محمد فتحي: مرسي ودموعه وابتسامته

09:35 مساءً الجمعة 30 نوفمبر 2012
أشرف أبو اليزيد

أشرف أبو اليزيد

رئيس جمعية الصحفيين الآسيويين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

سأنتظر مع الآلاف كتاب محمد فتحي الجديد (مرسي ودموعي وابتسامتي). سيكون ساخرًا وصادما، ولكنه، وهو الأهم، سيكون صادقا. عودنا ذلك الشاب على الصراحة، شاركنا لحظاته الحميمة ـ غير تلك التي يعنيها الرئيس مرسي ـ وهو يتحدث عن نفسه ولحظاتٍ من حياته الخاصة، وصارحنا برحلته.

أقول مع الآلاف، وأنا أتمنى أن ننتقل إلى شعب قاريء، فأقول عشرات أو مئات الآلاف، لأنهم سيستمتعون بالنبض الذي علا صوته، فأصبح هو القاعدة، وأصبح إعلاميون مثل باسم يوسف هم الصوت الحقيقي، فالشعب ساخر حتى الموت، سخريتنا المصرية تريد مارك، تترجم فتترحم على من يسمعها بعد أن يموت ضحكًا، وهي سخرية شافية، لم يعد لدينا بيرم التونسي وحسب، ولا حسين شفيق المصري فقط، ولا محيي الدين اللباد وكفى، ولا جاهين الستينيات، وما أددراك ما الستينيات، ولكن أصبح لدينا عمر طاهر، ومحمد فتحي، وسواهما.

محمد فتحي ـ بجانب تخصصه كمدرس مساعد بكلية الآداب قسم الإعلام جامعة حلوان، هو معد تيلفزيوني، ويتنقل مثل طيور أدونيس بين اشجار الصحافة تتبادله الصحف الجديدة، من الدستور للتحرير، والوطن، وهو قاص كذلك، وإلا من أين يأتي بتلك الحبكة في المقال، الفن الأصعب.

بعد أيام سيتحدث محمد فتحي في تيدكس شبين الكوم من وسط الزحمة، وإن كنت تابعته في رمضان الماضي إذاعيا فأنت لن تنسى تعليقاته وقفشاته.  إنه الجيل الجديد الذي يجاهد بقلمه و(كيبورده)، لأنه لا يدعي الثورجة!

يقول في إحدى رسائله وسط ذلك الجدل الذي يعصف البلاد: “نحن في فتنة حقيقية الجميع متسبب فيها (مرسي بقراراته وأسلوبه وعدم حنكته في اتخاذ القرار أو حشد الجميع خلفه، والمعارضة بعدم توحدها كل الفترة السابقة والتي كانت ستقينا كل ذلك وبتوحدها الآن مع الفلول تحت شعار إيد واحدة). رافض للإعلان الدستوري ولأسلوب إدارة مرسي للبلاد. مع مطالب ميدان التحرير لكن لن أنزل لأنني أرى أن فيه كثيرون ممن شتموا الشهداء والميدان والثورة والقوى السياسية الموجودة هناك في نفس الصف معهم لا لشئ إلا لإسقاط مرسي وإعادة النظام القديم. احترم من سينزل لمصلحة البلد وليس طمعاً في كرسي مرسي أو متاجرة بدماء الشهداء، ولا أحترم – ولن أحترم – من سيضع يده في يد الزند والجبالي ومرتضى منصور ومصطفى بكري وابو حامض بحجة أنها لحظة توحد للخلاص من الإخوان ورئيسهم فالإخوان نص العمى لكن هؤلاء هم العمى كله. سأتبع مبدأ: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.. “وليسعك بيتك”، وسأناضل بقلمي وكيبوردي فلم أدع يوماً اني ثورجي، ولا مناضل، ولا ناشط سياسي، ولا أصلاً فاهم سياسة.. أنا كاتب رأي أكتب كلمتي وأمضي ولا أرجو سوى رضا الله عز وجل وليس رضا القارئ. أكتب ذلك من باب إعلان المواقف التي قد تجلب علي (كالمعتاد) سخط الجميع، ولأنني كنت قد وعدت البعض بالنزول، لكن بما أنني مرتبك فها قد قلت رأيي وكتبته في مقالاتي، ودعائي هو اللهم احفظ مصر من غباء الطرفين، وارزقها من يفكر في مصلحتها لا مصلحته الشخصية، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه”.

سخرية محمد فتحي المرة ستجدها مطرزة بألفباء الشباب، ألفاظ يستوردها من محيطه بحكم السن، استمتعت جدا بلقائه الوحيد معي في القاهرة، كان من بين عدة أشخاص لا يعدون على أصابع اليد الواحدة حرصت على لقائه، لإيماني بأنه صوت المستقبل، كما قلت له، بيني وبينه، وها أنذا أقولها للجميع، وبدون ما أفتح الجاكيته، لأنني مسافر ولست في التحرير.

يحكي فتحي عن مرسي، وما دار قبل انتخابات الإعادة، الله لا يعودها:

“جلس المرشح الرئاسى محمد مرسى مع عدد من الإعلاميين والكتاب فى اجتماع مغلق ليستمع منهم، وجاء الدور على العبدلله فاندهش من (بطء) مرسى فى الاستجابة لمطالب القوى الوطنية، فى الوقت الذى كان فيه منافسه يخطب ودهم بكل الأشكال، وكلما طلبوا تعهداً من مرسى فوجئوا بتعهد شفيق به، وحتى فى الحلقة التى أجرى فيها الإعلامى المحترم يسرى فودة حواراً مع مرسى كان اللقاء أشبه بمحاولة من يسرى لأن (يصلح) الكرة لمرسى، فيحرز (هدفاً)، لكن سعادتك يا دكتور (مصر تقلش) مع أن الجون فاضى. دائماً أتذكر هذه الواقعة وما أعقبها من ضحك البعض، ثم غضب حملة مرسى وصلاحهم عبد المقصود الذى صار وزيراً للإعلام، ثم رد مرسى بأنه (بيجيب إجوان) و(ما تقلقش)، لأن الرئيس مرسى لسه بيقلش.صفق له الجميع حين أطاح بطنطاوى وعنان منهياً حكم العسكر، وظنوا أنه (جاب جون)، لكنه أثبت أنه كان متسللاً، وأن الهدف لم يحتسب حين كرمهما وأعطاهما قلادة النيل ووعده (فى الكواليس) بأنه لن يحاكمهما. ظن الجميع أنه أحرز هدفاً حين أعلن أنه سيفرج عن المعتقلين ومساجين الثورة، لكنه (قلش) حين أفرج عن العديد من قيادات الإرهاب القديمة وأبطال أشهر حوادث الإرهاب فى التسعينات، ليخرج من يكفرنا ويهددنا ويدعوه لقتلنا. ظن الجميع أنه سيحرز هدفاً بعزل النائب العام، وأنه سيجمع الناس خلفه ليدعموه فى قراره، لكنه (قلش) حين لم يفعلها (بالحرفنة المطلوبة) وكانت النتيجة أن صنع من بعض الأراجوزات أبطالاً على قفانا وقفا الثورة. ظن الجميع أنه سيحرز هدفاً حين يدعو الجيش لتطهير سيناء من البؤر الإجرامية والإرهابية والذين تسببوا فى مقتل جنودنا فى رفح، لكنه قلش، وقلش معه وزير الدفاع، ولا يعرف أحد حتى الآن حقيقة ما يجرى فى سيناء، ولا لماذا يصر مرسى على (القلش).

حذرت مع غيرى الدكتور مرسى من الدببة الذين سيقتلونه من أصحابه ومن عشيرته ومن إخوانه ومن جماعته والمحسوبين عليها، وظننت أن الرئيس سيحرز هدفاً بإخراسهم، أو بتعليمهم كيف يحتوون الناس بدلاً من أن يتصادموا معهم فيكرهوهم فيهم وفيه، لكنه  ـ كالعادة ـ قلش رغم أن الجون كان فاضى. حتى فى الإعلان الدستورى الأخير الذى لم يكن هذا توقيته، والذى وحد به مرسى معارضيه فى لحظة تاريخية لم تتكرر سوى قبل خلع مبارك، قلش مرسى من جديد وبدلاً من أن يستفيد من رموز العمل الوطنى ومعارضيه الذين ظل يقابلهم على مدى أيام فيكسب تأييدهم للأمر ودعمهم له ونصيحتهم بالتصويب فى المكان الصحيح، واصل مرسى مسلسل القلش، ثم ها هو يتعدى مرحلة القلش إلى مرحلة (طناش) الجمهور الذى صنع منه لاعباً يجب أن يدرك جيداً أن كتر (القلش) لن يفيده، ليس فقط لأن الدكة مليئة بالبدلاء الذين يتحينون فرصة الانقضاض عليه، لكن لأن الحكم قد يطرده فى أى لحظة. كلاكيت مليون: بطّل قلش يا مرسى.. ، وهات جون عشان مصر نفسها تتأهل بجد.

دعني ادعُ معك يا محمد بتأهل. يبدو أنه لم يبق لنا غير الدعاء، وبدون لعيبة أجانب، ولا مدربين خواجات، حتى البدري رايح بالأهلي اليابان. ومرسي (بتاعك) لن تعيده لمستواه الكروي دموع المنافسين له، ولن تفيده ابتسامات المناصرين له من إخوانه وعشيرته.


اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات