صورة على باب الحكايات

07:45 صباحًا الأحد 2 نوفمبر 2014
نجوى الزهار

نجوى الزهار

كاتبة من الأردن، ناشطة في العمل التطوعي

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

الجدة

صورة

كنت  في زيارة بلد عربي فيه الكثير مما يغري بالتصوير . أجلس في ركن ، أراقب أمواج البحر. ولكن أينما اتجه البصر مني أشاهد المجموعات من النساء والرجال يمسكون بالهواتف النقالة لكي تتابع عملية التصوير. الكل يريد ان يتصور بشرط أن تكون الصورة على هاتفه النقال الشخصي. يبدأون بأخذ الوضع الملائم للصورة لكي تبدأ الهواتف النقالة بالتجوال ما بين الأيدي  ، ثم  التحديق في  الجهاز الخلوي للتأكد أي جهاز خلوي  هو الذي يمتاز بالتقنية الأعلى .

وكان التساؤل : هذا الكم من الصور ، أين ملاذه ؟ وهل ستحظى هذه الصور بمنحة ا لخلود ؟ أم أنها ستتبعثر ما بين جهاز خلوي وجهاز آخر ؟  .

جدتي

مشاهد بكل  تفاصيلها  نطقت أمامي  ، تكلمت جدتي فرأيت ، رأيت مساحات طفولتها .

تكلمت جدتي فأمسكت بصورها المنبثقة من ترددات صوتها . أمسكت جدتي بفستان العرس ودعتني لملامسته فتحدث فستان زفافها عن مواسمه .

عاودت الكلام جدتي فرأيت صور أجدادها في عينيها .

حدثتني ، فسمعت ، لمست ، رأيت ثم استنشقت عبير الأجداد . فتحت خزانتها لكي أنعم برؤية جهازها .

مرآة ذات اطار ملون .مقص بأحجار كريمة. شال مطرز بخيوط ذهبية ……

انبثق ا لحنان والحب من جهاز جدتي فسرى دفئه في دمي .

ثم اقتربت من ذاك الصندوق الخشبي المرتكن في زاوية الخزانة ، لكي تفتحه بعناية مع القليل من ارتجاف اليدين . عيوني ودقات قلبي تلاحقها ، والتساؤلات تعصف بذهني : ماذا يوجد في هذا الصندوق الخشبي ؟ .

جدتي ! هذه صورة أبي . أنظري اليه ! .

من هذا الشاب الذي يقف بجانبه ؟ . انه التابع . والتابع في تلك الأيام له صفة الصداقة والمحبة وأيضا الحماية . فأبي سعيد آغا ” رحمه الله ” كان لديه الكثير من الوقار والهيبة مما يساعده فينشر المحبة في الميدان ، وأيضا في حل المشاكل .

ولكن عندما امتدت يد التنظيم السلبي لبيت جدتي في الميدان كان لا بد من صور تؤرخ محتويات هذا البيت .   الديار    المطبخ    ( الوجاق )   غرفة الجلوس

على باب الحكايات

الربيع

مع أن الربيع كان يهب علينا في منازلنا ، فأشجار البرتقال   الليمون   اللوز كان لنا موعد في الغوطة الدمشقية .

يتجمع أهل الحارة للذهاب الى الغوطة الشامية ، فهنالك الاحتفال بعرس الربيع .زهور اللوز البيضاء ، زهور الدراق الزهرية ،زهور الاجاص ….. هي عرس بداخله أعراسا متتابعة متتالية .

 

الحكواتي

على باب حارتنا في سوق ساروجه ، كان الحكواتي في قهوة ابو العبد يتكلم ، فكانت عيون الحاضرين ترى ما يروي، بكل التفاصيل والألوان والأحاسيس من مقدمته ” الدهليز” التي يبدأ بها بالنصائح والنوادر. من سيرة الزير سالم، عنترة بن شداد ،سيرة بني هلال …. هو يتكلم وعيون الحاضرين تلتقط الصور من تلك القصص . ثم تبدا بالاحتفاظ بها في ثنايا الذاكرة .

تباعدت تلك المعاني عن جذورها مع هذا الكم الهائل من التقنيات، لتكون في أغلب الأحيان الصورة مجرد صورة في الأجهزة الالكترونية فلا تتبلور ولا تتشابه مع حقيقة الصورة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1-  الجهاز : كان العريس يقدم النقد ( المال ) للعروس عند كتب الكتاب، وكانت العروس تحضر معها غرفة النوم – الوسائد واللحاف – الملابس المتعددة – المشط – المرآة – الصيني – المناشف  والجلابية للعريس .

2-  الدهليز: وهو أيضا يطلق على  المنطقة الضيقة الممتدة من باب البيت الخارجي الى الساحة الداخلية ( الديار ) .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات