رأيته في جلبابه الأسود يمشي حائرا بين الركام والفراغ . اقتربت منه وقلت : مرحبا بك ايها الشهر الكريم في حلب المحروسة , ولكن لماذا أراك بثيابك السوداء .
صوب رمضان نظراته الي وقال :
كنت آتيكم كل عام مبتهجا مرتديا ثيابي البيضاء والخضراء والوردية . وكنت أطوف بين الناس في زحمة الأسواق أصغي لأصواتهم وأتابع حركاتهم النشطة . كنت اقف امام مئذنة جامعكم الأموي الكبير أترقب المؤذن وهو يصدح : الله أكبر . كنت أرى البسمة على وجوه الأطفال , ولمسة النقاء على وجوه الناس وهم يتعبدون بصيام أيامي وان كانت ساعاتها طويلة وحارة .
وها أنا اليوم أطوف لإري الأسواق فلا أرى فيها البهجة ولا أرى الفوانيس تبدد ظلام الليل الذي حرمتموه الضياء بنزاعاتكم . وآتي لسماع الأذان فلا أرى مئذنة
ولا أسمع صوت مؤذن . أين منارة جامعكم التي بقيت ألف سنة ولم تنل منها يد الدمار ثم أتيتم أنتم فحولتموها الى ركام . دخلت أبحث عن منبر صلاح الدين فلم أجد له أثرا في جامعكم العظيم .
متى تستفيقون ….. متى أعود اليكم وقد أنارت قلوبكم وبيوتكم وشوارعكم وارتويتم بعد ظمأ ظالم عانيتم منه بلا مبرر . لن أنتظر العام القادم . ولعلكم تفرحونني بأخباركم قبل أن أغادركم في آخر أيامي .
وداعا أهل حلب الكرام , ونلتقي وقد زالت محنتكم .
مؤسس جمعية الصحفيين الآسيويين، ناشر (آسيا إن)، كوريا الجنوبية
الرئيس الشرفي لجمعية الصحفيين الآسيويين، صحفي مخضرم من سنغافورة
روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.
آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov
كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.