11 فبراير 2014
محمد البرقي

محمد البرقي

كاتب و مدون من مصر .. له العديد من الأعمال المنشورة و الإلكترونية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print
هؤلاء جمعوا المصدّقِين , و قذفوا بهم في أتون الحرب المقدسة, و جلسوا في أبراجهم يربتون على مساند العاج, و يرقبون العاشقين يقطعون جلود رقابهم بالموسى لأجل الرضا,لأجل لمحة من مجد.
هؤلاء لم يكن المجد ينالهم لولا بوق شيوخ مضاجعة الرفات, هؤلاء المستميتون على تصدّر أسمائهم لعناوين الأخبار, لا يعرفون عن النضال لأجل شعب إلتصق بالقاع حتى إستغرب مرور الهواء بين ظهره و التراب سوى الصراخ, و الصراخ ليكون صوتهم أعلى, و الصراخ بكل ماهو فارغ من ماض سحيق ترتعد فرائصه إذا هبت ريح العام الجديد, هؤلاء تنفطر قلوبهم إذا لم يجدوا لصوتهم صدى في الأرض فيملؤون الدنيا عويلا و تحطيما, و يشرفون على إحماء وطيس معركة الموتى, حيث يتحارب جنود الهالكين, من أجل الحطام المستكين.
إن من لا يثور عقله فلا لثورة جسده جدوى سوى تحطيم الرؤوس لأجل الفراغ, هنا بكا كل من ينعق لأنه لا يجد من يردد ما يقول,الأروقة تسكنها أشباح الماضي لتعاود الظهور على ساحة الإعلام, و متصنعي الملائكية ماهم إلا زيادة في تعداد الثيران في متحف الخزف الصيني, كلما فتحوا أشداقهم زاد حنق الشعب منهم, و زادهم عبيدهم طرا في شر حماقاتهم, و إنطلقوا يعثون في الأرض يظنون أنهم أصوات المهمشين, وهم عن المهمشين يفصلهم من البحور بحور,أنت لست صوتا سوى صوتك, الذي كلما تردد قل من حولك و زاد من حول الماضي,فقط ليتخلصوا من صداك المزعج.
يا هؤلاء, إن كنتم تظنون أن الصراخ يقيم أمة لكانت أعظم الأمم حضانات الأطفال, لكن الحضانات بصارخيها تحتاج إلى حزم و حسم أبوي, يراه الشعب في رب يرتدي النسور على كتفه, و كلما زدتم في الصراخ زاد تأكدهم, و زاد زهو الأب في نفسه و دهس المغيبين, هؤلاء الذين تضحون بهم لأجل صراخكم, هؤلاء الثكالى اللواتي سرقتم منهن فلذاتهن ليهدر صوت الأفران و تنتشي قلوبكم و تطرب أسماعكم لها,و أنتم ترفلون في العظام.
إن الواقع مر, و التجربة تثبت أنكم حبة خردل في كف إله يتسلى بتقليبكم بين الأصابع, يتابع محاولاتكم البائسة للخروج, و أنتم لا تخرجون من الفرجة الصائبة, فإما أن تصنعوا الثقوب في الكف , فيحمطكم , و إما أن تجدوا طريقكم للفرجة بين السبابة و الإبهام.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات