الفنانة ساجدة سيرازييفا ترسم مُعجم التشكيل البهيج

12:41 مساءً الأربعاء 30 أبريل 2014
أشرف أبو اليزيد

أشرف أبو اليزيد

رئيس جمعية الصحفيين الآسيويين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

الفنانة ساجدة سيرازييفا ، عضو اتحاد الفنانين الروس، عضو اتحاد فناني جمهورية تتارستان، أمام عملين متمين لمشهد من مدينة قازان، عاصمة تتارستان.

لي في جمهورية تتارستان جولاتٌ حرة مع الفن، ولذلك أكتب هذه السطور من زاوية المطلع، والمراقب، أكثر من كوني متبحرا، متجذرًا، لأرسم ملامح أولية عن هذا الفن. أكتب وفي ذهني عناصر مشتركة تكاد تجمع المنتمين لمجال التشكيل، وهي، على اختلاف مدارس الفنانين ظاهرة للعيان.

العنصر الأول هو ذلك الحس الشرقي ذو الصبغة الإسلامية، فهو مستلهم من تراث المنمنمات، وتاريخ الأيقونات، ورحلة الزخارف التي عرفت طريقها إلى النسيج والخشب والحجر والمعادن، قبل أن تجد نفسها داخل إطار اللوحة، بل وأحيانا من الخط العربي الذي يظهر في الشمائل، وهي لوحات تعلق في كل بيت تتري تجمع بين الخط العربي والرسم، وربما الصورة.

الحس الشرقي مستلهم من تراث المنمنمات، من أعمال الفنانة ساجدة سيرازييفا Sagida Sirazieva

ويأتي العنصر الثاني في ألوان البهجة، التي لا تقتصر على باليتة اللون وحسب، وإنما تمتد لتشكيل فراغ اللوحة بمحددات راقصة سابحة متأرجحة، وكأنها تعزف وتهتز طربا، وهو ما يعكس بالفعل كمرآة تقاليد الشعب التتري الذي تزين الموسيقى حياته، على اختلاف ضروبها.

كثيرًا ما تتم لوحة، لوحةً أخرى، من أعمال الفنانة ساجدة سيرازييفا Sagida Sirazieva

أما العنصر الثالث، فهو التوثيق المكاني، الجغرافي والتاريخي، فيندر أن تجد لوحة سابحة في اللامكان، وإنما هناك معلم تاريخي كائن، فإن لم تجده تحت سماء اللوحة، فستجد إشارة إليه ورمزا عنه في ثوب أو كتاب أو سجادة أو ما شابه ذلك كله.

ثم نتحدث عن عنصر رابع يستلهم الحكي الشعبي، وخاصة أشهر ما في هذا التراث، متعددة الأوجه، حيث تبرز حكايات أعاد صياغتها شعر عبد الله طوقاي، شاعر التتار القومي، ليحفظ تراثا أدبيا فريدًا.

استلهام الحكي الشعبي، كما في قصص عبد الله طوقاي، من أعمال الفنانة ساجدة سيرازييفا Sagida Sirazieva

هذه العناصر جميعا تجتمع لدى فنانتنا ساجدة سيرازييفا Sagida Sirazieva التي تجمع تلك التقاليد الغنية لوطنها وقوميتها ومدينتها قازان، عاصمة جمهورية تتارستان.

الفنانة رئيسة صافيولينا في افتتاح أحد معارض ساجدة مع رفيق العمر

وإذا كنت أستحضر اللوحات الملونة للفنانة، فهذه العناصر أيضا توجد في رسومها باللونين الأسود والأبيض، وهو ما يعني أن روح تلك العناصر في تحليق دائما مهما اختلفت الوسيلة. إنها ببساطة ترسم هويتها وثقافتها، المكونة للعناصر التي بدأت مقالي بها.

الفنانة ساجدة سيرازييفا Sagida Sirazieva في إحدى ورشات العمل

خط ساجدة سيرازييفا الفني يتمتع بثراء الحكي وعمقه، فلا تخلو لوحة مما يقال عن التراث والحكايات الشعبية والفضاء الأنثروبولوجي للمكان، والتاريخ والبشر، وهي تشبه ذلك النقش القيق للمنمنمات، حتى وهي ترسم المشهد في أكثر من لوحة، تكمله، كما تكمل شهرزاد حكايات ألف ليلة وليلة.

من معارض الفنانة ساجدة سيرازييفا Sagida Sirazieva

وعي جديد تتأثر به وأنت ترى تلك الفنانة التترية المعاصرة، (مواليد 1959) تستخدم تقنيات مجايلة لتبعث الروح في صور قديمة، تكتشفها عبر التفسير الرمزي حينا، أو الوحي الصوفي حينا آخر، حين تنقلك بشخصياتها السابحة في الفضاء إلى مدارج الرغبة في الاتحاد مع الخالق، والتوحد معه. إن مجمل سعينا في الحياة يأتي تفسيرا لماهية الوجود، هذا ما تشعر به أمام لوحات ساجدة.

الفنانة ساجدة سيرازييفا Sagida Sirazieva ، من هنا يأتي الإلهام

تمنحك رسوم الفنانة دفعة روحية، مفعمة بالأمل، دافعة للحركة بحرية، ساعية لإنشاء حوار، ليس مع الإنسان وحسب، بل مع الكائنات حوله، والأشياء أمامه، فضلا عن الحوار مع الذات، بلغة أبجديتها البهجة، وألفبائها الحب.

يحج إلى معارض الفنانة ساجدة سيرازييفا Sagida Sirazieva الكثيرون، وهي هنا بين عشاق فنها

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات