كثيرا ما راودنا الحلم بتقديم عمل فني أوبرالي عربي نفخر به في دور الأوبرا العالمية
بعيدا عن فكرة الاستعانة بمؤلفين غربيين لتقديم عمل عالمي كأوبرا (عايدة ) لفيردي
والتي تم تقديمها في حفل افتتاح قناة السويس المصرية ,
أو أن نكون مجرد خلفية زمنية وتاريخية يستوحي منها المبدعون أعمالهم الفنية
كأوبرا (ألف ليلة وليلة) لنيكولاي كورساكوف ..
وكانت أوبرا (ابن بطوطة) … ذلك العرض الأوبرالي الموسيقي الغنائي الراقص
الذي حقق نجاحا هائلا عند تقديمه على مسرح دار الأوبرا السلطانية في العاصمة العمانية مسقط ,
إنه عرض عربي متكامل من الألف إلى الياء يشارك فيه أكثر من 180 فنان وفنانة :
فقد قام بتصميم الرقصات والإخراج الفنان اللبناني وليد عوني ,
وقام الفنان سعيد القليعي بالكتابة الدرامية , أما قيادة الأوركسترا فهي للمايسترو هشام جبر ,
كتابة الأشعار للفنان نادر صلاح الدين والشاعر العُماني د.صالح الفهدي ,
وبمشاركة المطربات رحاب عمر من مصر , غادة شبير من لبنان, هدى الخبنشي من سلطنة عمان ,
كما أن عازفي الآلآت الشرقية من دار الأوبرا المصرية ,
ويشارك كذلك كورال معهد الموسيقى الوطني اللبناني وأوركسترا بوميرجي ميوزيكال الإيطالية .
هذا ويقوم الفنان المصري الكبير عبد الرحمن أبو زهرة
بدور الرحالة العربي (ابن بطوطة) في المراحل العمرية المتقدمة.
أوبرا (ابن بطوطة) وخطوة في اتجاه العالمية …
في إطار مشاركة سلطنة عمان في (اكسبو ميلانو 2015)
تم عرض الأوبرا الموسيقية الغنائية الراقصة ابن بطوطة في مدينة ميلانو الإيطالية
تحت رعاية وزارة التجارة العمانية والمفوض العام لجناح سلطنة عمان في الإكسبو
وبعض المؤسسات الوطنية العمانية ,
وهذا العرض العربي العالمي يُعتبر مرآة حضارية تعكس صفحات عظيمة
من تاريخنا العربي وتُعرِف الغرب بوجهنا المشرف
وكيف ساهمنا إيجابيا في صنع حضارة العالم وتقدمه.
ينقسم العرض إلى ست لوحات فنية
استُعملت فيها الحيل الدرامية والتقنيات الحديثة
لتغطي المراحل التاريخية والحقب الزمنية والأسفار المتنوعة التي قام بها الرحالة العربي المغربي (ابن بطوطة)
في القرن الرابع عشر الميلادي وهو المؤرخ والرحالة والقاص والفقيه
والذي تُلقٍبه جامعة (كامبريدج ) في أطلسها بأمير الرحالة المسلمين الوطنيين
وهو بالفعل واحد من أهم الرحالة العرب
إذ قطع أكثر من 121 ألف كيلو متر في رحلاته
وهو الرقم الذي لم يكسره أي رحالة منفردا
حتى ظهور وسائل النقل التي تستخدم البخار في تسيير المركبات.
لقد أمضى ابن بطوطة نحو ثلاثين عاما في الترحال
وقدم للمكتبة العربية كتابه الشهير :
تحفة النُظًار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار , والمعروف باسم (رحلات ابن بطوطة) .
لماذا أوبرا ابن بطوطة ؟؟
كانت فكرة السفر وفلسفة الترحال هي محور العرض
وتقديم اجابات عن اسئلة لاحصر لها يقدمها أدب الرحلة والرحالة
إذ أنها خلاصة التجارب الإنسانية وتطبيق عملي لعلوم الإتصال المختلفة
كونها الأهم في تشكيل الوجدان الإنساني كما تضيف أعمارا جديدة إلى عمر المسافر …
لم يغفل العرض في لوحاته الموسيقية الراقصة
تلك العلاقة الوثيقة بين الرحالة الطنجي ابن بطوطة وبين ساحل عُمان
حيث كان واحدا من أهم محطاته وخصص لها صفحات وصفحات
في كتاب رحلاته الكبير وأسفاره الغربية بين الأمصار.
الفرص الضائعة …
كنا نطمح أن تقدم دار الأوبرا المصرية في إطار احتفالات افتتاح قناة السويس الثانية في شهر أغسطس 2015
عملا فنيا أوبراليا يتوازى مع ضخامة الحدث حتى لو لم يكن عربيا خالصا
كما قدم الخديوي اسماعيل اوبرا عايدة في حفل افتتاح قناة السويس للموسيقار الإيطالي (فيردي)
ولكن للأسف لم يتحقق الحلم وأضعنا فرصة ذهبية للحضور الثقافي والإنساني
كما هي العادة وأكتفينا بتقديم ما هو مكرر ومعاد إذ شاركت دار الأوبرا المصرية بتقديم مشهد النصر
من أوبرا عايدة كنموذج للتفرد وكحالة فنية شديدة الخصوصية والتفاعل مع الحضارة الفرعونية
كما جاء على لسان الدكتورة إيناس عبد الدايم عازفة الفلوت العالمية ورئيس دار الأوبرا المصرية .
الآمال تتجدد والأحلام تتحق..
لعل تقديم عمل فني عربي عالمي بتلك الإمكانات وهذا الإتقان الذي تحقق من خلال أوبرا (ابن بطوطة)
يفتح المجال واسعا لاختيار موضوعات تتلائم وواقعنا وتساهم في خلق وعي انساني بتاريخ أمتنا العريق .
مؤسس جمعية الصحفيين الآسيويين، ناشر (آسيا إن)، كوريا الجنوبية
الرئيس الشرفي لجمعية الصحفيين الآسيويين، صحفي مخضرم من سنغافورة
روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.
آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov
كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.
khaled soliman
23 أغسطس, 2015 at 3:42 م
مقال بديع يا أستاذة ..
فاطمة الزهراء حسن
24 أغسطس, 2015 at 1:45 م
شكرًا جزيلا يااستاذ خالد
تحياتي وتقديري