حديث الروح (جاردينيا 2)

09:33 مساءً السبت 20 ديسمبر 2014
نجوى الزهار

نجوى الزهار

كاتبة من الأردن، ناشطة في العمل التطوعي

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

صباح الخير..

صباح الخير..

قلتُ لنفسي

قبل أن أغادر فراشي،

لإعداد قهوتي، ولكن؟

بالحقيقة لم أكن أشعر بالخير.  محاولةٌ فاشلةٌ مني للإمساك بالدموع الفالتة. أحاول أن أهدئ ذاتي ،

ذاك الحزن عندما يُصيبنا كيف نتجاهله؟

الحزن يستطيع أن يقسمنا دائما أقساماً متناثرة،

فهذا الجزء الذي أطل علي صباحاً..

أين كان..

أين استطاع الإختباء …

لعلي بالأمس تجاهتلته أكثر مما يجب.

بالأمس..

كان عيد ميلادي.. نرتبط بالأعياد، بالمناسبات..

أشعر أن الدنيا جميلة بتلك المناسبات…

وأتساءل..

عن الذين يحاولون التأكيد لأنفسهم أنها بلا معنى؟

ولكن في إصرار مني أقول..

لعل مولدي كان يوماً سعيداً لأمي…

أرواغ ..

أرواغ يا أصدقائي..

ما أريد قولهِ فأنا حزينة حزينة جداً..

هي صديقتي سلام هي أختي سلام هي رفيقة الدرب والعمر… غادرت…

ولكنها في يوم مولدي تأتي مبكرة مبكرة جداً..

 

يرن جرس الهاتف مبكراً مبكراً…‍‍!

سلام : من سبقني؟ … من سبقني؟…

نجوى: لا أحد لا أحد أبداً سبقك…

سلام : كل عام وأنت بخير. ماذا تفعلين؟

نجوى: أضحك أضحك عالياً ماذا أفعل ؟ ماذا أفعل أنا أو ماذا عليك أنتِ أن تفعلي ؟

سلام : ربما ربما لن يكون لدي الوقت الكافي .. لأقابلك وأقول لك للمرة الثانية كل عام وأنت بخير.

نجوى: ولكنك سوف تأتي.. فالفرح في انتظارنا.

 

سلام : ما رأيك أن نخدع ميرا ولا نقل لها . فهي دائمة النسيان لأعياد الميلاد…

نجوى: سوف أبقى بلا هدية منها.. أريد كل الهدايا منك… ميرا … الأهل … الأبناء…الصديقات والأصدقاء… أريد كل شيء.

تصمت طويلاً ثم تقول لي.. ربما… مع السلامة..

أُعاود مسك الهاتف من جديد.  لماذا تفعلين هكذا ؟ كل عام ولك طريقة في الإحتفال،  تضحك ثم تقول لي : ماذا؟ هل تريدين أن أكون مملة؟ أنا لا أطيق الملل. أنت تعرفين هذا.

 

يرن جرس الباب عالياً … لعل أحدأ في الخارج.

 

سلام : من سيأتي إليك الآن؟ ربما عامل النظافة يُريد أن يفاجئك. أضحك أضحك عالياً. وأتساءل في سري… من أين لها مثل هذه القدرة على خلق خلايا الفرح؟

 

الباب مايزال يطرق  يطرق..

نجوى: مع السلامة مع السلامة.. لأجد سلة بيضاء كبيرة من أزهار الليليوم البيضاء مع أزهار الأيرس البنفسجي.

 

 

لا تخافي …

سوف ارسل لك كل عام هدية…

 

كل عام ونحن مع بعضنا بعضاً

 

 

 

 

أفرح..

أفرح كثيراً … من منا لا يفرح للورود البيضاء للأزهار البنفسجية ؟ مولدي كان في شهراً ربيعياً…

نعم كل سنة وكل عام هي معي … في أعياد ميلادي ميلاد أطفالي.. ميلاد كل الأحباب… هي لا تنسى… أي مناسبة… واذا ما نسيت احدى الصديقات، تقوم باتصالاتها السرية لتجعل العيد عيداً…

لم تكرر مفاجئاتها أبداً..

في كل عام هنالك الشيء الجديد…

ولكم حاولت أن أُجاريها في جعل ذاتي قادرة على صنع المفاجأت..

لم أستطع..

ما من أحد من الصديقات استطاع هذا.

اليوم هو عيد ميلادي…

أتلقى المكالمات..

الدعوات..

لكن..

ثمة كرةٌ  تقف تماماً في حلقي ..

أقول لذاتي لعلي مريضة !

لعلي مصابة بالتهاب في حنجرتي..

لكن لم يكن لدي أي شيء من هذا..

كان عندي شوق..

كان عندي حزن..

كان عندي ذاك الذي لا أعرف قوله…

كنتُ طفلة تُريد ما تريد الآن…

أريدك يا سلام…

أُريدك الآن الآن…

ولكن..

يا سلام هل أنتِ بعيدة بعيدة جداً …

ينهض حزني..

مُجددا.ً.

باسطاً ذراعيه..

محدقاً في حدقات عيوني..

يقترب مني سائلاً..

هل كنت تعتقدين أنك عندما تجاهلتني عندما أمهلتني. أنني لم أكن موجوداً…

عندما تظاهرت بالقبول..

بالسلوان..

لم اكن حاضراً…

 

ماذا..

ماذا أيها الحزن..

تقدم..

تَقدم وأفرشْ ما تُريد قوله..

لعلنا نتحاور…

فأنا اليوم بذرة صالحة لك..

لتصنع منها ما تشاء…

فانظر إلى هذا العُري الذي يُحيط بي..

وقل لي..

كيف استطعت ما استطعتَ به اليوم…

الحزن: ما استطعت شيئاً لا تقوين على فهمه.

نجوى: افصح / اشرح / تكلم / اقتنرب / لربما يكون الفهم..

الحزن: انني يا صديقتي لا أختلف عن أي كائن… فأنا أريد وجودي.. الوجود الثابت المتمرس.

الحزن: يا صديقتي إن الحزن..

لا يكون حزناً.. إلا بالصلابة..

التماسك..

عندئذ يستكمل إرادته..

ليستقر في العين

في القلب

في ترددات الصوت…

أما معك فكنت كلما تشابكت خيوطي لأصنع كراتي … أجدك قد عبرت إلى الضفة الأخرى.

نجوى: ماذا؟

الحزن: لنعد إلى البداية…

عندما غادرت روحها إلى بارئها..

نظرت إليها بحنو..

لترين الأجنحة المختبئة على جسدها كيف تزدهر بألوان مغردة..

ثم انتشرت أياديك على جسدها لتلامسه في دفئه الأخير..

ثم قلت..

وداعاً..

وداعاً..

أيها الثوب…

لتتابع عيونك تلك الأجنحة وهي تعبر الآفاق بروح سامية خالدة…

نجوى: وماذا كان علي أن أفعل غير ذلك؟…

الحزن: ولكن..

ماذا عن اليوم..

أليس هذا حزناً رافضاً لما حصل؟ الا ترين أني متمنقطاً بك…

مارأيت دمعاً مثل هذا.. حــركي يدكي لتلمس قميص نومك.. حركيها..

نجوى: لامست يدي قميص نومي المبتل..

شعرت بالخجل..

ما من رد أستطيع به؟

فقلت رويدك رويدك أيها الحزن لأرتشف بعضاً من قهوتي…

فإن فنجان قهوتي ما يزال على حاله.

وأنت تعلم.. أصحو صباحاً فرحة مستبشرة بفنجان القهوة الصباحية.

 

الحزن: سأمهلك قليلاً ثم أعود ثانية بعد أن تشربي قهوتك الصباحية…

نجوى: أشكرك أشكرك أيها الحزن.

 

أغمضت عيوني بل أُغمضت عيوني

 

التي أتعبها البكاء المتواصل منذ الصباح..

ثم بدأت أشعر بحنو الدموع التي استقرت على وجهي…

لم أعد أشعر بالملوحة…

ثمة دفء دافئ يتمركز أعلى الرأس..

ثم ينزل رويداً رويداً لألتف به عباءة من الحنو…

أعاود ترك فراشي باتجاه شباكي الذي لم أستطع فتحه صباحاً .

أمشي نحو المطبخ لإعداد قهوتي…

أُمسك بحبات البن المحمصة السوداء…

لأكتشف ذاتي بأن لم أنظر إليها قط…

كيف كان ذاك؟

زمن طويل أشرب القهوة …

أشعر بالسعادة، بالإنتعاش معها…

ولم أنظر إليها قط…

لم أتمعن بها يوماً …

لماذا؟

أخجل من حبات القهوة…

أُمسك بكل حبة على حدة..

قبل أن أبدأ بالطحن…

فأرى بداخل كل منها كياناً مختلفاً،

حتى ولو بدا لنظرة الخاطفة أنها في تشابه خالص..

ثم ابدأ بعملية الطحن..

لتغدو بناً متلألأ..

يذوب في ماء عذب..

ماء عذب..

قلت لذاتي ماء عذب تذوب به قهوة سوداء…

نظرت بعيداً بعيداً لأرى حزني يُمسك عصاه ويرحل…

لا مكان للحزن في فنجان قهوتي الصباحية…

لا مكان للحزن في منطق الإذابــــــــــــــة والـذوب والذوبــــــــان..

 

أُحب أن أمسك فنجان قهوتي بكلتا يداي…

إن فنجان القهوة الصباحي لا مكان لإرتشافه إلا في سريري المقابل لشباكي..

لكن ماذا ماذا أرى؟

حمامتين بلون بني تقفان تماماً في مواجهتي..

عيونهما ملتصقتين بزجاج الشباك…

لم أستطع الإقتراب خوفاً من فقدانهما…

حمامتين..

حمامتين يا سلام..

تقفان تماماً في مواجهتي…

أي من المشاعر التي أعرف أسماءها..

والتي لا أقوى حتي على التعبير عنها.. كانت تغمرني..

روح السكينة…

روح الصفاء..

يُناديني فراشي..

فالتف بلحافي..

لتتلامس جفوني في محاولة منها للإنغلاق..

سريان السكينة هو سرياناً دافئاً..

ها أنا اليوم حمامتان تقفان على شباكي يا سلام…

لتأتي اللحظة المنشودة..

اتسع شباكي..

تحرر شباكي..

فلقد فُتحتْ له..

مملكة الهواء..

مملكة الزمان..

مملكة المكان..

ليحتضن شباك سلام..

فأرى عصفورها متلوناً متلألأ  بأخاديد من أنوار ريشه الجميل…

ثمة نسيم..

سُمح له..

بأن يُغادر الأعالي..

يلامس خصلات شعري..

جبيني..

عيوني..

رقبتي..

ذاك النسيم يسري بي سريان الرضى سريان الطمائينة…

لا تقوى عيوني على مسك جفونها..

فأغيب عنها..

تغيب عني..

يأتي السؤال خافتاً من داخلي أين أنا؟ من أنا؟؟؟

 

ثم يأتي الجواب…

منازل الروح..

منازل الروح..

هاهي الحمامة الأولى تفرد اجنحتها للاقتراب من الحمامة الثانية…

ثم يأتي عصفور سلام ليقف بينهما…

انظري..

انظري ياسلام …

هاهو عصفورك  قد جاء مع الحمامتين اللتين جاءتا لزيارتي هذا الصباح…

تنظر لي ملياً..

لأفهم منها أنها تعلم تماماً لماذا جاءت تلك الحمامتان..

أعاود الأسئلة..

لأفهم منها ما علي أن أقوم به..

فأعدو مسرعة للمطبخ..

أمسك رغيفاً استطاع دفئه الإنتشار بيدي..

ثم أقطعه قطعاً صغيرة جداً لتتلائم مع ذاك العصفور المتناهي من الصغر..

أمسك بكأس من الماء…

أعاود إحضار ثلاثة كؤوس من الماء..

كأس للحمامة الأولى..

كأس لعصفور سلام..

و كأس للحمامة الثانية..

أطير إليها لأفرحها بما فعلت..

تبتسم..

ثم تضع لكلٍ خبرة وماءه…

تبدأ الحمامتان بالأكل إلا عصفور سلام فلا يأكل أبداً..

نجوى:  ولكن ما بك يا سلام؟

سلام: ما بي؟ أنت التي يقع عليها السؤال.

نجوى: أنت تعرفين مدى شوقي لك..

سلام : ولكن لماذا تعاودنين العودة إلى الوراء…فلقد تعاهدنا..

ولقد تكلمنا..

إن كلاً منا راضٍ بنصيبه وما الإيمان إلا الرضى..

الرضى..

بحكم رب العالمين..

نجوى: نعم نعم إنني راضية وأنتِ تعلمين هذا؟

سلام: كيف يكون ذاك؟ وماهذا الحزن الذي أصابك اليوم إلا إشارة  إشارة حقيقية بأن عليك أن تواصلي أكثر..

أن تفهمي أكثر.

 

بحثت عن ريقي لكي أبدد جفاف داخلي فلم أجده…

شعرتْ بي..

شعرتْ بي..

ثم عاودت القول: ألم أخبرك بعد بمدى سعادتي بكن.

أنتنَ الصديقات في ذاك الزمن الذي غادرت به ثوبي… فلقد كنت فرحة مستبشرة بسماع القرآن الذي كان يُتلى إما سراً وإما جهراً… ذاك الصمت الجميل أسعدني… وأنت تعرفين مدى إنزعاجي من الضوضاء… لم يكن معي إلا أريج هذا الحب الذي رفعني عالياً عالياً…

أما الدموع التي ذُرفت لا أنكرها…

تلك دموع نستطيع اللجوء إليها في بعض الأحيان..

ولكن أن تُعاودي أنتِ..

تُعاودي مرة أخرى ما فعلت هذا الصباح..

تُعاودي العودة للوراء بعدما اجتـــزت الضفة الأخرى… لماذا لماذا؟

غرقت روحي في بحر الخجل..

أحاول التمسك بماء لا يسنده إلا الماء…

ما من إمكانية لي…

ماءً مقيداً مكبلاً…

ما من فضاء..

من اجنحة لي..

سلام: لا لا تُثقلي على نفسك أكثر من هذا… ربما ان عليَّ أن أقول لك أكثر عن ذاك الفرح الذي اَقـتات به..

عن أجنحتي الملونة التي أعبر بها..

أن الله تعالي كان غفوراً رحيماً بي بأكثر ما أستطيع  شرحه لك.

نجوى: أعرف..

أعرف بعضاً من هذا..

ولكن اليوم..

اليوم هو عيد ميلادي..

 

أكاليل من الفرح،

أكاليل من الأنوار  في الأنوار..

أكاليل من الضياء فوق الضياء …

تمسك بعضاً منها لتضع منها إكليلاً أبيضاً بنفسجياً ثم تضعه على رأسي..

وتقول لا تبالي لا تبالي……

حاولت أن أخبرها..

بأنني لن لن أعود مرة ثانية لما عدت إليه صباحاً..

حاولت..

أن أشرح لها بأن روحي في الأيام السابقة قد تلهت..

قد تباعدت عن مؤونتها من الإيمان الحقيقي…

ولكن..

ماذا؟

ماذا؟

ماذا؟

ليأت ذاك الصمت المنبئ المُصرح لما يُريد..

مع السلامة قلت..

 

ارتدت الأنوار لعيوني..

لأرى الحمامتين ماتزالان تنظران لي..

نتظران لي..

لكن أين عصفور سلام؟

لعله رافق صديقته…

لينهض جسدي مجدداً مسرعاً لإحضار بعضاً من خبز وماء لتلك الحمامتين البنيتين اللتين ماتزالا على شباكي..

نعاود النظر بعيوننا… ماذا تقولان…

فهمت..

فهمت تماماً يا صديقاتي سأشرب  قهوتي..

سأشرب قهوتي لاحقاً…

ابتدأت الحمامتان في الأكل…

فيضحك كل ما في الكون..

حتى بانت أسنانه الجميلة…

وها أنا أسمع الضحكات الكونية تتـرد تـتعالى تتسامى…

ولاأملك إلا تنهيدة عميقة تتجلى في قول:” يا عالماً بحالي عليك إتكالي”.

 

ماذا علينا أيتها الحمامتين أن نفعل الآن؟

ابتسم الذكر وأخبرني أنه مغادراً وعلي وعلى عيوني أن لا تغادر أنثاه..

فهمت ما قيل لي…

لأراه يطير عالياً..

أما هي فاتخذت ركنا من جانب الشباك على شكل زاوية، ذيلها ملاحق تماماً للحائط أما وجهها فقسم منه باتجاهي والقسم الآخر ناظراً للحبيب.

سألتها إن كانت تشعر بالوحدة..

نظرت إلي..

هل تشعرين أنتِ بالوحدة… ثم ما هي الوحدة ؟

قلت لحمامتي امهيليني اليوم أو بعد غد ربما تحدثنا عن الوحدة الغربة الإشتياق…أما اليوم فدعينا من كل هذا.

رفرفت بكل الأجنحة..

أغمضت عيونها لتأت الشمس..

فتعاود فتح الأجنحة..

ليستقر بعضاً من ذاك الضياء ما بين الجناح والجناح. أعود لفنجان قهوتي…

الذي ما يزال على الدفء الذي أحب..

أرتشف قهوتي رشفة رشفة..

لأشعر بملامسة حافة الفنجان الرقيقة على شفاهي..

أقول لذاتي…

كم منا يصحو الصباح ليرى الصباح..

كيف يكون الصباح بهياً ممتلئاً..

الصباح مولعٌ بالتمهل..

كل ما بالكون يكون نابضاً بالصباح..

الأشجار..

لم تكن يوماً خارج الصباح تقتسم أوراقها أشعة الشمس..

ورقة ورقة..

قطرات الندى ترتسم أيضاً على كل ورقة ورقة..

إنها مملكة الصباح للصباح.

 

يا صديقاتي..

يا أصدقائي..

أدخلوا الصباح منذ اللحظة التي يأتيكم بها..

نضراً..

ناطقاً..

فإن لم نشعر بالصباح ألا نكون خارج الصباح؟

أعاود إرتشفات فهوتي… ليعود الحمام الذي غادر أنثاه بقشة يحملها في منقاره..

يناولها لأنثاه التي تضعها في ركن الشباك..

يعطيها أول قبلة…

ثاني قبلة..

ثالث قبلة..

فاشعر بالدفء المتمركز من بطني…

ذاك دفء الأمهات العاشقات..

دفء تعرفه الأنثى منذ اللحظة التي تعي فيها انوثتها…

لعله يتجلى بالأطفال ولعله لا …

ولكنه دفء الأنثى المتمركز في البطن في منتصف البطن..

أي دفء دافئ..

تمركز في داخلك سانت تريزا.

 

هذا دفء إبني البكر نجيب..

ثم دفء مهند..

هذا دفئك أيمن…

أقول لحمامتي لعل في داخلك دفئاً سوف تضعينه عما قريب…

يا لفرحتي…

يا للفرحة؟…

يُعاود الذكر تذكيري بأنه سوف يغادر مرة أخرى..

ولكن لفترة أطول…

تهز برأسها إشارة إلى الموافقة…

فيعاود الطيران مجدداً…

تعاود الإرتكاز في ركنها..

ثم تضع القشة الأولى في مقابلتها تماماً..

 

الريشة الأولى

لاحظ…. قارن….. تذكر……

 

الريشة الأولى..

العشق الأول..

اللبنة الأولى..

السياج الأول..

بل الكلمة الأولى..

هكذا يبدأ المشوار..

ريشة تلامس ريشة..

ابتدأ العش..

بل ابتدأ العشق..

لكن أترك إرادتي مشيئتي..

وأعيش ما أعيش..

هل أذنت لقلبي أن يطير مع الحمام..

أن يُهدي مع الحمام..

لا أدري..

بل من هو الذي يدري؟

عين قلبي لا تنام..

وإن نامت عيون الوجه…

دقات قلبي..

يسمعها الحمام في صحوى ومنامي…

تواصل الظلام بالضياء..

يصحو الحمام فأفعل..

ينام الحمام فأفعل..

اكتملت دائرة التكوين…

اكتمل العش..

الرعشة تُسر بي..

تواصل سريانها..

يتدفق الدفء إلى بطني..

لتنهمر أشواقي..

توسلاتي..

فيضع الحمام ثلاثة بيضات..

الحيطان الداعمة تُحيط بتلك البيضات الثلاث..

إلى أن ينفلق فجر بكْسر الضياء للظلام…

أتحسس بطني..

فأعيش دفء الحمام، ما عاد شباكي شباكاً؟

من يدلني من يرشدني…

لعه خزائن للقلوب…

لعله كأس حب مصفى…

 

أجراس أسمعها أجراس أسمعها…

أسمع مطارقتغريدها

هَدى الحمامطار الحمام

طار الحمامهَدَّى الحمام

14

 

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات