لم أحترم ذات يوم ما يطلقون عليه زورا و بهتانا الحضارة الرومانية لا في إمبراطوريتها الأولى الغربية و لا الثانية الشرقية بل على العكس تعاطفت مع كل من حاولوا تقويضها مثل ” حنبعل ” و ” أتيلا ” و قبائل ” الهون ” على سبيل المثال لا الحصر ؛ و صولا إلى بطل ” اليرموك ” ” خالد ابن الوليد ” أول من بدأ في إستئصال شأفتهم من بلادنا ثم أكمل طريقه آخرين لله درهم جميعا ؛ و كيف أحب إمبراطورية إستعمرت بلادي ذات يوم و مارست إضطهاد المسيحيين مرتين الأولى عندما كانت الإمبراطورية الرومانية وثنية تطارد المؤمنين ؛ و عندما تحولت إلى المسيحية إضطهدتهم لأن مسيحيي مصر يخالفونها في المذهب ؛ و كيف أحب من قتلوا ” أرشميدس ” و إحتقروا الحضارة العقلية الفذة ” للإغريق ” و مارسوا همجيتهم على تراثها ؛ و هل يمكنني أن أكن مشاعر المحبة أو الإحترام للجنرالات القتلة أول الفارين في الحروب حلفاء ” النازي ” ” موسوليني ” و ” جراتسياني ” قاتل أسد الصحراء الشهيد ” عمر المختار ” ..
و رغم التقدير الفني الرائع الذي نحمله لأسماء مثل المخرج الكبير ” كوبولا ” و ممثلون كبار مثل ” مارلون براندو ” و ” آل باتشينو ” و “روبرت دينيرو” في ملحمة ” الأب الروحي ” و غيرها من الأفلام المثيرة التي تناولت عالم ” المافيا ” و تراث الجرائم الرهيب إلا أنني لم أتعاطف مع المافيا مطلقا ..
– كل هذا التراث التعيس المكلل بالعار إستعادته ذاكرتي ذات يوم مشئوم ” الخميس 6 مارس ” خلال عودتي من مدينة ” الكويت ” الحبيبة إلى ” تونس ” العزيزة عبر ” روما ” حيث فقدت حقيبة سفر ” ضخمة جدا ” خلال إنتقالي من طائرة ” الخطوط الكويتية ” إلى طائرة ” أليطاليا ” ؛ حقيبة تحمل ذكريات غالية و كتب رائعة و وثائق هامة و خلاصة عملنا في ملتقى ” مجلة العربي ” الكويتية ” الثقافة العربية على طريق الحرير ” فضلا عن ملابس وحاجيات شخصية ثمينة ؛ إختفت حقيبتي أو تبخرت في مطار ” ليوناردو دافنشي ” لتنسيني عصر ” الرينيسانس – النهضة ” الأول و الثاني و أستحضر عصور القتلة و اللصوص ؛ و بفضل ” مافيا أليطاليا ” نسيت ” دافنشي و مايكل أنجلو” و ” سيستين شابل ” و ” مادونا سيستين ” و أمجاد ” فلورنسا ” و رومنسيتها .. لم يبق من ” فلورنسا ” إلا نصائح ” ميكافيللي ” لأمير ” آل ميديتشي ” بكل إنتهازيتها التي تليق برجال العصابات ؛ ستة أيام من العذاب و الإنتظار لحقيبتي التي تبخرت و بدأ بخارها في الإبتعاد نهائيا .. ؛ لن تعوضني أية أموال عن ما كان فيها من هدايا الأحبة و ذكريات الماضي و التراث العقلي .. أمور لم تحترمها ذات يوم حضارة روما المتغطرسة الغاشمة الحافلة باللصوصية و الخيانة منذ ما قبل ” بروتس ” الذي خان أقرب الناس إليه ؛ أنها ” روما ” التي إحتلت ” مصر ” و أرادت أن تسوق ” كليوباترا ” سبية في طرقاتها ..
– كل ذلك إستحضرته حقيبة قد لا تعني إلا مبلغ من المال كبر أم صغر بالنسبة لقراصنة و مافيا ” أليطاليا ” الذين لا يعرفون معنى التراث الإنساني الغارقون في المادية و الغطرسة الغشومة كأجدادهم ممن سلبوا بلاد الآخرين ..
– فقط أتمنى على الخطوط ” الكويتية ” أن تتجنب ” الترانزيت ” في روما و التعامل مع ” أليطاليا” ؛ كما أنصح كل من يقرأ هذا المقال أن يتجنب تلك الشركة ” أليطاليا ” و إن إستطاع فليتجنب أن تمر حقائبه من مطارات إيطاليا التي إشتهرت بتبخر الحقائب فيها و أظن أن ذلك عقاب مادي على المدى الطويل يليق بكل من يمارس ” ميكافيليته ” علينا ..
مؤسس جمعية الصحفيين الآسيويين، ناشر (آسيا إن)، كوريا الجنوبية
الرئيس الشرفي لجمعية الصحفيين الآسيويين، صحفي مخضرم من سنغافورة
روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.
آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov
كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.