لغة الأشياء / الرحلة «MH370»

07:53 صباحًا الإثنين 17 مارس 2014
باسمة العنزي

باسمة العنزي

روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

تختفي الطائرة، تغلف الحيرة قصة 239 راكبا بعد اقلاع رحلتهم بساعة، تتحول المسافة من مدرج مطار كوالالمبور الى بكين لخبر مثير، العالم يستنفر باحثا عن اجابة مقنعة لضياع (البوينغ 777) في الجو، تذرف دموع أقارب الضحايا أو من سيكونون ضحايا، تقام صلاة الغائب، تتلى الأدعية، تنشط وكالات الأنباء، تتوسع دائرة فرق البحث والانقاذ، 40 سفينة و34 طائرة تفتش قرب المياه المحاذية لماليزيا وفيتنام.

أسبوع كامل مر من دون بصيص أمل، ارتفع سقف التكهنات، السماء لا تحمل الطائرة، الأرض لم تضم حطامها، البحر لم يحتضنها، العالم المكتظ بالمصائب والأحداث المؤلمة لم يكن مستعدا لهذه الحادثة، نشرات الأخبار المزدحمة بالتقارير لم تكن متحمسة لقصة جديدة بدايتها فاجعة، أقمار التجسس الأميركية قدمت تقاريرها، حادث اختفاء نادر يهز الثقة بكل ما حولنا من أجهزة تتابعنا و تترصد تفاصيلنا، تنهمر التوقعات السوداء.

كم واحدا منهم ركب الطائرة للمرة الأولى؟ من منهم لم يكن متحمسا للرحلة؟ من منهم لم يجد حجزا وحاول بشتى الطرق أن يعاند تعثر خططه؟ من منهم انقبض قلبه متشائما قبل الرحلة؟ ومن منهم لم يودع عائلته بحرارة؟

طلاب جامعيون في يانجتسو، الصين ، يضيئون الشموع باسم الطائرة المفقودة البوينج 777، التي تقل 227 راكبا من بينهم 154 صينيا (شينخوا / مينج ديلونج)

العالم ينتظر اشارة واحدة تهديه للحقيقة، الأرض سئمت البحث عن ابرة في كومة قش، أبواب الغيب موصدة، المطارات حزينة، أبراج المراقبة مخذولة، مدرجات الطيران حائرة، أقارب الركاب تمضي أيامهم بطيئة جدا، يعبرون بأفكارهم جسورا متهالكة بانتظار معجزة عصرية. نوارس المحيط تبحث و ديدان الأرض والغيوم أيضا بلا نتيجة!

العالم يئن من العنف والحروب والتلوث و بين حين وآخر تباغتنا الكوارث الطبيعية، تأتي قصة الرحلة (MH370) لتربك حالة الاعتياد وتحصد قدرا من الانتباه، تشعرنا بالتعاطف وقلة الحيلة، تهز يقيننا بالأمان، لا أحد بعيدا عن المفاجآت غير السارة، تلك التي تقلب حياته في لحظات وتربك حياة من حوله. لا أحد مستثنى من خطأ بشري أو عطل فني في طائرة… سيارة… قطار، العلم يتمرد كما البشر الذين يتطرفون فيتحولون لارهابيين يختطفون الطائرات و يفجرون الأبراج ويفخخون السيارات!

حتى هذه اللحظة – من يوم الجمعة – في اليوم السابع من الكارثة الجوية لا خبر مؤكدا ولا رؤية واضحة عن مصير ركاب الرحلة المجهولة المصير.

هل سيعودون من رحلتهم الغريبة مزودين بالأخبار؟ هل سيحظون بفرصة جديدة كأحياء؟ هل سيفرح ذووهم باللقاء معهم مجددا؟ هل ستتوج النهاية بلقطة سعيدة تبتلع كل قلق مر كما يحدث في نهايات أفلام المغامرات والاثارة؟! نتمنى ذلك بشدة فربما تكن قصتهم حينها بشرى للضحايا في كل مكان.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات