المكتب الثقافي المصري بالكويت يحتفي بالشاعر عبد المنعم سالم

12:59 مساءً الأحد 24 مايو 2015
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

أقام المكتب الثقافي المصري أمسية للاحتفاء بالشاعر عبد المنعم سالم، استهلها الدكتور نبيل بهجت الملحق الثقافي بقوله: ” تتميزهذه الأمسية بأنها لشاعر كبير هو عبد المنعم سالم، ونحن في حضرة شاعر كبير أيضا سيتولى تقديمها هو الدكتور علي الباز. ولأن شاعرنا في هذه الأمسية ممن يعزفون باللغة ، وله بها علاقته الخاصة المتفردة، فهو يتواصل مع ما يشغلني منذ فترة طويلة وهي فكرة اللغة التي هي المحتوى الحضاري للأمه، فلا يستطيع الفرد أن يعبر عن نفسه وينقل منجزه للآخرإلا عن طريق اللغة”. ويستطرد الدكتور بهجت قائلا: “أذكر أنني في التسعينيات صدمت برسالة جاءتني من أحد الأصدقاء مكتوبة بحروف لاتينية تحتوي دلالة عربية، فثرت عليه وقلت له إن هذه الرسالة وأمثالها يمكن ان تقتل خطنا العربي الرائع”.

الدكتور نبيل بهجت الملحق الثقافي

الدكتور نبيل بهجت الملحق الثقافي

ويواصل الدكتور بهجت:

“هذه البداية التي كانت في التسعينيات بوضع الحروف اللاتينية مكان الحروف العربية كانت ستجعلنا نختفي من على ظهر البسيطة، فنحن عرب نتحدث العربية، فكيف نربي أبناءنا بحروف لغة مغايرة، وكيف نمارس كل وسائط التواصل بلغة أخرى؟ وكيف نواجه أنفسنا بأننا متوقفون عن الإبداع منذ ستمئة عامتقريبا لا نساهم في سفينة الحضارة الإنسانية، لأننا لا نستطيع التعبير عن أنفسنا بدايةً إلا إذا امتلكنا أدوات التعبيرالأولية وهي اللغة”. وذكر الدكتور نبيل بهجت أن الطفل عندما كان يحفظ القرآن صغيرا كان يقبض على خمسين ألف مفردة، وهذا الكائن الذي يمتلك خمسين ألف مفردة يستطيع أن يعبر ويوضح ويقدم نفسه للآخر. الآن ننحن نمتلك نصف لغة ونصف لغة. لا أريد أن أبدأ الليلة بهَمّ، ولكنه هَمّ وجودي ، فعلينا أن نحتفي بذواتنا وبوجودنا” وأنهى الدكتور بهجت كلمته بقوله”أشكر الشاعر عبد المنعم سالم الذي قبل أن تكون له أمسية معنا لنستصيء به وبشعره فيها، وأدعوالشاعر الكبير الدكتور علي الباز ليقدم الأمسية”.

ولأن هَمّ اللغة هو هَمّ مشترك بين المخلصين من أبناء هذه الأمة فقد بدأ الدكتور علي الباز بالكلام عن لغتنا باعبارها موضوعا قومياً

( وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا ) وذكر أن البحث عن اللغة والثقافة ينبغي ألا يهمشهما البحث عن الاقتصاد وغيره، ثم أشار إلى أن فرنسا يمنع فيها التحدث في البرلمان إلا باللغة الفرنسية الفصحى، وأضاف أن ديجول عندما حدث توتر في فرنسا وأراد أن يسجل كلمة للشعب سجلها باللغة الفرنسية القديمةالتي يفهمها الآباء، لأنها كانت ثورة شباب، ثم ذكر أن له بحثا يتناول اللغة العربية في الدساتير العربية وغيرها، ففي الدستور الإيراني الفارسي مثلا إلزام بتعليم اللغة العربية حتى نهاية المرحلة المتوسطة، ونحن ليس في دستورنا مثل هذا الإلزام.

ثم انتقل الدكتور علي الباز إلى الحديث عن الشعر والشعراء وبدأ بقول أمير الشعراء أحمد شوقي: أنتم الناس أيها الشعراء، واستأذن أمير الشعراء في أن يقول إن محبي الشعر أيضا ومتذوقيه هم الناس فمنهم من يكونون أحياناً أكثر شعوراً بالشعر من الشعراء أنفسهم ، ثم ذكر أننا لسنا في أزمة مع اللغة فحسب وإنما نحن في أزمة مع الشعر العربي، ثم استطرد قائلا: ” ولكن الذي يخفف من لوعتي هو أن أجد شعراء أصلاء مثل الشاعر عبد المنعم سالم الذي يكتب الشعر بإحساس رائع ولذلك فهو لا يكتب أي شعر وإنما يكتب شعرا شديد التميز، وأنا كنت كلما رأيت عبد المنعم سالم أتذكر شبابي أيام كنت ألقي الشعر في الإسكندرية، وقد قال لي سالم إنه عندما أسس مع بعض رفاق جيله ما أسموه “مسرح الترام” في السبعينيات كانوا يرددون بعض قصائدي التي مطلع إحداها: افتحي الباب للصباح الآتي .. قد كفانا ما مرَّ من ظلماتِ. ثم واصل الدكتور الباز حديثه عن الشاعر قائلا:”أتذكر حب عبد المنعم سالم للشعر وإخلاصه له، هو أخلص للشعر فأخلص الشعر له. إنه مُقِل في إصدار الدواوين ولكنه يكتب ويكتب ويختزن. ولاأذيع سراً عندما أقول إنني عندما أكتب قصيدة جديدة أتصل بعبد المنعم سالم وأسمعه القصيدة لأنني أعرف ذائقته الشعرية. أما عبد المنعم سالم الإنسان فهو قصة كفاح كبيرة، فقد حصل على بكالوريوس بعيد عن التخصص الأدبي واللغات، ولكنه يدرس ويثقف نفسه ذاتيا فيصبح فريدا في الشعر، وكنزا في اللغات والترجمة وعلى وجه الخصوص ترجمة الأدب ولا سيما ترجمة الشعر وهي أصعب أنواع الترجمات لأنه لا يترجم فيها كلمات فحسب وإنما يترجم ثقافة شعب. وختم الدكتور الباز حديثه بقوله: “أنا فخور بعبد المنعم سالم، فهو طيب القلب لا يعرف الكراهية، وهو رجل مسالم، ولذلك فإنني حينما أناديه أقول له أقول له: يا أستاذ عبد المنعم مسالم”.

وقدم الشاعر عبد المنعم سالم المنصة للشاعرة الكويتية ندى الرفاعي التي ألقت قصيدة لها عن أرض الكنانة مطلعها

أرض الكنانة حُبها مجبولُ.. قلبي إليها تائق محمولُ

يا مصر إنا قادمون يقودنا.. لبٌّ تبين أنه مَتْبــــُــول

ثم تقول: كم من نبي قد رعت جنباتها.. ودخولها وافى به التنزيل

وتقول: محروسة عبر الزمان عزيزة.. وعدوها في كيده مخذول

الشاعر عبد المنعم سالم

الشاعر عبد المنعم سالم

وبعد أن احتفت الشاعرة ندى الرفاعي بمصر وشاعرها ، جدد الشاعر عبد المنعم سالم تحيته للجمهور وألقى بأدائهالمميز عدداً من قصائده التي غطت فترة زمنية تزيد على الأربعين عاما، ثم قدم الناقد الدكتور مصطفى عطية ليقول كلمته النقدية الموجزة والتي شكر في مقدمتها الدكتور نبيل بهجت الملحق الثقافي على مثابرته وإضفائه روحا جديدة على المكتب الثقافي المصري بالكويت، وحرصهعلى تقديم النماذج المشرِّفة في الأدب والفن والثقافة والجديرة بأن تتصدر المشهد الثقافي. قال الدكتور عطية :” إننا الليلة نحتفي بالإبداع ، وليس أي إبداع، إنه إبداع حقيقي لشاعر حقيقي يؤثر أن يعمل في الظل بعيدا عن الأضواء، ولكن الظل يأبى إلا أن يدفعه إلى منطقة الضوء ليحقق وجوده المتميز، فهو صاحب تجربة شعرية فريدة، وهو شاعر زاهد، لديه رؤيته الواضحة وصوته الخاص، وإن قلَّ إنتاجه الشعري وإصداراته فإنها تكثر بما فيها من دلالات ومن معانٍ عظيمة، وله نورانيته وشفافيته الصوفية التي تنبض بها جميع قصائده حتى وهو يكتب عن عشقه، وهو شاعر له منظومة رائعة من القيم، تجعل المستمع أو القاريء يخرج من كل قصيدة بثمرة طيبة” ثم حلل الدكتور عطية بعض النقاط الفنية التي تميز شعره.

وختم الدكتور نبيل بهجت اللقاء شاكرا الجميع مؤكدا أنها كانت ليلة استثنائية بكل مكوناتها، طالبا من الشاعر عبد المنعم سالم أن يتعاون مع المكتب الثقافي في الدخول إلى عالم الأطفال الذين هم مستقبل الأمة ويحتاجون إلى هذه الشفافية النورانية من الكتابة .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات