للثورة فـَنٌّ يحميها

08:02 صباحًا الخميس 29 نوفمبر 2012
أشرف أبو اليزيد

أشرف أبو اليزيد

رئيس جمعية الصحفيين الآسيويين

من أجل هؤلاء وعشرات غيرهم، بل ومئات أو آلاف سواهم من مبدعي مصر، لن تموت الثورة، فللثورة فن يحميها، وفي قلب كل مصري ثائر صوت فنان يهدر من قلب التحرير، آمن بالتغيير، فنقله من ساحة الحلم إلى ميدان الحقيقة.

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

لوحة للفنان أحمد سعيد، عنونها (مدنية) تصور مبدعي مصر، نشرت على غلاف (أخبار الأدب) تجسد: أحمد شوقي ، رفاعة الطهطاوي ، يحي طاهر ، إسماعيل يس ، محمد فوزي ، بيرم التونسي أمل دنقل ، صلاح جاهين ، نصر أبو زيد ، محمد عبد الوهاب ، لويس جريس ، حافظ إبراهيم ، محمد رفعت ، شادي عبد السلام ، سعاد حسني ، نجيب الريحاني ، يوسف إدريس ، أحمد زكي ، أم كلثوم ، إحسان عبد القدوس ، إبراهيم أصلان ، سيد درويش ، صلاح عبد الصبور ، طه حسين ، نجيب محفوظ ، عباس العقاد ، عبد الحليم حافظ ، عبد الفتاح القصري ، نجيب سرور ، يحي حقي ويوسف شاهين

ها هم يرتدون لحاهم المزيفة التي لم تنههم عن الفحشاء والمنكر في الدين والسياسة والحياة، ليصعدوا منبر التكفير…

 فكل من خالفهم مُجْرم، وكل ما خالفهم مُحّرَّم، ليس يعنيهم شعر أحمد شوقي، طالما يمجدِّون النظم الرخيص، ولا يمثلهم رفاعة الطهطاوي فهم ضد تعلم اللغات غير العربية، ولم يسمعوا بلقطات يحي الطاهر عبد الله السردية الخاطفة، فهم عُبَّاد الثرثرة والطنطنة واللغو الأجوف، ولا يبتسمون لإسماعيل يس لأنهم دعاة الجهامة في العلن مهما عربدوا في الخفاء، ولا يطربون لمحمد فوزي فقد ماتت قلوبهم غلظة، ونامت أسماعهم إلا عن مكبرات صوت الرياء، ولا يفهمون بيرم التونسي فأين هم من عبقرية منفيٍّ يحمل وطنه في قلبه أنى ذهب، ولا يؤمنون بأمل دنقل ولا كعكته الحجرية وهم يحولون ميدان التحرير إلى نسخة مشوهة من قندهار، ولا يعرفون صلاح جاهين الذي صاغ الأمل وعانى الألم، ولا يسلم منهم مفكر مثل نصر حامد أبو زيد وقد كفروه وهجّروه ونفوه ليفرحوا بحسبة الجهالة، ولا يؤنسهم محمد عبد الوهاب الذي أنِس النيل له، ولا يتعلمون من لويس جريس كيف يروي الإبداع في كل شهقة وزفير حتى ينثره بحجم بستان الوطن، ولا ينحنون لحافظ إبراهيم حامي اللغة الشعرية، فهم ضد الشعر والحياة بدعوى أنهم آل الآخرة، ولا ينصتون لمحمد رفعت بل يأتون بشرائط لأصوات مفرَّغة لمجرد أنها مسجلة ومختومة بالعلم الأخضر، ولا يدركون من هو شادي عبد السلام فعن أي سينما وسينمائي تتحدث وهم يجهلون قيمتها وقامته، ولا يسعدون كما فعلنا طيلة نصف قرن كمصريين بالسندريلا سعاد حسني، فالسندريلا التي يفهونها ابنة تسع سنوات يريدون حجبها في البيت ـ مع أحذية دميتها ـ زوجة طفلة للحية مغبرة، ولا يجلسون إلى أريحية نجيب الريحاني فيلسوف الكوميديا السوداء، لأنهم صناع التراجيديا الحمقاء، ولا يذكرون يوسف إدريس في حين يتذكرون أشباها مشوهة وأنصافا مؤلهة، ولا يتأملون أحمد زكي في تمثيله الصادق، لأنه لديهم مزيفين أمثال بينوكيو صاحب النظارتين والأنف الكاذبة، وليس يؤلمهم أكثر من أم كلثوم لأنها وحدت أمة يحاولون تفرقتها، وأحيت فنا يتمنون هدمه، ولا يهمهم إحسان عبد القدوس فسعيهم إلى محو تراثه وتراث رفاقه ينبئهم ـ كذبا ـ بأنهم سينجحون، ولا يقرأون فنقول أنهم عرفوا حكمة إبراهيم أصلان، وليسوا وطنيين فنقول إنهم واعون بقدر سيد درويش، وليسوا شعراء فنقول إن سدنتهم يؤمنون بصلاح عبد الصبور، وليسوا بصيرين فنقول إن طه حسين عميدهم، وليسوا أصحاب ناصية الحكي فنقول إن نجيب محفوظ عمهم، وليسوا يعرفون عن عباس محمود العقاد سوى أنه شارع في مدينة نصر، ولا يرون من عبد الحليم حافظ ، صوت ثورة يوليو وصوت خفقان قلوب العشاق المصريين، إلا صوتا لعبد الناصر ـ عدوهم الأوحد ـ ليهاجموه ليل نهار، ولا يدركون أن عبد الفتاح القصري عميد مكافحة الشخصيات الركيكة أمثالهم بتمثيله الفذ، ولا ينسون لنجيب سرور سخريته اللاذعة، ولا يشعرون أن يحي حقي ـ حتى حين أخرج كناسة الدكان لم يكونوا فيها، لأنهم حافظون مكانهم في مزبلة لتاريخ، ولن ينسوا ليوسف شاهين أنه عرفهم ففضحهم.

من أجل هؤلاء وعشرات غيرهم، بل ومئات أو آلاف سواهم من مبدعي مصر، لن تموت الثورة، فللثورة فن يحميها، وفي قلب كل مصري ثائر صوت فنان يهدر من قلب التحرير، آمن بالتغيير، فنقله من ساحة الحلم إلى ميدان الحقيقة.

One Response to للثورة فـَنٌّ يحميها

  1. Fatimaalzahraa

    فاطمة الزهراء حسن رد

    29 نوفمبر, 2012 at 4:12 م

    مصر بلد عظيم وشعب مناضل صبور وقد عرف الطريق للثورة وسيدافع عنها بكل إمكاناته لأنه يدرك أنها الطريق إلى الحرية والكرامة ولتحتل بلادنا مكانتها اللائقة بها بين الدول العظمى لأنها تمتلك الإمكانات البشرية الهائلة وهم من سيعبرون بها غبورا عظيما نحو المستقبل المشرق بإذن الله
    للثورة رب يحميها
    للثورة شعب يحميها
    وللثورة فن يحميها

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات