أسبوع كامل مر من دون بصيص أمل، ارتفع سقف التكهنات، السماء لا تحمل الطائرة، الأرض لم تضم حطامها، البحر لم يحتضنها، العالم المكتظ بالمصائب والأحداث المؤلمة لم يكن مستعدا لهذه الحادثة، نشرات الأخبار المزدحمة بالتقارير لم تكن متحمسة لقصة جديدة بدايتها فاجعة، أقمار التجسس الأميركية قدمت تقاريرها، حادث اختفاء نادر يهز الثقة بكل ما حولنا من أجهزة تتابعنا و تترصد تفاصيلنا، تنهمر التوقعات السوداء.
كم واحدا منهم ركب الطائرة للمرة الأولى؟ من منهم لم يكن متحمسا للرحلة؟ من منهم لم يجد حجزا وحاول بشتى الطرق أن يعاند تعثر خططه؟ من منهم انقبض قلبه متشائما قبل الرحلة؟ ومن منهم لم يودع عائلته بحرارة؟
العالم ينتظر اشارة واحدة تهديه للحقيقة، الأرض سئمت البحث عن ابرة في كومة قش، أبواب الغيب موصدة، المطارات حزينة، أبراج المراقبة مخذولة، مدرجات الطيران حائرة، أقارب الركاب تمضي أيامهم بطيئة جدا، يعبرون بأفكارهم جسورا متهالكة بانتظار معجزة عصرية. نوارس المحيط تبحث و ديدان الأرض والغيوم أيضا بلا نتيجة!
العالم يئن من العنف والحروب والتلوث و بين حين وآخر تباغتنا الكوارث الطبيعية، تأتي قصة الرحلة (MH370) لتربك حالة الاعتياد وتحصد قدرا من الانتباه، تشعرنا بالتعاطف وقلة الحيلة، تهز يقيننا بالأمان، لا أحد بعيدا عن المفاجآت غير السارة، تلك التي تقلب حياته في لحظات وتربك حياة من حوله. لا أحد مستثنى من خطأ بشري أو عطل فني في طائرة… سيارة… قطار، العلم يتمرد كما البشر الذين يتطرفون فيتحولون لارهابيين يختطفون الطائرات و يفجرون الأبراج ويفخخون السيارات!
حتى هذه اللحظة – من يوم الجمعة – في اليوم السابع من الكارثة الجوية لا خبر مؤكدا ولا رؤية واضحة عن مصير ركاب الرحلة المجهولة المصير.
هل سيعودون من رحلتهم الغريبة مزودين بالأخبار؟ هل سيحظون بفرصة جديدة كأحياء؟ هل سيفرح ذووهم باللقاء معهم مجددا؟ هل ستتوج النهاية بلقطة سعيدة تبتلع كل قلق مر كما يحدث في نهايات أفلام المغامرات والاثارة؟! نتمنى ذلك بشدة فربما تكن قصتهم حينها بشرى للضحايا في كل مكان.
مؤسس جمعية الصحفيين الآسيويين، ناشر (آسيا إن)، كوريا الجنوبية
الرئيس الشرفي لجمعية الصحفيين الآسيويين، صحفي مخضرم من سنغافورة
روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.
آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov
كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.