لماذا يهاجم عملاء المخافر من يسمونهم بحَمَلَةِ المباخر؟

06:49 مساءً الأحد 1 يونيو 2014
خالد سليمان

خالد سليمان

كاتب وناقد، ،مراسل صحفي، (آجا)، تونس

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

في الحقيقة أنّي لا أحبّ الدّخول في مهاترات مع بعض الأشقّاء من راغبي الشّهرة و التّحقّق على حساب الإعلام و الصّحافة المصريّة خاصّة و أنّ افتعال تلك الأزمات سرعان ما يتحوّل إلى اقتتال معنوي بين فريقين قد يتطوّر لما هو أخطر من ذلك بسبب تصرّف غير مسئول لأحد الباحثين عن الشّهرة و التّحقّق أو حتّى راغبي بيع أقلامهم و منابرهم للمعسكر ” القطرائيلي” الذّي يدفع بسخاء هذه الأيّام من أجل تقويض كيانات الدّول العظمى على الصّعيد العربي و على رأسها مصر
و عادة لا آبه حتّى للسّباب عندما يخرج من قامات قزميّة و لا أدخل في مناظرة إلاّ مع ندّ .. إلاّ أنّ واقعة حدثت معي مؤخّرا خلال احتدام معركة انتخابات الرّئاسة المصريّة و انشغالنا بها جعلتني أتوقّف لبرهة للتّدقيق .., والمسألة ببساطة أنّه وصلني من أحدهم ” على ما يبدو صحافي أو إعلامي ” ينتمي لقطر شقيق و عزيز مقال بقلمه في إحدى الصّحف التّي اعتزلنا الكتابة فيها منذ أوائل الألفيّة الثّانية تقريبا نظرا لتوجّهاتها المشبوهة و كان المقال يتحدّث حول ” حملة المباخر في الإعلام المصري ” ..
و بغضّ النّظر عن رداءة العنوان المستهلك الذّي لا يشي بأدنى موهبة إبداعيّة وجدت كاتب المقال يتحدّث عنه ” حملة المباخر ” في الإعلام المصري ممّن التفّوا حول ” عبد الفتّاح السّيسي ” و هو عنوان مجاف للحقيقة و يحمل مغالطة كبيرة إذ أنّ “السّيسي ” بشعبيّته الجارفة في الشّارع المصري لا يمكن أن يكون كلّ من التفّوا حوله من ” حملة المباخر ” لكنّ الأمر أيضا يحتمل وجود فئة منهم حول “السّيسي ” قلّت أو كثرت لكنّهم موجودون بالتّأكيد و هذا أمر طبيعي في أربعة أركان الأرض , و هناك معركة كبيرة تدور في مصر حول تلك المسألة التّي لا تعني أو تهمّ غير المصريين و اتّهامات متبادلة بين أطراف متعدّدة في مصر هي أدرى بواقعها الذّي لا يعرف عنه كاتب المقال المرسل إليّ إلاّ معلومات مبتورة و مشوّهة أغلبها على ما أظنّ ” سماعي ” لا عن احتكاك مباشر أو معرفة بالواقع المعيش في مصر ..

هنا ولدت الصحافة

و الحقّ أقول لكم أنّ المقال المتهافت لا يستحقّ عناء الردّ عليه لإعتماده الكلام المرسل و ضعف حجّته و اصراره على التّدخّل فيما لا يعنيه و هو ما يلاحظ مؤخّرا على فئة بعينها إثر اندلاع الرّبيع ” العبري ” أصبحت تحترف ” التّنظير ” و التّدخّل في شؤون الغير و كأنّهم امتلكوا ناصية الدّيمقراطيّة و السّياسة دون غيرهم على الرّغم من حداثة عهدهم بكلّ ذلك .. خاصّة ” الحريّة ” , و ربّما أيضا جبنهم عن الإهتمام بشأنهم الذّي هو أولى باهتمامهم هو الذّي جعلهم أكثر اهتماما بشؤون الآخرين بما في ذلك إعلامهم ..
الإعلام المصري يمرض و يتعافى و ينتكس و يعود لكنّه موجود و متحقّق بقوّة في كلّ حالاته و يؤثّر و يسمع و يرى , و مجرّته تزخر بالنّجوم اللاّمعة ..تؤيّد ” السّيسي ” أو ” حمدين ” لكنّ الثّقب ” القطرائيلي ” الأسود لا يمكنه ابتلاعهم كما فعل بغيرهم إلى حد أنهم في العهد “الوليد” دشنوا مقاول “أنفار صحفية” جديد لتوريد مقالات “تفصيل” على قياس مموله ” القطرائيلي الجديد” ومن سخرية القدر أن المقاول ذاته هو مقاول العهد الديكتاتوري السابق ومازل يمارس هوايته في أكل الحقوق فيلتهم ثلاثة أرباع الرغيف المسموم أو يزيد قبل أن يمنح أحدهم أجره بالعملة المحلية محتفظا لنفسه أيضا بفرق السعر …. ؛ و البون شاسع بين إعلام و آخر فما بالك بالقوة الناعمة لمصر ..

الصحفي الأستاذ محمد حسنين هيكل

أقلّه نملك إعلاما ضمن مجرّته الأستاذ ” هيكل ” فكم قرنا يلزم الآخرون حتّى ينجبوا مثله إن استطاعوا ..
و نستطيع أن نلمس الضّحالة و السطحيّة في مقال رأي سطحي انطباعي يشي بأنّ سقف معلومات الإعلامي كاتب المقال المشار إليه هو الأكاذيب مدفوعة الأجر التّي تذيعها قناة ” الجزيرة القطرائيليّة ” المشبوهة فاقدة الصدقيّة و كأنّه حتّى الآن لا يستطيع إدراك الدّور الذّي لعبته لتدمير الوطن العربي منذ نشأتها..
من يتصدّى للشّأن المصري عليه أن يدرك أنّه يتعامل مع أقدم حضارة إنسانيّة حيث الأرض التّي شهدت ” فجر الضّمير ” إن كان لديه أدنى فكرة أصلا عن هذا المصطلح الذّي لم يصغه المصريّون .., و ربّما أدرك أيضا علاقة المصري بمؤسّسته العسكريّة و علاقة هذا كلّه بأقدم مركزيّة في التّاريخ اختارها المصريّون طوعا و اختيارا لا كرها و إجبارا لكي تنظمّ له شؤون حياته التّي تعتمد على مدى صرامة الإدارة ” لنظام الرّي ” و الكفاح الطّويل في عصر ما قبل الأسرات وصولا إلى” الملك العقرب ” ثمّ ” مينا ” موحّد القطرين , و بكلّ تأكيد هو لا يعرف تاريخ المحن و الإنكسار و الإنتصار التّي مرّت بها تلك البلاد منذ محنة غزو ” الهكسوس ـ الملوك الرّعاة ” و طرد ” أحمس” لهم عبر تلك المؤسّسة ملاذ المصريّين في أوقات الشّدّة عندما تتعرّض البلاد للأخطار الدّاخليّة و الخارجيّة .. منذ عهد ” أحمس” و حتّى خالد الذّكر القائد المعلّم ” عبد النّاصر ” مرورا بالحقبة المفصليّة بين الدّولتين الأيّوبيّة و المملوكيّة الأولى التّي أوقفت الصّليبيّين و التّتار معا في المنصورة ثمّ في ” عين جالوت ” , و بالمناسبة من أطلق على ” عبد النّاصر” القائد المعلّم هما الزّعيمان ” ارنستو تشي جيفارا ” و ” فيديل كاسترو ” .. و ربّما نوّهنا لذلك لنبتعد قليلا عن سطحيّة جعلت البعض يظنّ أو يصدّق أنّ الإعلام المصري الذّي وصفه كاتب المقال السّاذج ” كلّه أو بعضه ” بأنّه من ” حملة المباخر ” فيما كان يمدحه من حيث لا يدري إذا افترضنا جدلا صحّة رأيه المتهافت .. إذ أنّ إعلاما يستطيع غسل عقول 94 مليون مصري ليقنعهم ” ب عبد الفتّاح السّيسي ” لابدّ و أنّه إعلام جبّار يعدّ الأفضل و الأقدر حرفيّة مقارنة بأجهزة الإعلام الأقوى في العالم فما بالك بالإعلام العاجز عن التّواصل حتى مع شعبه أو مع العالم فيتعاطى عقّار ” الإعلام المصري و حملة المباخر للسّيسي” و ينسى خيباته المتواصلة ..
” السّيسي ” الذّي نجح باكتساح حصل فيه على 23 مليون و ستمائة ألف صوت من إجمالي 25 مليون صوّتوا في الإنتخابات الرّئاسيّة المصريّة في إحصاء مبدئي ليس في حاجة إلى مباخر الإعلام أو غيرها ببساطة لأنّه اختيار شعب احترف منذ تاريخ بعيد أن يسبق حتّى نخبته و لا يستطيع أن يقوده أو يزيّف وعيه أحد .. لكن و بطبيعة الحال هذه أمور لا يدركها الهوّاة السّطحيّون الذّين طفوا على مستنقع “الرّبيع العبري ” و فشلوا في الإستمرار كذلك .., و كان وقوف الشّعب و الإعلام وراء السّيسي الذّين اختاروه هو السّبب الرّئيسي في تجفيف دموع الثّكالى و الأرامل من أمّهات الشّهداء من المواطنين و انتهت مهزلة اغتيال الجنود على أيدي الإرهابيّين الذّين استقدمتهم جماعة الإخوان و من لفّ لفّهم في كلّ مكان , كان وقوف الشّعب و الإعلام المصري وراء مؤسّسات الدّولة المصريّة و أوّلها المؤسّسة العسكريّة العتيدة و على رأسها ” عبد الفتّاح السّيسي” مساندة و تقديرا لدورها الذّي قضى على مخطّط ” الشّرق الأوسط الكبير ” و “سايكس بيكو الجديدة” الذّي تقوده الولايات المتّحدة الأمريكيّة و الإتّحاد الأوروبي و عملائهم في المنطقة بقيادة ” تركيا ” و “قطرائيل” و التّنظيم الدّولي للإخوان الإرهابيين و سائر الأقزام , كان وقوفهم و مساندتهم بعد أن ابتعدت ” سوريا” التّي تآمر عليها العملاء و صدّروا إليها الإرهاب عن حافّة الهاوية بفضل إفشال خطّة الشّرق الأوسط الكبير الذّي لم يتبقّ منه إلاّ قواعد و عملاء يحتضرون و سيسقطون إن آجلا أو عاجلا .., كان وقوفهم في حقيقة الأمر لمن يفهم إلى جانب أنفسهم لأنّ من ساند ثورة الشّعب في 30 يونيو هو مؤسّسات الدّولة المصريّة و على رأسها المؤسّسة العسكريّة التّي أصبح رأسها رمزا إلى حدّ أن هتف الشّعب اللّيبي ” نبّي سيسي كي سيسيهم ” و كذا فعلت كافة الشعوب المنكوبة بالربيع ” العبري”.. إذ أنّ الشّعوب تريد حكّاما وطنيّين أقوياء لا عملاء وكان ذلك شغل الإعلام المصري الشّاغل الذّي إنكفأ تماما على قضيّته الوطنيّة ولم ينشغل بالآخرين إلاّ في إطار خبري أو تحليلي موضوعي .. أو في إطار ما يمسّ مصر , و لم يكن ليحذو حذو من يظنّ نفسه قاضيا أو وصيّا على الإعلام المصري ليعطي له درسا في الديّموقراطيّة و المهنيّة .. فيما هو يحيا منذ قرون في الدّكتاتوريّة و النّار مشتعلة في داره لكنّ ما يشغله هو جمرات مبخرة ” الإعلام المصري ” في حبّ ” السّيسي” .. رحم الله أمير المؤمنين ” عمر ” رضي الله عنه حين قال ” شهاب بن جمر بن ضرام ” أدرك أهلك فقد احترقوا .. و أظنّه لم يقصّر في حقّهم مثل صاحبنا لماذا لا يرى الأحدب حدبته ؟!
يمكنكم أيّها الزّميل المتجنّي الردّ على الخاص في الفيس بوك فقد قبلتك إذ أنّني أعشق المواجهة ..دون تحويلها إلى حروب إقليميّة.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات