لماذا تسارع هبوط سعر النفط في عام 2014؟

01:04 مساءً الإثنين 22 ديسمبر 2014
أحمد محمد حسن

أحمد محمد حسن

كاتب ومخرج بالتليفزيون المصري، القاهرة

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

Brent-Cartoon-1كانت أسعار النفط ترتفع بشكل حاد بسبب الزيادة العارمة في الطلب العالمي لكن بينما كانت أسعار النفط ترتفع وجدت بعض شركات الطاقة في استخراج النفط من الأماكن صعبة الحفر أمراً مربحاً .

في الولايات المتحدة الأمريكية بدأت الشركات باستخدام تقنيات جديدة مثل التكسير والحفر الأفقي لاستخراج النفط من الصخور الزيتية في أماكن مثل نورث داكوتا وتكساس .

أدى ذلك إلى طفرة في انتاج النفط حيث أضافت الولايات المتحدة وحدها قرابة 4 مليون برميل نفط يومياً منذ عام 2008 في السوق العالمي ، وتزامنت تلك الزيادة الأمريكية مع زيادة الإنتاج الكندي والروسي وحتى وقت قريب لم تكن هذه الزيادة ذات تأثير كبير على الأسعار العالمية لأنه في الوقت نفسه كانت هناك صراعات جيوسياسية تشْتعل في مناطق انتاج النفط الرئيسية فكانت هناك حرب في ليبيا ، والعراق يرزح في الفوضى ، والولايات المتحدة فرضت عقوبات نفطية على إيران .

لكن الأمور تغيّرت مرة أخرى في سبتمبر/ أيلول 2014 حيث بدأت تلك الإضطرابات تخف ، فقد بدأت صناعة النفط الليبية في ضخ النفط الخام مرة أخرى وما هو أهم من ذلك بدأ الطلب على النفط في آسيا وأوربا في الإنخفاض .

وكما هو الواقع فإن ضعف الطلب وارتفاع العرض تسبب في بدء انخفاض أسعار النفط .

هذا كله يقودنا إلى أوبك (منظمة الدول المصدرة للنفط) التي لا تزال تنتج 40% من النفط في العالم وعلى مدى عقود كانت أوبك تؤثر على أسعار النفط من خلال التنسيق لخفض أو زيادة الإنتاج ومع انخفاض أسعار النفط كان من الطبيعي أن يتم خفض الإنتاج لكن المملكة العربية السعودية (المنتج الأكبر للنفط في العالم) تعارض خفض الإنتاج مع السماح باستمرار هبوط الأسعار حيث أنه في ثمانينيات القرن الماضي عندما انخفضت أسعار النفط حاولت البلاد خفض الإنتاج لدعم الأسعار ولكن كانت النتيجة أن أسعار النفط واصلت الإنخفاض وفقدت السعودية حصتها في السوق .

وقد أثار قرار أوبك بعدم خفض الإنتاج دهشة المراقبين حول العالم لكن اختلف الوضع في واشنطن حيث أنه سبق اللجوء إلى نفس اللعبة (خفض أسعار البترول) في منتصف ثمانينيات القرن الماضي مما أدى إلى التعجيل بسقوط الإتحاد السوفيتي الذي كان يعتمد على صادراته من البترول في الإنفاق على موازنة الكرملين الهائلة .

وبالتالي فإن خفض أسعار البترول سلاح أمريكي قديم في حروب باردة جديدة ، فبالنسبة للوضع في روسيا حيث تعاني البلاد بالفعل من ضعف نمو الإقتصاد فإن هبوط أسعار النفط العالمية من المرجح أن يضع المزيد من الضُغوط على اقتصادها حيث تشكل عائدات النفط نحو 45% من ميزانية روسيا .

وبالنسبة للوضع الإقتصادي في إيران فلا شك أن إنخفاض أسعار النفط مع العقوبات الغربية التي تعاني منها ليس مجرد أمر عادي أو اقتصادي وليس نتيجة للركود العالمي فقط ، حيث اتهم الرئيس الإيراني حسن روحاني دولاً لم يحددها بالإسم بالتآمر لخفض أسعار النفط .

وذكرت مصادر صحفية لرويترز في وقت سابق أن السعودية وبكل بساطة قررت استخدام سلاح النفط ولكن ضد روسيا وإيران بالدرجة الأولى وبتنسيق كامل مع الولايات المتحدة بهدف تركيع هاتين الدولتين بسبب تدخل الأولى عسكرياً في أوكرانيا ودعم الثانية للنظام السوري وتمسكها بحقها المشروع في تخصيب اليورانيوم ورفضها تقديم تنازلات في مفاوضات فيننا حول طموحاتها ومنشآتها النووية .

وكتب (توماس فريدمان) المعلق في صحيفة نيويورك تايمز الشهر الماضي متسائلاً : “هل أتخيل فقط أم هناك حرب أسعار نفط عالمية تجري بين الولايات المتحدة والسعودية في جانب ضد روسيا وإيران في الجانب الآخر؟ “.

وتفادى وزير الخارجية الأمريكي (جون كيري) الخوض في الأمر عقب زيارة للسعودية في سبتمبر الماضي ورداً على سؤال عما إذا كانت المناقشات مع الرياض تطرّقت لحاجة روسيا إلى أسعار فوق 100 دولار للبرميل لضبط ميزانيتها ابتسم كيري وأجاب أن “السعوديون يدركون جيداً جداً جداً قدرتهم على التأثير على أسعار النفط العالمية ” .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات