رأس النظام في تونس اسْمُه السبسي و ليس السيسي

09:25 مساءً الأحد 28 يونيو 2015
خالد سليمان

خالد سليمان

كاتب وناقد، ،مراسل صحفي، (آجا)، تونس

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print
الرئيس التونسي السبسي

الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي

أحب من أحب و كره من كره .. كل من في مصر شعبا و حكومة و رئاسة يقر و يعترف بأن تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة لها نظام جمهوري يترأسه فخامة الرئيس الباجي قائد السبسي … ؛ و أحب من أحب و كره من كره ورغم أنف الجميع مصر دولة حرة مستقلة ذات سيادة لها نظام جمهوري يرأسه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي .. طبقا لإنتخابات ديموقراطية حرة إنبثقت من إرادة ثورة شعبية خرج فيها أكثر من ثلاثين مليون مصري على كامل تراب مصر في مشهد لم يعرف التاريخ مثله أو قبله حدد لها ذلك الشعب العظيم ” مسبقا ” يوم 30 يونيو 2013 ليفرض إرادته رغم أنف الجميع و فوق رقاب الجميع أحب من أحب و كره من كره بما في ذلك الدول العظمى ليطيح بنظام الإخوان المجرمين و يعزل الرئيس الجاسوس صاحب ” الإعلان الدستوري المكبل ” الذي حنث من خلاله بالقسم و أسقط شرعيته و هو أمر يخص المصريين وحدهم و لا يحق لكائن من كان التدخل فيه حتى لو رفع علامة التجمع ” الإرهابي المسلح في رابعة ” ..
– لم يعبأ المصريون أبدا بهؤلاء و ما زالوا .. بما فيهم كما ذكرنا آنفا زعماء دول عظمى إضطروا في النهاية للتوقف عن التدخل في الشأن المصري ” ولو ظاهريا ” و كان أولهم رضوخا الرئيس الأمريكي ” باراك أوباما ” الذي ذهب إلى الزعيم ” عبد الفتاح السيسي ” في مقر إقامته خلال وجوده في الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك ..
كل هذه المقدمة الطويلة كان الهدف منها توضيح أن المصريين على المستويين الشعبي و الرسمي منشغلون بأمرهم و شئونهم و بناء وطنهم دون التدخل في شئون الغير الداخلية .. و يتمتعون بالصبر الجميل على مكاره الآخرين و لكن للصبر حدود .. خاصة على المستوى الشعبي الذي يصعب كبحه عندما ينفلت .. و هنا لابد من لفت نظر وزير الخارجية المصري السيد سامح شكري .. و الجهات المعنية في تونس لهذا الأمر الذي بدأت ردود فعله الشعبية في التفاقم و طالما لفتنا النظر إلى ذلك من قبل لكن يبدو أن هناك أطراف تصر على التصعيد مع مصر لهدف ما ؛ و لابد من أنهم يعرفون تماما حساسية المصريين تجاه التدخل في شأنهم الداخلي .

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي

بعد وقوع الحادث الإرهابي في ضاحية ” القنطاوي ” بولاية ” سوسة التونسية ” والذي أسفر عن 39 قتيلا من السائحين البريطانيين و الألمان و البلجيك إلخ و عدد آخر من الجرحى .. توالت ردود الأفعال في أربعة أركان الأرض و كان من أسرعها شعبيا و رسميا رد الفعل المصري المتعاطف من الرئيس ” عبد الفتاح السيسي ” الذي سارع بالإتصال بشقيقه الرئيس ” الباجي قائد السبسي ” فيما توالت ردود الفعل الشعبية المتعاطفة مع الأشقاء في تونس و مصابهم حتى كتابة تلك السطور ؛ لكن الصيد في الماء العكر بدأ منذ يوم الجمعة 26 يونيو ” أي يوم الحادث ” حيث ظهر المدعو ” برهان بسيس ” على ” قناة نسمة التونسية الخاصة ” ذلك المعارض الذي تحول بقدرة قادر إلى عراب لنظام ” زين العابدين بن علي ” .. ثم تحول إلى النقيض الآن بعد تغير موازين القوى .. في إستوديو تحليلي حول ” حادث سوسة الإرهابي ” موجها السؤال لأحد ضيوفه قائلا بالنص ” إذن أنتتفضل حل عبد الفتاح السيسي ” مقحما الرئيس المصري في أمر لا علاقة له به من بعيد أو من قريب اللهم في أن جرح تونس هو جرح لمصر أيضا .. ؛ و بغض النظر عن اللغة المتدنية و طريقة إقحام إسم الرئيس المصري لأن مسألة اللياقة هي مسألة نسبية .. إلا أن الأمر كان واضحا أنه إستئنافا لسياسة إعلامية محددة يقف ورائها أطراف معلومة للجميع و حلفائها ؛ و كانت و مازالت تلك السياسة واضحة في الخط التحريري لقنوات تونسية خاصة مثل فضائيات ” قناة الزيتونة ” و ” قناة tnn ” الإخبارية و ” قناة المتوسط ” قبل بيعها و ذلك على سبيل المثال لا الحصر .. فقد كان الأمر ملحوظا أيضا في قنوات و إذاعات أخرى مع بعض المراوحة في الأداء لأسباب متعددة من بينها نوعية الضيوف ؛ و كان السؤال الذي يفرض نفسه على الموقف الذي قد يبرره البعض بدعوى ” حرية التعبير و الإعلام ” .. أليس للمصالح العليا للدولة التونسية حقا على إعلامها حتى لو كان خاصا ؟ .. عموما يبقى الأمر دائما شأن خاص و كل طرف يضطلع بمسئوليته ..

عبد الكريم الهاروني

عبد الكريم الهاروني

لكن بحلول يوم السبت 27 يونيو و على فضائية ” حنبعل ” التونسية الخاصة إذا بالسيد “عبد الكريم الهاروني ” وزير النقل السابق في حكومة الترويكا التى كانت تترأسها ” حركة النهضة ” و القيادي ” بحركة النهضة ” و أظنه ” عضو مجلس شورى الحركة ” .. و الذي كان ضيفا في إستديو تحليلي حول ” حادث سوسة الإرهابي ” يتحدث نصا و عدة مرات عما أطلق عليه ” نظام الإنقلاب في مصر ” مقحما أياه إقحاما في موضوع لا علاقة له به ؛ و الأعجب من ذلك أنه تحدث في معرض حديثه لأحد ضيوف الحلقة دفاعا عن دول بعينها أن تونس يجب أن يكون لها علاقة طيبة بجميع دول العالم .. ثم يكرر مزاعمه حول ” نظام الإنقلاب ” في مصر .. و هو أمر بالغ الخطورة و يستدعي توضيحا جازما من جديد .. إذا أننا سمعنا بأنفسنا من السيد ” معز السيناوي ” الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية التونسية .. ردا على سؤال حول أحكام القضاء في مصر ” أن الدولة التونسية مبدئها واضح .. و هو عدم التدخل في شئون الدول الأخرى ” ؛ لكن تصريحات السيد”الهاروني” لا تكترث بهذا المبدأ .. ببساطة لأنه قيادي في ” حركة النهضة ” و هي شريك أساسي في الحكومة التونسية .. و لا يمكن تفسير تصريحاته بأنها ” شخصية ” و ما إلى ذلك .. و هو ما يتطلب توضيح من كافة الأطراف المعنية في تونس و مصر .. بما في ذلك سعادة سفير مصر في تونس السيد أيمن مشرفة ..
فقد تجاوزت مسألة تدخل أطراف سياسية بعينها في الشأن المصري الحدود ؛ و تم رفع ” علامة التجمع الإرهابي المسلح في رابعة ” من قبل نواب في المجلس التأسيسي في إستفزاز واضح لإرادة و مشاعر الشعب المصري ؛ و سمعنا بأنفسنا سباب الرئيس المصري بأقذع و أحط و أشنع النعوت أمام السفارة المصرية بتونس .. و ترفعنا عن كل ذلك عسى أن يثوب كل إمرئ إلى رشده .. لكن دون جدوى .. آن لتلك المهازل أن تتوقف و أن يحترم كل شقيق شقيقه و أن يترفع عن الصغائر .
النظام المصري الذي يدعي السيد”عبد الكريم الهاروني” أنه ” إنقلابي” و هي مسألة لا تخصه و لا تعنيه .. لم يرسل الشباب المغرر بهم بإسم الدين إلى سوريا و العراق و ليبيا ليلتحقوا بالجماعات الإرهابية مثل ” داعش ” و ” النصرة” إلخ .. ؛ و ليعرف إلى أي بقعة من العالم تنتمي أعلى نسبة مشاركة من هؤلاء و في أي حقبة و ظروف خرجوا .. ؛ و ليسأل من أين اتى أحد المشاركين في العملية الإرهابية التي إستهدفت ” معبد الكرنك” في مصر منذ إسبوعين و التي أحبطها أمن النظام الذي ينعته ” بالإنقلابي” .. هذا النظام الذي شهد له العالم بأسره أنه الوحيد الذي واجه الإرهاب بنجاعة و أعلن عليه الحرب فعلا لا تمثيلا و تواطؤا كما كان يفعل البعض ..
أن مصر كانت و مازالت و ستظل بإذن الله عصية على قوى الإمبريالية و الصهيونية و وكلائهم على مر العصور ؛ و كان هذا النظام هو الذي واجه المؤامرة و أفشل تلك الخطط وحده .. ؛ النظام الذي يوجد على رأسه الزعيم ” عبد الفتاح السيسي ” .. هو الذي تضامن مع أهلنا في ” الشمال الغربي التونسي ” عندما هطلت عليهم الثلوج و ” جاد الفقير بما عنده آنذاك ” لكي يعبر عن مشاعر حقيقية .. لا عن رياء مارسه البعض فيما مضى دعاية لنفسه ؛ و لم يكتفي هؤلاء بريائهم بل مارسوا شرورهم بإطلاق الإشاعات المغرضة في إعلامهم المسموم .. و سارعت الدولة التونسية مشكورة بتكذيب تلك المزاعم .. ؛ ناهيك عن حملات التطاول و السباب من جهة و التعتيم من جهة أخرى من طرف فصيل بعينه نعرفه جيدا و نترك حسابه للشعب التونسي الشقيق و لله جل علاه .. بيد أن من يقترب من الشأن الداخلي لمصر لا يلوم إلا نفسه لأنه يضعها في مواجهة شعب إرادته لا تقهر ، و لابد لجميع من يسيئ إلى النظام المصري الذي جاء رغم أنوفهم بثورة و إرادة شعبية أكبر من أن يتصوروها .. أن لا يقحموه في مسألة لا علاقة لها بها لأن رأس النظام في تونس إسمه “السبسي ” و ليس ” السيسي ”
و تبقى كلمة للسيد/”الهاروني ” ومن لف لفه .. ليس من حقك التطرق مطلقا للشأن الداخلي المصري و رأيك الذي يستفز مشاعر المصريين و يتحدى إرادتهم لا يساوي لديهم أو لدينا شروى نقير .. و الشعب الذي قدم للبشرية فجر الضمير و أول و أعظم و أجل حضارة في التاريخ ليس في حاجة لدروس منك أو من غيرك .. فتذكر مصالح بلادك و حافظ عليها لأنك لست أعظم أو أكبر من “أوباما” أو ” ميركل ” أو ” كاميرون ” أو ” هولاند ” .. لكنك تبقى أعز و أقرب و أبجل .. لأنك شقيق من أهل البيت بشرط أن لا تتدخل في شئونه ..

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات