بعث لى صديقاً من الهند رسالة تهئنة بمناسبة الديوالى عيد الأنوار وانه يستعد للذهاب إلى قريته للاحتفال مع اسرته باجواء هذا العيد وقال لى : أنه يعرف جيداً منذ زمن أنني أحب هذا الاحتفال وبالتحديد أنتظر واتابع كيف يستمتعون به الهنود حول أنحاء العالم  والجميل فى الأمر انه ليست ديانته الهندوسية وانما ديانته البوذية ولكن يحتفل ويستعد بالاحتفال بالديوالى .

ولذلك هيا بنا نتعرف عن عيد الانوار أو (الديوالى ) أكثر .

من المعروف أن الهند هى أرض العجائب , والتي تحتضن المختلف من الديانات والثقافات والتقاليد العديدة تحت سمائها , والسبب لهذا التنوع في كثرة الديانات و الثقافة ذلك يرجع كون الهند سمحاء واحتضنت وربتً كبرى الديانات ففيها الإسلام و الهندوسية و المسيحية و السيخية و البوذية واليانية (jainsim) إلى جانب معتقدات وتقاليد محلية تختلف من ولاية إلي أخرى , نتيجة لهذه الكثرة الدينية والثقافية لا يخلو شهر وفيه عيد أو مهرجان أو مناسبة موسمية خاصة , إن هذه المناسبات بعضها من الطبيعة الدينية بينما البعض الأخر يتعلق بالمواسم والفصول.

من الطبيعى أن تكون لهذه الديانات والثقافات أعياد يتقرب بها أتباعها من آلهتهم أو مهرجات يتوسلون إليها لقضاء بعض ساعات الفراغ من التزامات الحياة وأعبائها , فى الاعياد الدينية , أولا يقوم الناس بتنظيف البيوت وأماكن العبادة وبعدها يغتسلون ويرتدون أحسن الملابس ويذهبون إلي المعابد حيث يقفون فى صفوف طويلة لرؤية تماثيل الآلهة وتقديم القربان إليها , أو يتوجهون إلى المساجد والمصلى للصلاة والدعاء والمناجاة , أما فى الاعياد والمهرجانات التى بها مناسبة موسمية أو محلية فيتجمع الناس ولهم الحرية فى الرقص والغناء ويقضون الليل والنهار وهم يفرحون ويمرحون.

عيد الديوالى:

عيد الديوالى يعنى عيد الأنوار ويحتفل به فى الخريف عند نهاية الرياح الموسمية وبداية موسم الشتاء وهى مناسبة دينية تستمر لأربعة أيام من اليوم الثانى عشر إلى الخامس عشر من شهر  (أكتوبر / نوفمبر) على حسب التغيرات فى السنة , إنه أكبر الأعياد احتفالا فى الديانة الهندوسية , يأخذ هذا العيد اسمه من كلمة سنسكريتية deepawali تعني عقد المصابيح.

يمتاز الديوالى بالاضاءة والإنارة وتزين الشوارع بالمصابيح الصغيرة والكبيرة فى البيوت والمحلات التجارية وشوارع المدن والقرى صغيراً منها وكبيراً.

ويبدأ الكثير من الناس بالشوارع باللعب بالأنوار وهذا عن طريق الألعاب النارية يلهو بها الصغار والكبار، مما يعطى هذا المشهد للهند منظراً ساحراً لهند العجائب .

توجد روايات عديدة عن بدء الاحتفال به للمرة الأولى. فى القرون القديمة , مثل فشنافاس (vaishnavas)  الذين يعبدون فشنو Vishnu)) كالإله الأعلى بدأوا عيد الأنوار مع عودة الإله راما وهو المتجسد للإله فشنو , إلى مملكة أجودهيا وتبوأ العرش بعد قضاء 14 عاماً فى المنفى بالغابات , حيث كان ملك لانكا راونا ravana)) قد اختطف زوجة راما (rama)  وهى سيتا sita)) فجمع الإله راما جيشاً من القرود وقائدهم هنومان (hanuman) وبنى جسراً على البحر تمكيناً لهم من عبوره , تلاقى الجيشان واستمر القتال لعدة أيام حتى استطاع راما عن قتل الشرير راوانا ونجح راما من إنقاذ زوجته من هذا الشرير , فلما رجع راما لزوجته مع اخيه الصغير لاكشمان بعد قضاء 14 يوماً فى الغابات , حيث أقاما تلك المدة الطويلة احتراما لقرار والده وأمره الملك دشترتا (dashrata) , هذا الاب الصالح الذى اضطر إلى أخذ هذا القرار لانقاذ المملكة وبالرغم التآمر على راما وبابعاده عن مملكة أجودهيا ليعتلى إبنها الحقيقى بهارت ( bharat) عرش المملكة فى غياب وارثه الحقيقى , فلما عاد راما استقبله أهالى المدينة بإيقاد المصابيح وتوزيع الحلوى ومن المعتقدات أن عهد الإله راما يمتاز بإقتلاع الظلام الروحى من العالم.

نرجع مرة ثانية الى مراسم الاحتفال بعيد الديوالى :

تستمر احتفالات الديوالى أربعة ايام وبمناسبة ذلك الاحتفال يعتنى الناس فى الهند بالتنظيف السنوى الذي يشمل بيوتهم ومحلاتهم التجارية , وتبيض بعض وجهات البيوت بماء الجير بينما تطلى بعض الأخرى بالدهون , أنه من المتعقدات الهندوسية ذلك التنظيف وحيث يعتقد انه فى اجواء النظافة تزور الإلهة لاكشمى تلك البيوت وتباركهم فى انفسهم وأموالهم , فتترك البيوت مفتوحة على مصراعيها من أول ليل الديوالى إلى شروق الشمس ويتم استقبال الإله لاكشمى حافل بالبيوت حيث أنها إلهة الثروة والمال , ويعتقد البعض أن الإلهة لاكشمى تحب الحلويات والأطباق المصنوعة من الحليب والسكر فيهتم الكثير من الناس بأعدادها ونتج عن ذلك عادة حسنة حيث يوزع الهندوس الحلوى حتى على غير الهندوس منهم فى الحى وعلى الجيران والاصحاب والاقارب حتى من أصحاب الدكاكين الصغيرة إلي الشركات الكبرى تهتم أيضا بذلك الأمر .

ومن المعروف أن عيد الديوالى يختم السنة الحسابية للهنود فيقومون باغلاق الحسابات القديمة بالسجلات ويقومون بفتح صفحات جديدة من عام ميمون ومع سجلاتهم الجديدة ويتمنون عاما مليئا بالخير .

وفى المساء تنتشر الالعاب النارية ويعج الضجيج من الفرح والسرور بالشوارع .وبذلك تضاء الأنوار فقط ليس لإرضاء الإلهة وإنما لنشر السلام .

Tweet