الازدواجية الأردوغانية!

11:04 صباحًا الإثنين 9 فبراير 2015
أحمد محمد حسن

أحمد محمد حسن

كاتب ومخرج بالتليفزيون المصري، القاهرة

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print
أردوغان ما بين احتفاله بالهولوكوست..وإنكار مذابح الأرمن

أردوغان ما بين احتفاله بالهولوكوست..وإنكار مذابح الأرمن

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي طالما ظهر بمظهر الفارس الشجاع في المحافل الدولية والمحلية لتبنيه القضية الفلسطينية ، احتفل في تركيا بذكرى اليوم العالمي لضحايا المحرقة النازية والمعروفة ب”الهولوكوست” .

وتحتفظ تركيا بعلاقات جيدة مع اسرائيل على الرغم من محاولات أردوغان التستر على ذلك لتأتي احتفالات الهولوكوست المقامة على الأراضي التركية لتفضح هذه السياسة الخفية .

وذكرت الإذاعة العامة الإسرائيلية أن الحكومة التركية أعلنت استضافة العاصمة التركية ” أنقرة ” لاحتفالات ذكرى ضحايا المحرقة لتكون المرة الأولى التي تقام فيها هذه الإحتفالات في العاصمة التركية حيث كانت المراسم بمناسبة اليوم العالمي لاحياء ذكرى المحرقة النازية تقام في اسطنبول فقط ، وقد أشادت الخارجية الإسرائيلية بهذه الفعاليات والإحتفالات .

ويُشار إلى أن الأمم المتحدة أعلنت يوم 27 يناير/ كانون الثاني من كل عام يوماً دولياً لإحياء ذكرى ضحايا الهولوكوست حيث كان المعسكر النازي في أوربا قد شهد مقتل مليون ومائة ألف انسان غالبيتهم من اليهود في الفترة ما بين عام 1942 وعام 1945 وذلك بطريقة غرف الإعدام بالغاز ، وحثّت الأمم المتحدة الدول الأعضاء على وضع برامج تثقيفية لترسيخ الدروس المستفادة من الهولوكوست في أذهان الأجيال المقْبلة للمساعدة في الحيلولة دون وقوع أفعال الإبادة الجماعية مستقبلاً .

ومن جرائم الإبادة الجماعية أيضاً تأتي مذابح الأرمن والتي تُعرف أيضاً بإسم المحرقة الأرمنية والمذبحة الأرمنية أو الجريمة الكبرى وتشير إلى القتل المتعمد والمنهجي للسكان الأرمن من قِبل الإمبراطورية العثمانية خلال وبعد الحرب العالمية الأولى وقد تراوح عدد ضحايا الأرمن ما بين مليون و 1.5 مليون نسمة .

ومن المعترف به على نطاق واسع أن مذابح الأرمن تعتبر من جرائم الإبادة الجماعية الأولى في التاريخ الحديث ، والباحثون يشيرون بذلك إلى الطريقة المنهجية المنظمة التي نفذت من عمليات قتل هدفها القضاء على الأرمن .

وبحلول عام 2015 يكون قد مر قرن كامل على مذابح الأرمن التي ارتكبتها القوات التركية أثناء الحرب العالمية الأولى ورغم تأكيدات المصادر التاريخية القتل المتعمد والمنهجي للسكان الأرمن من قبل الإمبراطورية العثمانية خلال وبعد الحرب العالمية الأولى من خلال المجازر وعمليات الترحيل والترحيل القسري وهي عبارة عن مسيرات في ظل ظروف قاسية مُصممة لتؤدي إلى وفاة المبعدين من قراهم ومساكنهم ، إلا أن تركيا من جانبها ترفض الإعتراف بهذه الجريمة وتتهم آخرين من المشاركين في تلك الحرب بارتكاب المجزرة التي يُحييها الأرمن في شهر أبريل/ نيسان من كل عام .

ويبدو أن مذابح الأرمن في تركيا على يد أجداد رجب طيب أردوغان تلوح في الأفق مع تطلعات أردوغان في إعادة العهد الدموي للعثمانيين في بعض دول الجوار لتركيا ومحاولاته قيادة أو دعم ميليشيات إرهابية في سوريا ومصر للقضاء على كل ما هو مخالف أو مقاوم لأحلامهم أو سياساتهم .

ورداً على استمرار إنكار الإبادة الجماعية للأرمن من قبل الدولة التركية ، دفع ذلك العديد من الناشطين في مجتمعات الشتات الأرمني من أجل الإعتراف الرسمي بالإبادة الجماعية للأرمن من مختلف الحكومات في جميع أنحاء العالم .

وقد اعتمد 20 بلداً و42 ولاية أمريكية قرارات الإعتراف بالإبادة الأرمنية كحدث تاريخي ووصف الأحداث بالإبادة الجماعية ، ومن المنظمات الدولية التي تعترف رسمياً بالإبادة الأرمنية : الأمم المتحدة والبرلمان الأوربي ومنظمة حقوق الإنسان واتحاد اليهود الإصلاحيين .

وتُصر الحكومة التركية على إنكار الإبادة الجماعية للأرمن وتذكر المصادر التركية أن سبب وفاتهم هي ظروف الحرب والتهجير ، وفي عام 2005 تم تمرير فقرة في القانون التركي يجرّم فيه الإعتراف بالمذابح في تركيا .

والحديث عن القضية الأرمنية في الوقت الحالي أصبح أمراً في غاية الأهمية فالمشاركة في المصلحة الواحدة والتاريخ الواحد تدفعنا للحديث عن ضرورة انضمام مصر والدول العربية التي أضرتها تركيا في الماضي والحاضر إلى ضرورة دعم القضية الأرمنية والتوقيع على وثيقة الإعتراف بمذابح الأتراك التاريخية بحق الأرمن واعتراف الحكومة المصرية بمذابح الأرمن سيكون بمثابة ضربة لتركيا خاصة أن الشعب يطالب بطرد السفير التركي لتمادي بلاده في تشويه مصر خارجياً وسعيه لتمويل منظمات إرهابية داخل البلاد تدعم جماعة الإخوان التي رفضها الشعب في ثورة 30 يونيو/ حزيران والظروف حالياً تتطلب أن يكون القرار المصري على قدر طموحات الشعب للرد على تركيا بضربة قوية .

إن دعم القضية الأرمنية ليس من باب المصلحة الآنية ، وليست مجرد خطوة يمكن التراجع بعدها بتحسن الأوضاع والسياسات مع تركيا ، بل هي قضية لابد من دعمها والاستمرار في تقديم هذا الدعم مستقبلاً فالمذابح التركية ضد الأرمن نموذج لانتهاك آدمية وحقوق الإنسان وبغض النظر عن الجنس والعرق واللون لابد أن تنظر الحكومات والشعوب إلى تلك القضية بعين الإعتبار فهي قضية محورية تدور حول حقوق الإنسان .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات