الحرب الناعمة تدق أبواب المجتمع العربي

08:13 صباحًا الأحد 25 مايو 2014
رنه جوني

رنه جوني

كاتبة وصحفية من لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

يتعاظم الفكر العولمي، الذي يهدف لتفكيك الدول العربية مصر، سوريا، إلعراق، ليبيا، السودان، تونس، لبنان وغيرها ، عبر أدوات مذهبية فكرية  يذكيها فكر متجرد من التفكير، ففي زمن الحرب الناعمة، المواطن العربي يقرأ جريدته بالمقلوب.. منسوب انفجار الادمغة الشبابية إرتفع وبات العربي لا يقوى على مجابهة شيئ فأرضه محروقة فكريا، ثقافيا، حضاريا وسياسيا وما عليه فقط هو اللجوء الى الفايسبوك لتنفيس احتقانه وغضبه ولكن على الارض لا محارب في الميدان هذا حال وطننا العربي وطن يحتضر فكريا على مرأى من مثقفين لا يرون بالواقع سوى ازمه خطيرة تهدد بيئتنا العربية وعن الحل يتردد مقولة ما في دولة ولا حكومات عربية.

بسطت  الحرب الناعمة  نفوذها ودخلت بحسب  الكاتب أمين قانصون في  “صراع الحضارات الفكرية  إما أن ننقض عليها أو تدعسنا” داعيا أحرار العالم والعقلاء والمفكرين ليتحدو، علينا الإسراع في إطفاء هذه الحرب البغيضة التي قد تستمر ألف عام وتدمر الذاكرة العربية وتُغيب دور المثقف الغائب أصلا بفضل أنظمة عربية مستبدة وفاسدة لم تفهم لغة الحرية يوما بل تراكم أخطاء اوصلنا الى حالة إنفجار خطير عصارته اليوم  الدم وأداته  يحركها  الغرب  وأمريكا لمصلحة إسرائيل”

الباحث والكاتب رفيق نصر الله

مصطلح الحرب الناعمة بطله الأمركي جوزيف ناي، ويهدف الى سلب ثقافتنا  وبشكل ناعم   قد يسأل البعض كيف تخرج الحرب الناعمة الى الواجهة وبأي أدوات؟  بصريح العبارة البرامج الترفيهية الأغاني، المسلسلات المدبلجة، برامج الهواة المتعددة التي تبعد المواطن العربي عن مشاكله، عن القراءة والتحليل  وهذه يراها الباحث والكاتب رفيق نصر الله جاءت ” لتساند الحرب الدائرة في الوطن العربي” يرى نصر الله ان حرب الميديا ووسائل التواصل الاجتماعي حرب شرسة، تغير المفاهيم والنظم والافكار، ويرأيه “نخوض اخطر المعارك التي تسبيح مجتمعنا، فبعض افكارنا العربية مازالت بائسة لم تجار التطور الحاصل”. مردفا على ” الادباء والمفكرين العرب التكاتف لاستعادة وجهة النضال ..فلسطين”.

المفكر علي مزرعاني

 ما يجري في الوطن العربي أكبر مثال، حرب، قتل تدمير تشويه للمعالم التاريخية، من ةتدمير تمثال ابو العلاء المعري في دمشق الى حرق المكتبات التاريخية في لبنان ومصر والعراق والسودان، الى بث افكار تطرفية لا تمت الى الفكر العربي بصلة، تفريغ العقول الشبابية، تلك الاداة تعتبر الاخطر في الحرب الدائرة، بحسب المفكر علي مزرعاني  الهادفة الى “تدمير الحراك الثقافي الدائر وتكفيره” ويرى أن ” تلك الاداة خطرة يتوجب التنبه لها، ببناء ارضية صلبة”.

 يبدو أن مظاهر العولمة والانفجار الثقافي الهائل، أدخلنا في حرب فكرية ناعمة في الظاهر ولكنها ذات مخالب سامة، عبر هجمة مبرمجة جعل “الكتاب في خبر كان وعقول الشباب تحت القصف الدائم والمركَّز مِن الآخر، ما  يطرح إشكالية خطيرة ما مدى تأثير تلك الحرب على ساحاتنا وشبابنا وهل مجتمعنا محصنَ وهل إقترب خروج المارد من قمقمه ؟

