رسائل مصر إلى العالم

07:45 مساءً الجمعة 31 يوليو 2015
خالد سليمان

خالد سليمان

كاتب وناقد، ،مراسل صحفي، (آجا)، تونس

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print
الرافال في سماء مصر

الرافال في سماء مصر

ليس سرا على الجهات المعنية خاصة المعادية أن مصر أضافت لترسانتها العسكرية خلال شهرين فقط 44 طائرة مقاتلة عبارة عن 8 طائرات إف 16 فالكون- بلوك 52 و 24 رافال و 12 سو 30 ” سوخوي ” طائرة السيطرة الرهيبة من الجيل 4.5 و التي أثبتت على المحك تفوقا على طائرات غربية من الجيل الخامس ؛ و ال36 طائرة الأخيرة بعيدة المدى و قادرة على حمل صواريخ إستراتيجية .. علاوة على غواصتين ألمانيتين من طراز “دولفين” و فرقاطة فرنسية من طراز ” فريم ” الشبحية ؛

و قد تم تسلم بعض تلك الأسلحة التي تم التعاقد النهائي عليها و ستشارك في إفتتاح قناة السويس الجديدة .. فيما ستكون كلها قد دخلت الخدمة قبل نهاية العام الجاري .. فضلا عن صفقة الأسلحة الروسية التي تم تسلمها و أعلن عن بعض ما تضمنته تلك الصفقة و أهمها الصواريخ س300 الخطيرة و التي تحقق لمصر سيطرة تامة على سمائها فضلا عن كونها سلاحا للردع أيضا ؛ و بطبيعة الحال هذا ما أعلن عنه مبدئيا .. لكن ليس سرا أن هناك ما لا يعلن عنه لأسباب سياسية و عسكرية ؛ كما أنه ليس سرا أن مصر تسعى لتدعيم جيشها بأسلحة أخرى غير أمريكية حتى لا تكون غير مرتهنة لطرف ما و من أجل تأكيد تنويع مصادر السلاح و التعامل مع دول تعطي لمصر شروطا أفضل ليس من حيث السعر فقط و لكن من حيث حقوق التصنيع و التطوير و الإنتاج المشترك ؛ و إذا نجحت مصر في إقناع الإتحاد الروسي بالتعاقد معها على المنظومة المرعبة و الفائقة القوة من صواريخ الإس 400 فسوف يكون ذلك نقلة نوعية كبيرة و خطوة عملاقة في الحفاظ على الأمن المصري ..
الحرب الباردة الثانية :

– لكن ماذا تعني تلك المقدمة .. قد يبدو الأمر و بشكل مباشر أن هناك حروب قادمة و هو بالمناسبة أمر غير مستبعد ؛ لكن هناك أبعاد أخرى يجب أن توضع في الحسبان أولها ..
– بكل أسف لدى بعض الأشقاء سواء من يرددون مزاعم التنظيم الدولي الإجرامي للإخوان كالببغاوات و ثوريي المناسبات إدعاءات كثيرة حول العلاقات بين مصر و الكيان الصهيوني و التي يزعمون أنها تتضمن تعاون و أحلاف إلخ .. علما بأنه رغم توقيع معاهدة السلام بين مصر و الكيان الصهيوني منذ عام 1979 و الذي أعقبه نقل مقر الجامعة العربية مؤقتا من القاهرة إلى تونس قبل أن يعود إلى دولة المقر مصر من جديد .. و ظهور ما أطلق عليه جبهة الصمود و التصدي و معسكر الممانعة … لم تطلق رصاصة تقض مضاجع الصهاينة بشكل حقيقي و لم يجرؤ العرب على شن حرب تماثل حرب إكتوبر – رمضان 1973 على إسرائيل .. ببساطة لأنه لا حرب بغير مصر ..
و فيما نجحت معاهدة السلام المصرية مع الكيان الصهيوني من حيث ترتيبات منع الحروب .. لكنها فشلت تماما في التطبيع مع الكيان الصهيوني على المستوى الشعبي
– و على التوازي و في الوقت نفسه كانت المباحثات السرية بين الحكومات العربية و الكيان الصهيوني على قدم وساق حتى إلتقى ما تبقى من دول الطوق ” سوريا – لبنان – الأردن – منظمة التحرير ” مع ممثلي الكيان الصهيوني في “مدريد” 1991 لكن الأمر إختلف و أصبحت الشروط مجحفة و أصعب خاصة بعد خروج مصر من المعادلة و كارثة الغزو العراقي للكويت التي كانت تتويجا للحماقة العربية ؛ لذا واجهت تلك الدول شروطا أكثر إجحافا من ممثلي الكيان الصهيوني من الصقور و فيما كان بعضها قد تباحث سرا بالفعل على طريقة المباحثات السرية التمهيدية بين مصر و الكيان الصهيوني التي كانت تتم برعاية مغربية مباشرة من العاهل المغربي الراحل ” الحسن الثاني ” ؛ و فيما فشل التفاوض بين ” فاروق الشرع” وزير خارجية سوريا و ” إسحق شامير” وزير الخارجية الصهيوني الذي انتهى بفضيحة إظهار ” الشرع ” لصورة الإرهابي ” شامير” حين كان مطلوبا من السلطات البريطانية .. ؛ ظهر إتفاق ” أوسلو” الذي وقعه “أبو مازن” برعاية المنظمة و موافقة ” أبوعمار ” ..
– و دون الإيغال في التاريخ و ترديد مقولات الإخوان المجرمين العملاء أو مزاعم الأغبياء بقيت مصر العدو الأساسي للكيان الصهيوني الذي بقى مجهوده الحربي الأكبر على جبهته الجنوبية أي مصر .. لكن الأمر بين مصر و الكيان الصهيوني أصبح “مع مراعاة الفوارق بطبيعة الحال” أشبه بعلاقة الولايات المتحدة مع روسيا أو الصين ..
– بالطبع كل ما ذكرناه آنفا لا يقلل من الدور السوري الهام جدا و لا نضالاتها .. لكن ذلك لا يمنع من ملاحظة أنه لم تقع بين سوريا و الكيان الصهيوني أية حروب كبرى منذ 1973 و أحد الأسباب الرئيسة في عدم وقوع حرب من هذا النوع أن الكيان الصهيوني يعلم تماما أن هناك نقطة حرجة بالنسبة لمصر من جهة الشرق هي أمن سوريا إذ أنه جزء لا يتجزأ من بعدها الجيو استراتيجي يمكن أن يدفعها للحرب و هو ما يتجنبه الكيان الصهيوني .. إذ أنه يعرف أن المؤسسة العسكرية المصرية هي المؤسسة الوحيدة تقريبا التي كانت بمنأى عن الإهمال و الفساد الذي كان من سمات عصر “مبارك” فاثرت أن تكون أي مواجهة “عسكرية تقليدية ” مع مصر في المستقبل البعيد ؛ و أكتفت بحصار النفوذ المصري في عدة مناطق من العالم أهمها “إفريقيا” فيما كانت تراقب تغلغل النفوذ “الإيراني” في سوريا على حساب مصر على مدى ثلاثة عقود ..
– لكن الموازين في المنطقة إنقلبت بعد ثورة 30 يونيو في مصر و إنحياز الجيش لها و تداركه للمصالح العليا للدولة المصرية على كافة الصعد .. وبدأ تحركات هامة بالفعل حيث قامت المؤسسة العسكرية بفتح قنوات الإتصال مع الدول الشقيقة و الحليفة .. و إعادة المياه إلى مجاريها مع حلفاء تاريخيين و تقليديين مثل روسيا و اليونان و قبرص .. و الصين التي لم تنس لمصر أنها أول دولة إعترفت بها و أنهما أسسا معا حركة عدم الإنحياز خلال حقبة الزعيمين “شوين لاي” و “ناصر” ؛ بل و بادرت للإتصال المباشر مع الكيان الصهيوني لطمأنته بعد قيام القوات المسلحة بإدخال قوات مصرية إلى سيناء بأعداد كبيرة لمواجهة الإرهاب الذي تسانده “حركة حماس” ؛ و هو ما يعد مكسبا لمصر إذ أنه يبين للعالم أنها دولة كبرى تحترم تعهداتها و هو ما أقره مسئولو الكيان الصهيوني غير ذات مرة ..
– و ستبقى علاقة مصر و الكيان الصهيوني علاقة خشية و إحترام بين الأقوياء لكن كل منهما يتربص للأخر و لن يرحمه إن غفلت عينه أو زل ..

– و لأن الدول الكبرى تتماثل سريعا للشفاء فقد تحركت جميعها للتعامل مع الواقع الجديد و تحقيق أكبر الفوائد منه بعد أن بدا جليا أن سباق التسلح قد بدأ فأقتربت فرنسا ذات العلاقات التاريخية مع مصر أولا .. ثم المانيا و بريطاني بحثا عن مناطق نفوذ و شراكات إستراتيجية و مبيعات سلاح بعد أن سبقهم إلى ذلك روسيا و الصين ..
– و خلال فترة القلاقل فيما أطلق عليه كذبا و زورا و بهتانا ربيع عربي .. سعى الكيان الصهيوني لبسط نفوذه الإستراتيجي و دعم ترسانة سلاحه فتعاقد على المقاتلة المخيفة f 35 مع الولايات المتحدة ؛ فيما تحرك الأتراك لإيقاظ الحلم العثماني التوسعي بدلا من الحلم القومي ” الأتاتوركي ” .. أما “إيران” فسعت إلى إقالة الحلم الصفوي أو الفارسي من عثرته من خلال طموحات نووية ..
– هذه و ببساطة مقدمة لما حدث و هو ما دعا المؤسسة العسكرية المصرية لتدارك الأمر سريعا لإنقاذ الدولة الوطنية من المصير المظلم الذي آلت إليه العراق .. و حاولوا تمريره في سوريا .. ؛ لذا فقد سعت للتحرك على المستوى الجيو استراتيجي و الإقتصادي و العسكري و الذي سيكون مستقبلا داعما لسوريا بشكل ما ..
– و يمكن تفسير إستجابة الدول الكبرى خاصة في المعسكر الغربي لمطالب مصر أنه إنعاش لإقتصادها من خلال تشغيل مصانع السلاح لديها حتى لو إشتعلت الحرب الباردة ؛ بينما الإتحاد الروسي سعى لذلك أيضا قبلهم مع تحركات جدية لإستعادة مناطق نفوذ قديمة و هو ما جعل أصحاب مصانع السلاح يكشرون عن أنيابهم لإدارة “أوباما” بعد أن بدأت أمريكا تفقد هيبتها و نفوذها و زبائنها بسبب حماقة تلك الإدارة فأرغمتها على تسليم صفقات الطائرات المقاتلة الخاصة بمصر قبل أن تفقد زبون ممتاز تعاملت معه لما يقرب من أربعة عقود
– و لقد أصبح الأمر أشبه بجدارية فرعونية قديمة تمثل ملكة مصر ” حتشبسوت ” تنظر بثقة و صرامة و هي جالسة فوق عرشها فيما تقف بين يديها آلهة الحرب الفرعونية القديمة اللبؤة الشرسة ” سخمت ” بعينيها الوحشية التي تجمد الدم في العروق تدير رأسها في غضب محذرة الأعداء المحتملين في الشرق تركيا و إيران و الكيان الصهيوني الذي يحرص على عدم إستفزازها ” لا تقترب منه ولا يقترب منها ” ؛ ثم تطوح برأسها في وضع إنقضاض صوب الغرب حيث تعبث جرذان الدواعش في ليبيا و ما ورائها حيث تقبع ثعالب “الأفريكوم” .. فيما تستدير ببطء وصرامة جهة الجنوب و محذرة الأشقاء في السودان و أثيوبيا عند منابع النيل من نسيان وشائج القربى و أواصر المحبة و الأخوة …

تبدلت الإستراتيجيات و الأعداء و العدو البعيد أكثر خبلا و رعونة من العدو القريب لذا كان لزاما عليه أن يدرك أن الصواريخ البالستية و الطائرات بعيدة المدى و الأسطول الأكبر في إفريقيا و الشرق الأوسط قادرين على الوصول إليه .. و لابد أن صورتهم الآن تنعكس من عيني ” سخمت ” التي ترمي بحممها الحمراء كأنها أبواب الجحيم .. و كيف لا و هي آلهة الحرب المصرية ..

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات