المراوح الكورية ليست مجرد أداة للتهوية

07:59 صباحًا الأحد 14 يونيو 2015
نيللي علي

نيللي علي

كاتبة ومدونة من مصر، كاتبة في آسيا إن

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

 

رقصة الزهور باستخدام المراوح

رقصة الزهور باستخدام المراوح

يحب الكوريون المشاركة في حفل “جونجو دانو”  الذي بدأ عام 2003 لأنهم يحبون المراوح  التي تبعث بأشكالها المتنوعة البهجة في قلوبهم ، وتحتل أيضًا مكانة خاصة في تراثهم الثقافي، فلقد أنشأت مملكة جوسون عام 1392-1910 وكالة “سونجا تشونغ” في مدينة جونجو في محافظة جولا بوك-دو لإنتاج المراوح، وأطلقوا عليها اسم “دوكسون” أي مروحة الفضائل الثمانية وهي توليد الرياح، إشعال النيران، تغطية الجرار المفتوحة، المجرفة البديلة، فرشها كحصير على الأرض، حجب أشعة الشمس، وسادة أعلى الرأس لحمل الأشياء، أبعاد الذباب والبعوض، وتستخدم أيضًا في العروض الفنية.

ولقد تميز وأبدع في صناعة المراوح السيد جو تشونغ إيك الذي ولد في مدينة جانغسو في محافظة جولا بوك- دو، وشق طريقة المهني في مدينة جونجو في جولا بوك-دو وصنع أول مروحة في 29 من عمره.

والمراوح التقليدية الكورية تنقسم إلى مراوح مطوية ومراوح دائرية، والمراوح المطوية يطلق عليها اسم جوبسون أو جوبتشوبسون أو هاب جوك سون، ولقد ابتكر هذه المراوح أسرة كوريو 318 – 1392 وانتقلت التقنية بعد ذلك إلى الصين واليابان، وتصنع بوضع الورق الكوري التقليدي على إطار الشرائح الخيزرانية.

أما المراوح الدائرية وهي الأكثر شهرة فهي تصنع من الورق الكوري التقليدي أو الحرير، ويطلق عليها اسم بانغو بوتشى، دانسون، ووانسون، ولها أنواع عديدة تتختلف على حسب شكل الإطار والزخرفة مثل التايغوكسون وهو رمز التايغوك، ونال السيد جو تشانغ إيك الذي كرس حياته لمدة  30 عامًا لصناعة المراوح التقليدية شهرة واسعة لاختراعه التصميم المعياري لرمز التايغوك، وهذا الرمز نال شهرة واسعة بسبب ظهوره في العديد من الاحتفالات والمناسبات وافتتاح وختام الألعاب الرياضية على سبيل المثال وليس الحصر دورة الألعاب الأسيوية في سيول عام 1986، دورة الألعاب الأوليمبية في سيول عام 1988، وكأس العالم لكرة القدم عام 2002.

وهناك أيضًا سامتايغوك، وتتميز تلك المروحة بألوانها المتميزة الأزرق والأصفر والأحمر والتي تركز إلى البحر والصحراء والبشر.

واستخدم الكوريين المراوح في المناسبات الاجتماعية، ففي المأتم استخدموها للدلالة على الحزن وتسمى سانغ سون، وفي الأفراح يضعها العريس أمام وجه وهو في الموكب الذي يحمله إلى بيت عروسته “نانغ سون” وهناك مراوح مبطنة بالفرو أو جلد الغزال لحماية اليد من البرد القارص، واستخدمت أيضًا في العروض الفنية والملاحم التي تستغرق عدد ساعات طويلة أثناء عرضها، وكانت تستخدمها بعض النساء للتعبير عن غضبها في بعض المواقف بتحريك المروحة بشكل متلاحق.

والسيد جو تشونغ إيك كان يعمل في مشغله الخاص ” جوكجونسونجا يانغ” في دايسونغ دونغ، ووانساكو في مدينة جونجو، كانت مساحته 165 متر مربع، ومعلق على الحوائط العديد من المراوح، وينتشر في المكان الكتب الفلسفية والأدب الكوري والصور الكورية، ولقد علم جو تشونغ إيك نفسه بنفسه، لأنه لم يستكمل تعليمه بسبب حالة أسرته الفقيرة، ولقد عمل في صناعة المراوح لكي يقدر على المعيشة، ولكنه أصابه الملل بعد فترة، وذات يوم قرأ كتاب بعنوان” أجمل شيء على الأرض” للكاتب آن بيونغ ووك كتب فيه” إن الحياة هي التعبير عن الذات بطريقة إبداعي” وقد غير هذا الكتاب نظرته لصناعة المراوح، وبدأ يعيد صناعة المراوح التقليدية، وابتكار العديد من المراوح الحديثة مع الحفاظ شكلها على التقليدي، ولقد برع في صناعة مروحة على هيئة ذيل طاووس مفتوح واستعمل 8000 شريحة خيزرانية، وصنع أكبر مروحة في العالم بعرض 270 سم* طول 240 سم ، وأصغر مروحة في العالم بعرض 2.5 سم *طول 5سم.

مروحة كورية تقليدية من خشب البامبو

مروحة كورية تقليدية من خشب البامبو

وصناعة المراوح تختلف مدتها من واحدة لأخرى، مروحة “تايغوكسون” تستغرق نصف يوم، أما المراوح المعقدة تحتاج إلى وضع الكثير من الشرائط الخيزرانية وتستغرق شهرين تقريبًا، ومراحل تصنيع “تايغوكسون” 11 مرحلة، تبدأ بقطع أخشاب الخيزران في طول واحد، تقسم إلى قطع بعرض 1.5 وسمك 1 مم، وبعدها تتحول هذه القطع إلى شرائح دائرية، وتوضع الشرائح المستديرة على ورقة بيضاء بحجم المروحة الحقيقة، ثم توضع عليها طبقة أخرى من الورق الذي تم تشكيله  على نمط السامتايغوك، ثم توضع ثلاث طبقات من الورق والشرائح بين طبقتين ثم يضغط عليها بالقدمين لزيادة قوة التلاصق، وبعد ذلك تقص الحواف على حسب الشكل المطلوب، وتغطى بشريط من الورق، ثم يوضع المقبض الخشبي باستخدام المسامير.

ولقد ترك السيد جو تشانغ إيك أوجه المراوح فارغة، لكي يملأه الفنانون والشعراء بما يحلو لهم، فلقد قدم “السيد جو بيونغ هي” عملين من الخط، ورسم “السيد سونغ كيه إيل” لوحة من الحبر، وهكذا جعل السيد جو تشانغ إيك المروحة وسيلة لنقل الفنون والثقافات وليست مجرد أداة للتهوية.

وتظل المروحة تحتل مكانة في قلوب الكوريين منذ قديم الأزل حتى الآن، فنجد الشباب يحملون المراوح الجميلة والملونة والخفيفة والتي تضيف إلى ملابسهم شكل أنيق ومبهج، وتحمل في قلوبهم ذكريات جميلة لأن أمهاتهم كانت تستخدم المراوح وهم نائمون لتبعد عنهم كل شيء ممكن أن يؤذيهم ولتلطيف الجو الحار.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات