خيرُ جليسٍ وأنيس … السَّاحر رجائي وَنيس

08:39 صباحًا الأربعاء 14 مايو 2014
أشرف أبو اليزيد

أشرف أبو اليزيد

رئيس جمعية الصحفيين الآسيويين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

الفنان رجائي ونيس: أنا أنتمي لأكثر من بلد .. مصر واليابان واستراليا .. أنا أنتمي لعالم الشرق الأوسط والشرق الأقصي والعالم الغربي .. أنا أنتمي لهذا العالم بشكل مؤقت وللعالم الروحي بشكل دائم . إن العمر يوشك علي النهاية وأنا مازلت علي وشك فهم واستيعاب أشياء كثيرة عن الفن والحياة وما هو ضروري وما هو ليس إلا شوائب لا جوهر لها !

لا شك أن المرة الأولى التي سمعتُ فيها اسم الفنان الكبير رجائي ونيس كانت في إحدى الجلسات التي ضمتنا مع الصديق الفنان التشكيلي جمال هلال. كان ذلك أيام دراستنا بالمرحلة الثانوية، حين مثلت لي الكتيبة الحاملة لسلاح الفن الثائر بوابات لعالم أجمل، غدًا أو بعد غد. هكذا بدأت التعرف على سيرة رجائي ونيس ورفاقه، بهجت عثمان وجورج البهجوري ومحيي الدين اللباد وإيهاب شاكر، وغيرهم، وهم الذين شكلوا حياتي بأعمالهم وكتاباتهم، ولقاءات معظمهم لاحقا، على مدى أكثر من ثلاثة عقود.

يكفي أن أستدعي كتابات أحدهم لنعرف أن الكاريكاتير؛ الذي امتهنوه في جانب من إبداعهم، لم يكن مجرد نكتة ـ كما هي الحال الآن ـ ولم يكن كذلك خلوًّا من عمق وفلسفة وتمكن من أدوات الفن، وهم الذين برعوا في التصوير باللون، مثلما أبدعوا في التعبير بالحرف.

 

كاريكاتير يتكيء على صورة فوتوغرافية وهبها رجائي ونيس روحه المرحة وريشته البصيرة ليرسم حرافيش نجيب محفوظ تضم الرسام بهجت عثمان، والمخرج توفيق صالح، والنجم أحمد مظهر، والفنان جورج بهجوري والفنان جميل شفيق

من الأرشيف نقرأ لبهجت عُثمان، بهاجيجو، عن الفقر والجدعنة:

“الحمد لله على الفقر والجدعنة. هذا كان شعارنا عندما قررنا الزواج أنا وشريكة حياتي. أما الفقر فقد كان بالفعل هكذا، فأنا في ذلك الوقت كنت أعمل كرسام في مجلتي “روزاليوسف” و”صباح الخير”، وكانت مرتباتنا متواضعة بالنسبة لنظرائنا في الجرائد والمجلات الاخرى، وذلك لأن أمنا السيدة الجليلة فاطمة اليوسف – صاحبة الجريدة في ذلك الوقت – كانت ترى أن كثرة المال مفسدة لنا. وكان ابنها الاستاذ العزيز الراحل احسان عبدالقدوس، والذي كان يماثلنا في تواضع المرتب، يحاول أن يقنع نفسه ويقنعنا معه بأننا نحصّل في هذه الدار العريقة في النضال من الشهرة والمجد أضعاف ما يناله زملاؤنا في المؤسسات الاخرى. وانه “ليس بالخبز وحده يحيا الانسان”. وكنا نقتنع… هذا عن الفقر. أما الجدعنة فكان قرارنا أنا وبدر – وهو اسمها ووصفها ايضاً – أن نتزوج، على الرغم من عدم وجود فائض من المال لتنفيذ هذا القرار، ولكن بالاصرار، وبمباركة من حولنا من الأهل والاصدقاء تم لنا ما أردناه ببساطة ويسر، فالاعزاء احسان عبدالقدوس واحمد بهاء الدين تكفلا بأجر موثق عقد الزواج – المأذون – والدبل الذهبية – محابس الخطبة – والمهر أيضاً الذي كان خمسة وعشرين قرشاً. حتى صورة الزفاف، تكفل برسمها الفنان المبدع الصديق رجائي ونيس، بأسلوبه الكاريكاتوري العبقري. أما الشقة… فعلى الرغم من توافر المعروض منها للايجار في تلك الأيام، فقد اخترنا شقة قريبة من مكان عملي، لأن بدر لم تكن قد اشتغلت بعد. والشقة بسيطة في تكوينها: غرفة للنوم، وصالة للمعيشة ولاستقبال الاحباء من اصدقائنا الذين هبوا لمساعدتنا في تأثيث هذا البيت الصغير. ولان الصديق الفنان المبدع عبدالغني أبو العينين كان له باب في مجلة “صباح الخير” تحت عنوان “نصف حياتك في المنزل” يعرض للقراء فيه أثاثاً من تصميمه يجمع فيه بين الأصالة والمعاصرة، ورخص اسعاره ايضا، فقد اخترنا ما نحتاجه منه ونفذنا بعضه – بالتقسيط المريح طبعاً – والباقي كان هدية من الأحبة الاصدقاء. وأذكر أننا – بدر وأنا – ظللنا اسابيع نستخدم صحناً واحداً نتبادله للاكل وملعقة وشوكة وسكينة حتى أحضر لنا صلاح جاهين طاقم الصحون والملاعق. أما جمال كامل فقد اضاف الى ابداعه الذي زين حوائطنا بابداع آخر، هو مفرش جميل للطاولة نفرش عليها ورق الجرائد اثناء الطعام، وبذلك اصبحت الطاولة تستخدم للأكل كسفرة وللرسم كمكتب لي ولبدر. وكحامل لماكينة الخياطة لتنفذ عليها ما صممته من عرائس. ومازال هذا المفرش محافظاً على رونقه يغطي الطاولة نفسها حتى الآن”.

 

في هذا الشارع عاش رجائي ونيس في 1964، كيوطو، اليابان

إنما أطلتُ في هذا الاقتباس المنشور في جريدة الحياة يوم  14/12/1999 لأنقل قارئي إلى جو يندر أن تجده في مكان آخر، حين كانت مدرسة روز اليوسف ومجلة صباح الخير التي فتحت صدرها للهواء و”للقلوب الشابة والعقول المتحررة”، وبالتالي فالأجدر أن يكون أعمدتها كذلك.

ستتفرق السبل بهذه الكتيبة الرائعة، بين مصر وأوربا والوطن العربي، لكن حكاية رجائي ونيس تختلف، وسأترك جورج بهجوري  يحكي ـ في  صباح الخير، بتاريخ 6 يوليو  2010:

“منذ بداية الخمسينيات وصل الطالب رجائى ونيس من بنى سويف إلى فنون جميلة الزمالك وجلس فى المكتبة أمامى بالصدفة لا أعرفه ولكن أحد زملاء دفعته فى الإعدادى أزاح بعض رسومه بالقلم الرصاص أمامى حتى أصبحت وسط الكتاب الفنى الكبير لرمبرانت الذى أتصفحه وأقرأ وأتعلم منه كما كانت نصيحة أستاذنا الكبير حسين بيكار. إلا أن وصول رسوم الطالب الجديد بالقلم الرصاص أثارتنى ولاحظت همهمات وضحكات زملائه الذين دفعوا بهذه الأوراق المرسومة بريشة ساحرة تقترب من أسلوبى فى الرسم الصحفى الذى كان قد بدأ ينتشر فى «روزاليوسف» وكنت فى العام الدراسى الأخير قبل التخرج.  أخذت معى رجائى صديقى الجديد الذى يرسم بطلاقة وحرية وسخرية مريرة أكثر منى إلى مجلة “روزاليوسف” وجلس أمام طاولة الرسم بينى وبين الرسام الكبير جمال كامل حتى جاء أبو العينين المخرج الفنى بالصدفة وإحسان عبد القدوس ذائع الصيت الروائى وصاحب قلم كبير يكتب الافتتاحية بطلاقة وشجاعة رأى ومثلها عندما يكتب فى الحب واشتهرت عباراته فى الإذاعة “تصبحوا على حب”.

هكذا ومن اليوم الأول خطفت “روزاليوسف” صديقى الفنان الجديد الذى يوقع “رجائى” حتى إن المعجبين برسومى من أهل المجلة تركونى و التصقوا به أمثال د. مصطفى محمود الذى أصبح يرسم كتبه ومقالاته سنوات طويلة.
هاجر «رجائى» بعد سنوات أخرى فى رحلة إلى أستراليا بعد قصة حب مع أم أطفاله التى أخذته إلى قارتها البعيدة وأصبح له وطن ثان وعمل جديد ممتع، حيث يتحول إلى طبيب نفسانى رسام يحاول علاج المتعبين بعقولهم عن طريق الرسم وتحول المرضى إلى أصدقاء عمره بعد ذلك. أما علاقتى به بعد ذلك فقد بدأت عندما سافرت أنا أيضاً إلى باريس للتزود من عالم الفن التشكيلى بصفة عامة وأنتقل من الرسم إلى اللوحة والتمثال تتلمذت على متاحفها كأنى أحج إلى اللوفر كل يوم أحد وأتعلم من عتاولة فن الرسم والتصوير الزيتى والنحت.
عندها فوجئت بأنه يحضر إلى باريس وأصحبه إلى متاحفها ويعيش معى فى مرسمى فى ضواحى باريس فتزداد مشاعرنا وذكرياتنا الجميلة منذ بداية مجلة “صباح الخير” وكأنه ورث عنى صفحاتى التى تنشرها “روزاليوسف” المعروفة أخبارهم على وجوههم وانضم إلى الكوكبة المعروفة لفن ازدهار فن الكاريكاتير فى المجلتين العملاق صلاح جاهين وحجازى وبهجت وصلاح الليثى وينضم إلى جماعة حسن فؤاد وزهدى وجمال كامل.
تعددت لقاءاتنا ولكن هذه المرة على الورق وأصبحت أطلق عليه اسم “توأمى” وهو لا يكتب رسائله ولكنه يرسمها، حيث أنشر إحدى هذه الرسائل وهو لايزال يهددنى إذا نشرت رسالة من رسائله سنقطع علاقتنا وصداقتنا وأتوقف عن الكتابة إليك والرسم معك بعنوان عزيزى جورج ووجهى وملامحى وحياتى كلها فى باريس يترجمها بريشته الساخرة اللطيفة.
وصلت هذه الرسائل إلى عدد يفوق 500 رسالة أحتفظ بها دون نشرها كما أوصانى ولكن هذه الرسالة هى الوحيدة المسموح بها أما رسائله إلى نرمين وأبوالعينين وإحسان عبدالقدوس الذى استضافه فى رحلة بالصدفة فى منزله بأستراليا.. رسائل مرسومة لا تعد ولاتحصى.
أشكرك صديق العمر الفنى “رجائى ونيس” الذى عاد إلى مصر منذ عام وسافرت إليه فى بلده بنى سويف”.

 

غلافا كتابي رجائي ونيس لسيرة مبكرة في اليابان

ولكي أكمل رسم شخصية رجائي ونيس، سنقرأه من خلال رسالتين متبادلتين بينه وبين جورج بهجوري، وهي رسائل مرسومة، تبادلتُ ما يشبهها مع أصدقاء لي منذ 30 سنة، وكتب لي مثلها رسالتين ـ بالقلم وبالتصاوير والحروف ـ الراحل المُعلم الكبير محيي الدين اللباد:

“عزيزي جورج!

أخي في الparody  وفي الطبل الـ balady . عزيزي في الـ painture وفي الجبنة بال feteer .  رفيقي في café riche وفي الثورة mafesh!

وصلني خطابك وبه son of parody!! .. أو parody وأحسست ب déjà vu ولكن لماذا ترغب في دخول التاريخ وأنت ممسك بتلابيب بيكاسو وسيزان وفان جوخ وعبد الهادي الجزار؟

نعم .. في سننا هذا نحن نقف علي أبواب التاريخ وأنت يا صديقي فنان كبير وستدخل من أوسع أبوابه ? ربما باب زويلة ? أما أنا فلا أجرؤ إلا علي الاتصال بعنوان التاريخ البريدي ومحاولة الدخول عن طريق صندوق الخطابات !

سأعتذر للتاريخ أن رسومي لا تحمل (الخط الواحد ) بل ربما بعضها يحتوي علي أكثر من مائة خط ! ولكني سأقول في دفاعي أنني استخدمت (القلم الواحد) أو الفرشة الواحدة ، وفي بعض أحيان كنت أرتدي قميص ذات زرار واحد ، كما أني زمان شاهدت فيلماً اسمه (القلب له واحد)! ربما يرق قلب التاريخ ويسمح لي بالتسلل إلي صفحاته !! علي العموم .. تهنئتي القلبية لك بنجاح معارضك فنيا وماديا . كما أرجو أن تسمح لك صحتك بالإبداع دائما .
المبني في بني سويف جاهز للإقامة والإنتاج ويجري تأثيثه لإقامتي به في زياراتي المقبلة .. نرمين تستطيع أن تصف لك المكان فقد رأته في زيارتها السابقة أرجو أيضا أن تطلب منها نسختك المجانية لكتابي الأول وسأذكر لها ذلك عندما اتصل بها ربما في نهاية هذا الشهر .

تبدأ رسائل رجائي ونيس إلى جورج البهجوري، بروح مداعبة، وخيال كوزموبوليتاني، مثل هذا النموذج: أخي في السطوح … بجوار عشة أم ممدوح … في عمارة الحاج فتوح … في الطلاسم … في الطماطم .. رفيقي في التصاوير .. في العصافير . وفي الضواحي الغربية لأبو قير .. تحية أطول من المسلفة من لبنان إلى كوفي أنان ومن ركن الشباك إلى جاك شيراك ومن جزيرة الروضة إلى جيرهارد شرودر.

السفر بين استراليا ومصر غير السفر بين أوروبا ومصر ، فالساعات أطول وفرق التوقيت أكبر وأيضا التغيير في المناخ .. وسأحاول التنقل بين البلدين بقدر ما تستطيع صحتي وطاقتي ورغبتي . كل ما أريد هو مكان أستطيع الإنتاج فيه بهدوء . أنا ليست عندي أي رغبة في الأضواء أو الشهرة أو الإعلام !

أنا أنتمي لأكثر من بلد .. مصر واليابان واستراليا .. أنا أنتمي لعالم الشرق الأوسط والشرق الأقصي والعالم الغربي .. أنا أنتمي لهذا العالم بشكل مؤقت وللعالم الروحي بشكل دائم . إن العمر يوشك علي النهاية وأنا مازلت علي وشك فهم واستيعاب أشياء كثيرة عن الفن والحياة وما هو ضروري وما هو ليس إلا شوائب لا جوهر لها ! إلي أن نلتقي مرة أخري علي صفحات الورق أو علي صفحات التاريخ .. تحياتي لك ولينتوكريس وتمنياتي بالنجاح الدائم .

July 2010 Australia

 

رجائي ونيس ، أقصى اليمين ، في كيوطو مع السيد والسيدة ميناموتو وأسرتهما

“عزيزى رجائى ونيس جدًّا

أخى الرائع فى كتابة الجوابات ونقد الذات يا ونيس جدًّا  جدًّا  لأن رسالتك وصلتنى وأنا فى مرسمى غرقان فى لوحاتى وألوانى ولم أقابل أحدا سواك على الورق.. كلامك وأفكارك رائعة جدا وأنا موافقك على طول الخط الواحد وأنت بطل ورائد فى فنك وحكاية تصنيفه لخدمة الآخرين المحتاجين للمساعدة جعلت الفن رسالة إنسانية وأنت فى نهاية أو كعب الكرة الأرضية أستراليا وتوفيقك الأخير للجمع بين الرسالة والعودة للوطن الحبيب ولقاء الأصدقاء القدامى ومن تبقى منهم وأنا منهم ونرمين وإيهاب مثلا.

وتكفى رحلة رئيس التحرير إلى بيتك فى أستراليا وافتخار إحسان عبدالقدوس بك، وكلامك عن تدليع الخط فى الرسم ليكون واحدا صحيح ولكن لم أهتم بتلفيق الحكاية على الورق أو اللعبة ذاتها كالبهلوان أو مهرج السيرك ولم أستعجل حكاية التقاط ملامح مميزة فى الخط ولم أفتعل …

أما رأيك بأن رسومى فى صباح الخير الأولى المبكرة كانت أجمل فى الخط ولكنى أعرف أنها زخرفية فقد كنت أمضى وقتا طويلا فى التنفيذ والضغط على أطراف الخط ليصبح له هذه النغمة الموسيقية أما الخط الحالى فهو خاطف سريع بدون إعادة يتبع اللحظة الخاطفة.
أما نقدك لبيكاسو فهو رائع…

(مقتطفات مما نشر في صباح الخير ، 28 سبتمبر 2010)

 

غلاف صباح الخير ، بريشة رجائي ونيس

بين كتابيه، أنا واليابان ورحلة المصير (1) و أنا واليابان ـ ساموراي من النيل ـ حياة فنان مصري في اليابان (2) نغوص بألبوم حي يروي قبسًا من تلك الرحلة التي خلص فيها إلى أنه ينتمي “لأكثر من بلد .. مصر واليابان واستراليا .. أنا أنتمي لعالم الشرق الأوسط والشرق الأقصي والعالم الغربي .. أنا أنتمي لهذا العالم بشكل مؤقت وللعالم الروحي بشكل دائم”.

 

رشاقة الخط الذي استأنسه وروضه رجائي ونيس، وجدت أيضا براحا في أن تزداد التفاصيل دقة، بعد رحلة بصرية للمنمنمات اليابانية التشكيلية. هذان الألبومان المطعمان بالرسوم الكاريكاتورية للأغلفة والصفحات الداخلية بمجلتي “روز اليوسف” وابنتها “صباح الخير”، والذكريات المغسولة بماء حكمة السفر بين الشرقين.

الثورة الحقيقية قدمها هؤلاء الفنانون، ثورة على كل ما هو تقليدي، ومنسوخ، ومكرر، وفج، لكنها ثور بناء أفق جديد، متحرر، مفكر ، يرى نفسه وسط الآخرين، يتحاور معهم ليفهمهم من أجل بناء عالم تقدمي وإنساني ومشترك.

 

الرسام في مسقط رأسه؛ شارع في بني سويف، رؤية ثانية، أكريليك على الورق

عند افتتاح أول خط طيران بين مصر (الجمهورية العربية المتحدة) والعاصمة اليابانية طوكيو، سافر وفد روز اليوسف يضم الرسام رجائي ونيس والصحفي مفيد فوزي، كان ذلك في 1962، ليضيء فيها الرسام عبر ألبوميه، هذه الرحلة التي دعمت فكره النازع للتغيير، والتأمل في آن. وقد ألهمته الحياة اليابانية سرًّا بعد آخر، وأخذ يفض تلك الأسرار، ليفهم ويرسم ويتزوج ويعيش يابانيا ومصريا، في آن، أو ساموراي من النيل، كما يلقب نفسه. يحط الرحال في كيوطو، ومثلما يتأمل الساموراي، والراهب، والشخص العادي حياته في اليابان، تقمص رجائي ذلك كله، وبدأ يفكر من داخل العباءة اليابانية، لكسر الانغلاق والانعتاق من فكرة الإنسان النمطي المتشابه والمكرور. ويحكي الكتاب عن أول معرض لفنان مصري يرى اليابان ببصره وبصيرته وحبره وريشته.

 

ست شخصيات تجد رسامها، الصف الأول من اليمين: محمد حسنين هيكل ومنير عامر وأحمد فؤاد نجم، والصف الثاني وجوه من التلفزيون المصري، وصوتان يضيئان في الظلام: نوال السعداوي، وبهيجة حسين (قيادة الحزب الشيوعي المصري وجريدة الأهالي)، وأخيرًا العالم الفلكي أحمد شاهين

فجأة ظهر لي رجائي ونيس مرة أخرى، على فيسبوك، مثل شهاب في سماء داكنة، وأحسستُ كأنني عدت لجلستي مع جمال هلال، أو كأنني عدت للقائي ببهجت عثمان وجورج البهجوري ومحيي الدين اللباد، وكأنني أجلس تحت الخط الذي تخترقه كلمة صباح الخير.

الفنان وزوجته اليابانية ماريكو ، مع صديقتين لهما، كيوطو، 1964

كل يوم أزور صفحته، وأقرأ رسائله الملونة، وأشعاره ذات السطور الخمسة، وأتأمل اسكتشاته ورسومه ولوحاته، وأقرأ التلفزيون من خلال الوجوه التي يرسمها.

 

في انتظار جودو، تأملات الرسام الشاعر رجائي ونيس

ها هو رجائي ونيس يتأمل العالم من عند نهايته، مثل حكيم شرقي، يمتلك تواريخ الفراعنة وتراتيل المسيح، وتعاليم بوذا، مع سخرية مصرية لاذعة، باكية حبرا حرا.

أهلا بك رجائي ونيس!

3 Responses to خيرُ جليسٍ وأنيس … السَّاحر رجائي وَنيس

  1. رجائي ونيس

    Ragai Wanis رد

    14 مايو, 2014 at 9:14 ص

    My dear friend Ashraf
    Thank you very much for your beautiful review of my work. I am overwhelmed by your generosity of spirit. Maybe we can meet one day somewhere in this world.you are certainly welcome to be my guest here if you visit Australia.
    Best wishes and thank you again…

  2. 아슈라프

    AshrafDali رد

    14 مايو, 2014 at 9:42 ص

    Thank you my dear friend and great artist, Ragai Wanis. It is my pleasure to meet you anywhere , on paper, virtually, or in a geographical piece of land and memories

  3. رجائي ونيس

    Ragai Wanis رد

    14 مايو, 2014 at 10:42 ص

    Thank you dear friend Ashraf.
    I am overwhelmed by your article about me and the generosity of your spirit.
    I wrote this message before but was not sure I sent it correctly. You are most welcome to be my guest if you found yourself in Australia.
    Best wishes and thanks again.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات