«طريق الحرير» الصينى أول تهديد حقيقى لمحور «قناة السويس»

06:41 مساءً الأحد 20 يوليو 2014
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print
جريدة المال، كتب : السيد فؤاد
أعلنت الصين عن رغبتها فى تمهيد طريق دولى جديد تحت اسم طريق الحرير خلال الأسابيع القليلة الماضية، يساهم فى تنمية تجارة التنين الصينى مع معظم دول وسط وغرب آسيا بجانب أفريقيا وأوروبا، وهو الطريق الذى يرى خبراء النقل البحرى أنه يهدد مشروع تنمية محور قناة السويس بشكل مباشر نظرا لانه سيجذب حركة التجارة إليه بديلا عن القناة.

المشروع يعرف بطريق الحرير البحرى والبرى وأعلنت عنه الصين خلال أسابيع فى مؤتمر دولى وحضره بعض الدول العربية عدا مصر بالرغم من أنها الدولة الأكثر تضررًا من المشروع حسب مصادر بحرية قريبة الصلة من هيئة قناة السويس
وتقدم عدد من خبراء النقل البحرى بمذكرات لهيئة قناة السويس تؤكد تأثير المشروع الصينى على مشروع محور قناة السويس والذى اعتبرته مصر ممرا للتنمية، وذكرت تلك المصادر أن الصين تعمل على الوصول من خلال هذا المشروع إلى أوروبا واختارت دولا  بالفعل سيمر من خلالها المشروع
وتابعت المصادر أن الميناء الرئيسى الذى اختارته الصين لترمى فيه البضائع الخاصة بها ويتم عمل قيمة مضافة على تلك البضاعة- هو ميناء بيريه باليونان، وهو الدور الرئيسى الذى كان من المفترض أن يقوم به محور قناة السويس
وأشارت تلك المصادر إلى أن ميناء بيريه يعد من الموانئ المحورية التى تنافس ميناء شرق بورسعيد بمصر، لافتة إلى أن هذا الميناء قفزت طاقته من مليون حاوية يتداولها سنويا إلى 3.5 مليون حاوية خلال أربع سنوات فقط كانت جميعها يمكن أن تكون فى ميناء مثل شرق بورسعيد، إلا أنها هربت إلى «بيريه» بسبب التأخير فى تنفيذ مشروع محور قناة السويس والذى سيكون البدء به هو تطوير ميناء شرق بورسعيد.
ولفتت المصادر إلى انه وفقا للصين فإن المشروع سيكون له مسار بحرى محدد تنتقل من خلاله بدءا من مقاطعة شيان فى وسط الصين قبل أن تمتد غربا عبر لانتشو شينجيانغ والتى تقع بالقرب من الحدود مع كازاخستان، ثم يمتد من آسيا الوسطى جنوب غرب إلى شمال غرب إيران قبل يتأرجح عبر العراق وسوريا وتركيا من اسطنبول، ويعبر مضيق البوسفور إلى أهم مناطق فى شمال غرب أوروبا مارَّا  ببلغاريا ورومانيا وجمهورية التشيك، وألمانيا ليصل إلى دويسبورغ فى ألمانيا، ثم يتجه إلى الشمال حيث روتردام فى هولندا ويأخذ مساراً يمتد جنوبا إلى البندقية بإيطاليا
ويمر الطريق كذلك جنوبا إلى مضيق ملقا من كوالا لمبور، ويتوجه إلى كلكتا فى الهند ثم يعبر بقية المحيط الهندى إلى نيروبى بكينيا من سريلانكا، وأكدت المصادر أن الصين اختارت أن ينزل طريق الحرير البحرى شمالا حيث أفريقيا  ليمر حول القرن الأفريقى وينتقل عبر البحر الأحمر إلى البحر المتوسط، مع التوقف فى أثينا قبل لقاء طريق الحرير البرى فى البندقية. وهو بذلك لم يختر مصر بالرغم من مروره عبر ثلاث قارات والبحرين الأحمر والمتوسط
وناقشت الصين الربط بين الدول التى اختارتها فى مشروعها من خلال تنمية البنية التحتية بتلك الدول وتتمثل تلك البنية فى تنمية موانئ وطرق مؤدية منها وإليها وكذلك سكك حديدية حيث تتلخص فلسفة المشروع فى أنه ليست مجرد نقل سريع للبضاعة ولكنها زيادة تواصل اقتصادى مع دول الطريق وعرض المساعدات التكنولوجية فى تلك الدول، كما يمكن أن يتم إنشاء مناطق حرة بين بلدان الطريق لتكون منطقة تجارة حرة إقليمية، حيث تنظر الصين إلى أن طريق الحرير البحرى سيكون  منطقة «رأس المال أكثر التقارب والتكامل الاقتصادى وربما تربطها عملة موحدة فى المستقبل
وتابعت المصادر أن الصين عقدت منتدى منذ أسابيع فى بكين حضره  مسئولون دبلوماسيون وممثلو وسائل الإعلام من 11 دولة بما فيها الصين وتركيا وروسيا والهند وباكستان ودول آسيا الوسطى لمناقشة التعاون بين دول طريق الحرير
وكان يعرف طريق الحرير فى التاريخ بأنه الطريق الذى يربط الصين بأوروبا، فى حين تم استخدام طريق الحرير البحرى من قبل التجار الصينيين لبيع الحرير والخزف والشاى إلى الأسواق الخارجية، والصين تستخدم شعار «حزام واحد وطريق واحد» لوصف المبادرات الرامية إلى بناء ما سمته طريق الحرير البحرى للقرن 21، ويرى مسئولو الصين طريق الحرير كمشروع نهضة.
وأخذت الصين خطوات جدية فى المشروع حيث خاطبت البنك الدولى والبنك الأسيوى للتنمية لدعم مشروعات البنية التحتية بالمشروع والدول التى يمر بها
وتعد الصين حاليا ثانى أقوى اقتصاد فى العالم ووفقا لتقارير البنك الدولى ستكون أول اقتصاد فى العالم بحلول 2020 وأهم مصدر للبضائع فى العالم حاليا والشرق الأوسط ورغم ذلك اختارت كينيا لتكون ممثلة لطريق الحرير وليست مصر بسبب التأخير الذى عهدته فى علاقتها مع مصر خلال السنوات الأخيرة
أما طريق الحرير البرى فسيبدأ فى وسط الصين وجنوب غرب آسيا الوسطى إلى شمال ايران قبل أن يتحول غربا عبر العراق وسوريا وتركيا نحو أوروبا، وهناك يذهب طريق الحرير عبر بلغاريا ورومانيا وجمهورية التشيك، وألمانيا، حيث يتأرجح الشمال إلى روتردام فى هولندا ثم جنوبا إلى إيطاليا حيث يلتقى طريق الحرير البحرى
وكان طريق الحرير قبل الميلاد حسب الباحث المصرى أشرف أبو اليزيد قد تجمع فى حدود الجغرافيا بين عشرات الدول وكانت البداية أيضا من الصين وبعدها تأتى منغوليا وتركمانستان، كازاخستان، أوزبكستان، أفغانستان، تركيا، إيران، الهند، باكستان، سوريا، مصر، وإيطاليا
واشار إلى أن عودة الطريق بملامح مختلفة من شأنها أن تزيد من قوة الصين الاقتصادية، خاصة أن حجم التجارة والاقتصاد الصينى يمكن أن يضاف إليه مليارات الدولارات إذا كان مسار التنمية يتحرك بمؤشرات حضارية، بعد أن دخلت الثقافة فى الميدان فالصين وأوروبا لا تريدان هذه المرة تقديم ورقة اقتصادية أو سياسية تقليدية ولكنها تدخل من باب الثقافة وتريد أن يرتبط بها الناس قبل أن يدخلوا فى مضمار نموها الاقتصادى.
ويتساءل أبو اليزيد: ماذا لو لم تكن مصر ممثلة بقوة بل مستفيدة من هذا الطريق، والأصل فى الورقة الحضارية ورقة مصرية؟ فهل ننتظر ليؤثر علينا هذا الطريق سلبا إذا ما قدمت قوة إقليمية أخرى نفسها كبديل لنا على طريق الحرير؟ وهو ما يعنى تأثيرا سلبيا ومجحفا على خطط التنمية المستقبلية فى شرق مصر، وفرض عزلة اقتصادية على مصر صاحبة أهم موقع جغرافى فى الشرق الاوسط. فالخوف أن ينتهى الطريق قبل أن يصل إلى حدودنا، بفعل قوى إقليمية لا تريد لنا ازدهارا
من جانبه أشار أحد خبراء النقل البحرى إلى أن هناك عدداً كبيراً من الأخبار التى ترددت حول هذا الخط فى السوق الملاحية العالمية وتأثيره على مسار الخطوط الملاحية، والذى للأسف حتى الآن لم يشمل مصر، لافتا إلى أن النخب والإعلام لم تتفهم فى مصر خطورة انها خارج المكونات الصينبة للمشروع، ومن ثم يوجد احتمال أن يؤدى ذلك الى تقليل فرص نجاح مشروع تنمية قناة السويس نتيجة تأخرنا فى التنفيذ عن 2015 كما قالت لنا كل بيوت الخبرة من 2008 والذى نتعامل معه حتى الان باعتباره مشروعاً اقتصاديًا مع انه فى حقيقته اقتصادى بحرى سياسى
وتابع قائلا: كان يجب من البداية أن نفهم علاقة السياسة بالاقتصاد خاصة فى مثل هذه المشروعات العملاقة ونتابع التغيرات السياسية والاقتصادية فى العالم ولا نعتقد اننا نعيش وحدنا، وكل تأخير تأخرته مصر منذ ٢٠٠٨ إلى الآن ونستمر فيه سيؤثر على فرص نجاحنا فى اهم مشروع لنا
ولفت إلى أن الصين قدمت العديد من المبادرات لمصر إلا أنها لم تفلح بسبب التأخير، لافتا إلى أن العديد من الشركات التى تقدمت بتلك المبادرات كانت شركات حكومية تمثلت فى شركة شيناهاربر والتى فازت بمشروع بالأدبية لتداول الصب الجاف منذ عام 2010 ولم تتسلم المشروع إلا منذ أيام، بالإضافة إلى عدم وصول شركة إيتيدا بمنطقة شمال غرب خليج السويس إلى أى نتائج بسبب عدم تنفيذ الحكومة ما قامت به الشركة من تخطيط
وذهب الخبير إلى أكثر من ذلك وهو أن شركة شيناهاربر تقدمت لعمل دراسة على نفقتها للأنفاق التى تربط بين سيناء والوادى والدلتا ولم تستفد منها مصر أيضا، فضلا عن تقدمها لإنشاء العديد من المشروعات المرتبطة بالنقل واللوجيستيات بمنطقة السخنة ولكن دون وجود أى رد من الحكومة المصرية
وعلى مستوى هيئة قناة السويس رجحت مصادر فوز مكتب حمزة وشركاه بأن يكون استشاريًا والذى سيقوم بعمل تخطيط لمشروع محور قناة السويس بعد استبعاد باقى المكاتب التى تأهلت وتقدمت للمشروع
ويشارك مكتب حمزه مكتب استشارى ألمانى يعرف بمجموعة  «Inors Lackner » والتى كان لها العامل الأكبر فى أن تقود «حمزة» للفوز بالمشروع، خاصة أنها الشركة الأكثر خبرة فى مثل تلك المشروعات وقامت بعمل دراسة سابقة عن المشروع ولكنه فى التصور القديم لمشروع تنمية ميناء شرق بورسعيد، وقامت بعمل دراسات عن جميع المناطق التى يشملها المحور
وتهدف هيئة قناة السويس لتنفيذ مشروع عملاق بالمنطقة الواقع بها المجرى الملاحى للقناة والتى تصل مساحتها فى مجملها إلى 76 ألف كيلو متر مربع، ومن المقرر أن ينتهى تنفيذ المخطط من قبل الاستشارى خلال 9 شهور.
………………
ملاحظة تحريرية
يرجى مراجعة المقال التالي

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات