متحف الدراما الكويتية … توثيق للموروث الشعبي

07:53 صباحًا الأربعاء 21 مايو 2014
فاطمة الزهراء حسن

فاطمة الزهراء حسن

مخرجة تليفزيونية، وكاتبة من مصر، مستشار شبكة أخبار المستقبل (آسيا إن)

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

متحف بيت العثمان، في منطقة حولي، الكويت، حيث يضم داخله أول متحف للدراما

لعبت الدراما الكويتية دورا كبيرا في صياغة فكر ووجدان الجمهور الخليجي .. وعرّفت الشباب على وجه التحديد بصفحات ناصعة من تاريخ الآباء والأجداد ونضالهم قبل اكتشاف النفط من أجل لقمة العيش“.

 كانت هذه كلمات رئيس فريق الموروث الشعبي وصاحب فكرة تأسيس متحف الدراما الكويتي الأستاذ أنور الرفاعي متحدثاً عن الهدف من تأسيسه.

لدى زيارة المتحف هناك قسم يستطيع الأطفال فيه ممارسة هواية الرسم وسط أجواء تقليدية

كان الافتتاح الرسمي لمتحف الدراما متزامنا مع الأعياد الوطنية في شهر فبراير /شباط 2013 تحت رعاية سمو الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح أمير البلاد.

الفكرة حقيقة رائعة ومُلهمة , وهى تُعد الأولى من نوعها في المنطقة العربية, أما مقتنيات المتحف فقد حصل عليها من وزارة الإعلام ومن تلفزيون دولة الكويت, مزيحًا الستار عن عقود من التنوير والإبداع قادها كوكبة من المفكرين والفنانين ليمهدوا الطريق للأجيال التي تلتهم وليضربوا المثل في الإصرار والتحدي حينما كانت الإمكانات محدودة ولكن الموهبة والإيمان برسالة الفن كانت لهم حافزا قويا على الاستمرار والنجاح.

مُجسَّم بيت العثمان

يقع متحف الدراما الكويتية في بيت العثمان بمنطقة حولّي , ويضم المتحف كل ما يتعلق بالأعمال الدرامية والأوبريتات الغنائية منذ اوائل الستينيات من القرن الماضي, كالأزياء والإكسسورات , ماكينات المونتاج , بكرات التصوير ووحدات الإضاءة.. فضلا عن بعض الماكيتات للمباني والأحياء القديمة مثل السوق الكويتي القديم كطريقة حضارية للحفاظ على نماذج  للطرز المعمارية البسيطة والتقليدية في الكويت وقتئذٍ.

سعاد العبد الله، وعبد الحسين عبد الرضا ، وحياة الفهد، رواد المسرح والدراما الكويتية

رواد الدراما الكويتية :

منذ أوائل ستينيات القرن الماضي شهدت الكويت حركة فنية مميزة لعلها الأكثر تأثيرا وحضورا في منطقة الخليج العربي فكان للمخرج والفنان المصري الكبير زكي طليمات الدور الكبير في النهوض بالحركة الفنية هناك إذ قام بزيارة البلاد قبل الاستقلال بعامين أعد فيها دراسة منهجية متكاملة من اجل وضع خطة لتشكيل حركة مسرحية حقيقية في الكويت , وعاد بعد ذلك بعامين ليطبقها عندما قام بتأسيس فرقة المسرح العربي 1961 والتي انضم اليها مجموعة مميزة من المبدعين من أبناء الكويت والذين أثبتوا موهبتهم وقدموا أعمالا مميزة في الدراما جنبا إلى جنب مع العروض المسرحية .

زكي طليمات يتوسط الرعيل الأول للمسرح

 وهي أسماء لازالت حتى يومنا هذا تواصل العطاء , نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر الفنان الكوميدي الكبير عبد الحسين عبد الرضا والذي قدم المسلسل الأشهر حتى يومنا هذا في تاريخ الدراما الخليجية (درب الزلق) مع خالد النفيسي وعلي المفيدي وسعد الفرج ,وهي أسماء ساهمت بقوة في نجاح الدراما الكويتية وتصدرها السباق الخليجي لعقود طويلة امتدت حتى أواخر الثمانينيات من القرن الماضي , كما قام الفنان  عبد الرضا بتأسيس مركز الفنون للإنتاج الفني والتوزيع أواخر الثمانينيات والذي كان نواة لإطلاق قناة (فنون) الفضائية الكوميدية 2006والتي  تُعد رافدا مهما لتقديم التراث الفني الكويتي لاسيما الأعمال الكوميدية والأوبريتات والمسرحيات التي قام ببطولتها وشارك في كتابتها الفنان الكبير مثل (الأقدار),(الصبر مفتاح الفرج), (الحيّالة), وصولا إلى مسلسل (أبو الملايين)2013 والذي قدمه في شهر رمضان الماضي.

جيل جديد في التمثيل والإخراد: إلهام الفضالة وسليمان البسام

المرأة الكويتية في الدراما الخليجية:

ولعل المجتمع الخليجي بصفة عامة وما هو معروف عنه من المحافظة على التقاليد وابتعاد المرأة عن الحياة العملية لاسيما في بدايات القرن الماضي كان قد انعكس بصورة واضحة عندما كانت هناك حاجة ملحة لوجود نساء في الأعمال المسرحية والدرامية تلك المشكلة التي واجهت المخرج المصري الكبير (زكي طليمات) عندما أسس فرقة المسرح العربي وهنا اتخذت الفنانتان (مريم الصالح) و(مريم الغضبان) قرارهما بالوقوف على خشبة المسرح مع زملائهم من الفنانين الرجال ليقدموا العرض المسرحي الأول (صقر قريش), فكانت النواة الأولى لدخول المرأة الخليجية عالم الفن والمسرح.

 وعندما نتحدث عن الدراما الكويتية فلا يمكننا أن ننسى الثنائي الرائع (حياة الفهد) و(سعاد عبد الله), واللتين بدأتا في ستينيات القرن الماضي وكانت لهما بصمتهما معا في العديد من الاعمال الدرامية الرائعة مثل(رقية وسبيكة),(على الدنيا السلام)، (خالتي قماشة) ,(درس خصوصي), و(خرج ولم يعد) وغيرها من المسلسلات الناجحة , وبعد انقطاع دام حوالي ثلاثة عشر عاما قدمتا سويا مسلسل(بيت أبونا) والذي عُرض في شهر رمضان الماضي .

وتتابعت الأجيال والأعمال الفنية في الكويت لتقدم أسماء كبيرة مثل إلهام الفضالة , انتصار الشراح, حسن البلام , محمد المنصور وغيرهم الكثير من نجوم الدراما الكويتية. لقد أصبح لهؤلاء جمهور عربي، بل وحاز المخرج والكاتب سليمان البسام اعترافا عربية ودوليا حين قدم رؤيته لأعمال مستلهمة من مسرح ويليام شكسبير، والأدب العربي بالمثل.

قاعة درس قديمة، كُتاب، هكذا بدأ التعليم في الكويت، ووثقف المتحف

لم تتوقف المشاريع الفنية في دولة الكويت من أجل تحقيق طفرات جديدة تُعيد إلي الدراما مكانتها الكبيرة في سباق الأعمال الفنية  في منطقة الخليج العربي  بتقديم موضوعات تجتذب أكبر شريحة من المشاهدين, فالمشروع الأكبر الذي يحلُم به القائمون على الدراما الكويتية عامة , وعلىمتحف الدراما  خاصة  هو أن يتم انشاء أكبر قرية تراثية ليتم تصوير الأعمال الدرامية فيها بدلا من الاستوديوهات والأماكن المغلقة والتغلب على مشكلة عدم توافر مناطق مفتوحة للتصوير الخارجي , وان يتم إنشاء هذه القرية على مساحة كبيرة لتكون مركزا للدراما الخليجية في المنطقة العربية وذلك وفق خطة زمنية مدروسة .

نعم إن التحديات كبيرة ولكن الأحلام لا تتحقق إلا بالتخطيط السليم والضمائر اليقظة والقلوب المحبة للوطن في شتى مجالات الفن والفكر والإبداع.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات