القاهرة ـ (شينخوا): بعد أن أعلنت المحكمة الدستورية العليا فى مصر يوم الاحد فى سابقة لم تحدث فى تاريخ المحكمة تعليق جلساتها في كافة القضايا المنظورة أمامها لأجل غير مسمى، على خلفية مظاهرات نظمها انصار التيار الإسلامي أمام مقرها، ما حال دون دخول قضاتها لعقد جلسة لنظر قضيتي بطلان الجمعية التأسيسية للدستور ومجلس الشورى، أعلنت الاحزاب الليبرالية واليسارية إعتزامهم تنظيم مسيرات سلمية تحت شعار ” الانذار الاخير” الثلاثاء المقبل إلى قصر الاتحادية الرئاسي لإعلان رفض الإعلان الدستوري والاستفتاء على مشروع الدستور.

وذكرت المحكمة الدستورية فى بيان لها انه “عندما بدأ توافد قضاة المحكمة فى الصباح الباكر لحضور جلستهم، ولدى إقترابهم من مبناها، تبين لهم أن حشدا من البشر يطوقون المحكمة من كل جانب، ويغلقون مداخل الطرق إلى أبوابها، ويتسلقون أسوارها، ويرددون الهتافات والشعارات التى تندد بقضاتها، وتحرض الشعب ضدهم، مما حال دون دخول من وصل من القضاة نظرا لما تهددهم من أذى وخطر على سلامتهم ، فى ظل حالة أمنية لا تبعث على الارتياح”.

واضافت ان ” المحكمة إذ تسجل ببالغ الأسى والألم أن أساليب الاغتيال المعنوى لقضاتها الذى سبق ممارستها فى الفترة الماضية من هذا الحشد وغيره ممن ينتمون إليه والذى يتظاهر اليوم ضد المحكمة، هى التى قادت إلى هذا المشهد المفعم بالخزى والعار بما حمله من تشهير وتضليل وتزييف للحقائق”.

واكدت انه ” إزاء ما تقدم فإن قضاة المحكمة الدستورية العليا لم يعد أمامهم اختيار إلا أن يعلنوا لشعب مصر العظيم أنهم لا يستطيعون مباشرة مهمتهم المقدسة فى ظل هذه الأجواء المشحونة بالغل والحقد والرغبة فى الانتقام واصطناع الخصومات الوهمية”.

واوضحت ان قضاة المحكمة ” يعلنون تعليق الجلسات إلى أجل يقدِرون فيه على مواصلة رسالتهم والفصل فى الدعاوى المطروحة على المحكمة بغير أية ضغوط نفسية ومادية يتعرضون لها” معتبرة ان اليوم ” حالك السواد فى سجل القضاء المصرى على امتداد عصوره”.

وعقب تعليق الجلسات سادت اجواء من الفرحة العارمة بين المتظاهرين الذين يحاصرون مقر المحكمة الدستورية العليا.

وردد المتظاهرون هتافات منها “حصنا (الجمعية) التأسيسية .. وهنحل (المحكمة) الدستورية “.

لكن مصدر رفيع المستوى بالمحكمة الدستورية اكد لبوابة ((الاهرام)) الالكترونية انه لا يوجد ما يمنع عقد جلسات المحكمة خارج مقرها.

وشدد المصدر على انه ” لو لزم الامر ولم يتمكن قضاة المحكمة من عقد جلساتها داخل مقرها بسبب محاصرة المتظاهرين لها فسيتم عقد جلساتها فى مقر اى محكمة اخرى”.

وقال ان القانون والدستور يؤكدان ان مقر المحكمة الدستورية فى العاصمة القاهرة لكنهما لم يشرا الى ضرورة عقد جلساتها داخل مقرها.

واوضح ان هذه المرة الاولى فى تاريخ المحكمة الدستورية منذ انشائها التى يتم فيها الغاء جلسة كانت مقررة بسبب محاصرة متظاهرين لها.

وكان من المقرر ان تنظر المحكمة الدستورية العليا اليوم قضية بطلان الجمعية التأسيسية التى اعدت مسودة نهائية للدستور سلمتها امس الى الرئيس محمد مرسي الذى دعا الشعب الى الاستفتاء عليه فى 15 ديسمبر الجاري. وكانت من المقرر ايضا ان تنظر المحكمة قضية بطلان مجلس الشورى الغرفة الثانية للبرلمان.

وتتهم جماعة الاخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة اللذان ينتمى اليهما الرئيس مرسي قضاة المحكمة الدستورية العليا بانهم مسيسون وان بعضهم من انصار نظام الرئيس السابق حسني مبارك ويعمل على تقويض مؤسسات الدولة فى عهد الرئيس مرسي.

لكن المحكمة رفضت بشدة فى بيان اصدرته الاسبوع الماضى هذه الاتهامات وطالبت الرئيس مرسي بتقديم ما لديه من ادلة للتحقيق فيها.

وحلت المحكمة الدستورية فى يونيو الماضى مجلس الشعب، الغرفة الاولى للبرلمان، الذى كان يسيطر عليها التيار الاسلامي ما ادخلها فى ازمة مع مؤسسة الرئاسة وقوى التيار الاسلامي لاسيما ان الرئيس مرسي اصدر قرارا بعودة المجلس للانعقاد غير ان المحكمة اصرت على حكمها.

وقوبل حصار المحكمة الدستورية اليوم من قبل متظاهرين اسلاميين بانتقادات عنيفة اطلقها قادة الاحزاب الليبرالية واليسارية والحركات الشبابية.

وانتقد الدكتور محمد البرادعي مؤسس حزب الدستور محاصرة المحكمة الدستورية العليا وقال في تغريدة على موقع ” تويتر” انهم “يتحدثون عن هيبة الدولة واستقلال القضاء ثم يحاصرون ويهددون الدستورية.. عن أي دولة يتحدثون؟ وبأي هيبة يتشدقون؟ شتان بين الديمقراطية والغوغائية”.

من جهته أدان حزب الجبهة الديمقراطية تجمهر الآلاف من مؤيدي الرئيس مرسي والإخوان المسلمين أمام المحكمة الدستورية واصفا ما حدث بإنه ” أحد مظاهر دولة الفوضى”.

وأكد الحزب في بيان له ” ان دولة القانون مهددة وأن الشعب المصري سينتصر لدولته والثورة ستعدل من مسارها وهي قادرة على ذلك “.

ووصف امين عام الحزب محمد عباس تعليق المحكمة الدستورية لجلستها اليوم بـ ” السابقة التاريخية” معتبرا حصار المحكمة “وصمة عار لن ينساها التاريخ ابدا “.

بدوره اعتبر المتحدث باسم حركة شباب “6 ابريل” حصار المحكمة الدستورية ” ارهاب فكرى ومعنوى للضغط على المحكمة”، مشيرا الى ان هذا الحصار يفتح الباب لاى قوى سياسية مختلفة مع اى مؤسسة من مؤسسات الدولة بحصارها حتى لو كانت مؤسسة الرئاسة.

فيما أعلن 18 حزبا وحركة سياسية وثورية إعتزامهم تنظيم مسيرات سلمية في الخامسة من مساء الثلاثاء المقبل إلى قصر الاتحادية الرئاسي لإعلان رفض الإعلان الدستوري والاستفتاء على مشروع الدستور.

واوضحت هذه الاحزاب فى بيان أنها ستعلن غدا الاثنين عن نقاط التجمع وخطوط سير مسيرات الثلاثاء التي أطلقت عليها اسم “الإنذار الأخير”.

وجددت رفضها استمرار العمل بالإعلان الدستورى الى جانب رفضها الكامل للدعوة إلى استفتاء شعبى على مشروع الدستور الذى أعدته جمعية تأسيسية مطعون فى شرعيتها القانونية وفاقدة لشرعيتها السياسية والشعبية، على حد تعبيرهم.

وأكدت سلمية المسيرات، محملة رئيس الجمهورية وكافة أجهزة الدولة مسئولية تأمينها.

ووقع على البيان كل من احزاب الدستور، والتيار الشعبى المصرى، والتحالف الشعبى الاشتراكى، والمصرى الديمقراطى الاجتماعى، والمصريين الأحرار، والكرامة، ومصر الحرية.

ومن ضمن المشاركين فى المسيرات ايضا الجمعية الوطنية للتغيير، وحركة “كفاية”، وحركة “6 أبريل”.

وبدوره تقدم المرشح الرئاسي السابق أبوالعز الحريري بدعوي أمام القضاء الإداري للمطالبة بإلغاء القرار الصادر من رئيس الجمهورية بدعوة الناخبين للاستفتاء على الدستور في 15 ديسمبر الجاري.

وذكرت صحيفة ((الدعوى)) ان الدستور الذي تمت الدعوة للاستفتاء عليه هو دستور باطل وذلك لبطلان الجمعية التأسيسية التي وضعته وتحايلها باستباق حكم المحكمة في الفصل بمشروعيتها فضلا عن احتوائه على مواد لا يمكن دخولها كمواد في الدستور، وذلك بحسب وكالة انباء ((الشرق الاوسط)) .

Tweet