الكتاب اللبناني محمد ناصر الدين

يقول الكتاب اللبناني محمد ناصر الدين “اننا غير محصنين والحرب الجديدة تهدف لإبعادنا عن القضية الاساس فلسطين، نعيش حرب مذهبية وهذا أصبح العنوان الاول للحياة السياسية على طول امتداد العالم الاسلامي” للأسف تستنزف الحرب الناعمة العقول وتغيير الأفكار لضرب المجتمعات، تغسل ادمغة وبدلا من أنهاض الفكر العربي، يجري تدمير معالمه الفكرية ومكتباته التاريخية وكل دلالات التاريخ الادبي المعاصر وبالتالي نقف امام سؤال خطير من المستهدف ومن المستفيد وهل سيستسلم الوطن للعامل الذهني والفكري والوعي، عبر ضخ إعلامي ونفسي كبير لإقناع الخصم بأن منظومته الفكرية متخلفة وعليه أن يتركها ويتبع الآخرين”، وبإعتقاده أنه “كي  نؤمن ارضية صلبة   يجب ان نقرا ونطالع، انا اؤمن بشعب مثقف وليس بنخب، يجب إدخال الادب والثقافة في الحياة وان يستعيد الشعب عشقه للغته الام”.

الاديب حسن شمص

حالة تراخي في مضمون الفكر، بتنا نشهد كمُ هائل من الادب ونفتقد المضمون وبالتالي كيف يمكن ان نواجها؟ بإعتقاد الاديب حسن شمص أن “تلك الحرب تسير بالتوازي مع حرب خشنة من خلال حرق وتدمير الكثير من المراكز الثقافية والمكتبات التاريخية في العالم العربي” مؤكدا الحاجة الى “ثورة فكرية توعوية للشباب العربي ولكن للأسف اعتقد ان الامور خرجت عن السيطرة في ظل الاضطرابات التي تشهدها المنطقة مع التطور السريع لوسائل الاتصال التي تحتاج الى استقرار فكري ونفسي من أجل التعامل معها بذكاء” لافتا الى أن ” الغرب عبر شركات استخباراتية وتجارية يتحكم بعقول شبابنا من خلال هواتف ذكية وبرامج تسيطر على عقولنا، وبتلك   السياسة سرقوا ثقافتنا”

 عملية حسابية بسيطة تكشف حجم الهوة التي بدات تتسع في المجتمع العربي الذي بدلا من ان ينصرف الى بناء قدراته الفكرية ومنظومته الثقافية ينشغل في تكنولوجيا خطيرة لتدمير تفكيره وتبعده عن التفكير ببناء مجتمعه يمضي الوقت إمام الفايسبوك أو الإنترنت والهاتف والواتس أب وبالتالي يعيش حالة كسل وخمولا خطير جدا فغاب المثقف والثقافة  والسؤال يدور أين المثقف الحقيقي؟

الكاتبة لطيفة الحاج قديح

 الكاتبة لطيفة الحاج قديح ترى أن “المثقف دوره مشلول وفي وضع لا يحسد عليه”، لافتة “أننا أمام معركة شرسة تبرم اليوم يراد منها تفريغ عقول الشباب من الثقافة الهادفة حتى  أنهم يريدون طمس الهوية الأدبية ولكن الحق يعلو ولا يُغلى عليه” متساءلة  هل الثقافة على مستوى الحدث؟ هل هناك سياسية  تطيير للعالم وتغيير للظروف في الواقع هناك هجمة كبيرة على تشويه الصورة الواقعية  وتغير هوية المنطقة  وإعادة تشكيلها بما يتلاءم مع اهدافها، أضف الى اننا اليوم نشهد أشباه مثقفين  فينخدع القارئ ووتصبح الامور نوع من الإبهام،  لذا مطلوب من المثقف العربي ان يصوب الحقيقة وأن يصحو من كبوة الحلم وسط الهجمة الخطيرة التي تستهدف بيئته وحضارته، دون ان يفتها الإشارة الى أن هناك أموال طائلة تصرف على التسويق لفكر عولمي فارغ لأن الحراك الناعم حسب توصيفها يُراد منه “تغريب الشباب والسيدات عن حقلهم الفكري  الثابت، وبالتالي نحن امام معركة  شرسة وطويلة والحق لا يعلو ولا يَعلى عليه لذا يجمل أن يكون هناك حراك على مستوى اللحظة قبل أن تشتد الازمة، بيد أن انها تردف لا تنده ما في حدا”.

سباق محموم يعيشه الفضاء الثقافي الفكري العربي يشبه “لعبة من انا”،  ذات يوم قال الكاتب محمد الماغوط “سأخون وطني” لأن مثقفيه غارقين في مشاكل خاصة بعيدا عن الوطن،  فالمفكر العربي يغني في واد والمجتمع في واد   “جرى الغاء دور المثقف وهذا من مفاهيم القوة الناعمة” تقول الكاتبة زينب صالح التي تعتبر ان “ما يشهده الوطن العربي من افكار تطرفية وبث فكر اسلامي متشدد لخلق فتنة لا يخدم الا الغرب الهادف الى تفتيت البيئة العربية يخافون من صحوتها والا بما بفسر استفحال الحرب الفكرية بموازاة الربيع العربي؟ كيف يمكنني  كأديبة ان اربط بين وجود جماعات تكفيرية ترابض على حصون الادب والفكر والغي كل من يعارضها واسكت؟  يجب ان يهب مفكري وباحثي الوطن برمته لمواجهه الحرب الفكرية الإلغائية، حرب مغولية تّشن وضعت وطننا العربي في مأزق خطير يحتاج الى تماسك لنبذ الفتنة الزاحفة اليه”، وتعتبر صالح ان “الاعلام والميديا والتواصل الاجتماعي اخطر سلاح يلعب به الغرب يريد إسكات الشباب العربي وإبعاده  عن التفكير بقضاياه المحقة، للأسف نجح، شبابنا مدمن فايسبوك وواتس أب، لا يجد وقتا لمناقشة قضاياه ولا لقراءة كتاب ولا حتى للتفكير بانتاج فكر عربي كما كنا نشهد سابقا وهذا سرطان خطير يفتك بنا على مهل وللأسف العرب نائمون”..

الشاعرة اكرام شاعر

من يحصن مجتمعنا من يهاجم تلك الحرب من المسؤول اين دور الاديب؟ المفكر؟ السياسي والحكومات العربية؟ من تلك الحرب السلسلة التي تنتشر في مجتمعاتنا بهدوء دون فوضى ولا قتال ما المراد من تدمير فكر المتنبي وابو العلاء المعري وجبران خليل جبران وغادة السمان وغيرها، لما الكتّاب الغرب أمثال نعوم تشومسكي، يحذرون من مآرب تلك الحرب والعرب مازالو في “كومة”  اين الربيع العربي وثورته “ما نشهده زمهرير عربي” تقول الشاعرة اكرام شاعر التي تربط بين ما يحصل اليوم من تفتفت افكار وثقافة” مضيفة  “الغرب يملك هدفا واضحا قلب موازين القوة اضعاف العرب فان عجز بالسلاح اتاهم بالفكر الاسهل نحن شعب لا يقرا وان قرأ لا يفهم ما قرأ ما يعني ان قوة التفكير تشتت، ضاعت في غياهب البحث عن الانا الفكرية، وتركنا الغرب يعيدنا  الى عصر التناحر الجاهلي والا كيف نفسر تلك الجماعات التكفيرية وهجمتها على الغاء كل ما يعارض فكرها للاسف منشطتها هو اعلامنا العربي الذي يدخل في تلك الحرب كأداة مساعدة والا لما يراد سرقة الربيع العربي من المستفيد في احداث الفوضى العارمة اذا سألنا عن مفكرينا يكون جوابهم يترقبون لا حيل لهم على بث فكر سصطدم بأفكار متحضرة عولمية تجذب الشباب العربي الضعيف.

 وماذا بعد، هل هذا ربيع أم خريف، شلل في ثقافته الفنية، المسرح غائب، فكر تكفيري اوجع الوطن العربي برمته جعله خاتم في اصبع حراك مشاكس، ضياع الشباب العربي في ثقافة الواتس-أب والفايسبوك، المرأة تبحث عن دورها، تمزق في الإعلام العربي، لغته العربية في مأزق، كل ذلك يضعنا أنا مأزق خطير هل نجحت الحرب الوافدة من الغرب بسلاسة؟ بدأت نتائجها تخرج للعلن العرب أنفسهم قلقون على مستقبلهم الجديد فمتى ويصحو من كبوة الخمول ويكمش لغته وفكره من جديد؟ سؤال برسم المتغيرات الإقليمية التي ترصد الربيع العربي كما خريفه فمتى يخرج المسرح العربي بحراك متين. 

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات