الاستخدام السلمي للطاقة النووية

06:38 مساءً الثلاثاء 6 نوفمبر 2012
د. عبد الرحيم العلام

د. عبد الرحيم العلام

رئيس اتحاد كتاب المغرب، مستشار شئون المغرب العربي في آسيا إن

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

الاستخدام السلمي للطاقة النووية
عبد الرحيم العلام

منذ وجود الإنسان، وهو دائم البحث عن تطوير سبل عيشه وتحسينها بما يضمن له البقاء ومجاراة الطبيعة. ومن بين الاكتشافات المهمة التي وصل إليها العقل البشري والعلم الحديث، اكتشاف الطاقة النووية، باعتبارها حاجة ضرورية، فتحت أمام العالم باب التقدم السريع على مصراعيه، وفي شتى المجالات العلمية والبيئية والحيوية.
من هذا المنطلق، يعتبر موضوع الاستخدام السلمي للطاقة النووية من الموضوعات الأساسية والخطيرة في آن واحد، والتي شغلت المنتظم الدولي منذ زمان، لكونها سلاح ذو حدين، فهي إما أن تستخدم في أغراض سلمية أو أن تستعمل في أغراض الدمار والحرب.
وانطلاقا من ذلك، نصت المعاهدات والتشريعات والاتفاقيات الدولية والإقليمية والوطنية على حظر استعمال الطاقة النووية في التسلح النووي والحروب وتدمير العالم، كما تضمن، في المقابل، لجميع الدول والشعوب حق امتلاك الطاقة النووية واستخدامها لأغراض سلمية ومأمونة، كالطب، وتوليد الكهرباء، والصناعة، والزراعة، وإنشاء الموانئ، وتحلية مياه البحر، وتسيير السفن الحربية، وتحضير النظائر المشعة، وأبحاث الكيمياء، وأبحاث الحالة الصلبة في الفيزياء، ومتابعة العمليات الحيوية في النبات والحيوان والإنسان، ومقاومة الآفات، والتركيب الداخلي للمواد المعدنية والخزفية، وحفظ الأغذية والبسترة، وغيرها من المجالات الحيوية والتطبيقات السلمية، التي تستعمل فيها الطاقة النووية استخداما ذا فوائد اقتصادية وعلمية وسياسية واجتماعية، باعتبارها، كذلك، حقا قانونيا مشروعا لكافة المجتمع الدولي، وأيضا بالنظر إلى كونها تساهم بشكل كبير في حل مشاكل العالم وأزماته، بمثل مساهمتها في رخاء الإنسان وسعادته، في حال استعمالها للأغراض السلمية فقط، وعدم فرض أية قيود على نقلها واستخدامها.
لذا، فالوكالة الدولية للطاقة الذرية ما فتئت تعمل على ضمان الأمن والاستخدام السليم للعلوم والتكنولوجيات النووية، بما يساهم في تحقيق السلام والأمن الدوليين، بشكل يساهم، أيضا، في تحقيق التنمية، في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
وعالمنا العربي ليس بمنأى عن هذا الموضوع، إذ تعمل الهيئة العربية للطاقة النووية، في نطاق جامعة الدول العربية، على الاهتمام بالعلوم النووية وتطبيقاتها في المجال السلمي، وتطوير العمل العلمي في العالم العربي، ومواكبة التقدم العلمي والتقني العالمي في هذا المجال، وذلك في سبيل تحقيق تنمية في المجتمعات العربية، والرفع من مستوياتها الاقتصادية والاجتماعية والعلمية، والنهوض بالبحث العلمي في مجال الطاقة الذرية. كذلك الشأن بالنسبة للمجلس العلمي العربي المشترك، الذي أحدث في كنف جامعة الدول العربية، ودوره في استخدام الطاقة الذرية لأغراض سلمية.
ورغم ذلك، فبلداننا العربية لازالت دون الطموح المرتجى، من حيث امتلاك الطاقة النووية واستخدامها لأغراض سلمية، إذ أن أغلبها لازال يعيش في المراحل الأولى لتوظيف هذه الطاقة واستغلالها، لانعدام الكوادر العلمية المؤهلة، وضعف التشجيع على البحث العلمي والميزانيات المرصودة له، وغياب استراتيجية حقيقية في هذا المجال، بما في ذلك ضعف البنيات التحتية لاحتضان التقنيات الحديثة، مقارنة بإسرائيل مثلا، التي تمتلك ترسانة عسكرية ومفاعلات نووية، تستخدمها في البحوث العلمية وفي تطويرها، وفي إنتاج الأسلحة النووية، كما أن لها قدرات هائلة في هذا المجال، وخصوصا على مستوى إنشاء محطات عملاقة لتحلية مياه البحر، أو، أيضا، مقارنة بإيران وجهودها الحثيثة في امتلاك الطاقة النووية، وإنشاء المفاعلات النووية، بشكل جر عليها اليوم ردود فعل مضادة من الغرب، متهما إياها بكون برنامجها النووي هو موجه لأغراض غير سلمية، دون أن ننسى هنا، أزمة العراق، بسبب ما ادعي من امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل، وما تبع ذلك من حروب فظيعة وقاسية.
لذا، فحينما يتم تسييس الموضوع، يصبح الخطر قائما على بعض المجتمعات بدعوى امتلاكها للطاقة الذرية وللأسلحة النووية، وأيضا بدعوى نية استخدامها لتلك الطاقة في أغراض غير سلمية، بما يحول الموضوع عن أهدافه النبيلة ويوجهه نحو أهداف أخرى، استعمارية وسياسية واقتصادية.
ومع ذلك، فإنه يتحتم على بلداننا العربية، وخصوصا الغنية منها، أن تضاعف جهودها لامتلاك الطاقة النووية واستخدامها في الأغراض السلمية، ولن يتأتى لها ذلك إلا بمضاعفة الميزانيات المخصصة لهذه الغاية.
إن موضوع استعمال الطاقة النووية لأغراض سلمية، يبقى من الموضوعات التي تحظى باهتمام متزايد من قبل جميع الأمم، ففضلا عن كونه مصدرا لا مناص منه لتوليد الطاقة، فهو أيضا برنامج ضروري لحياتنا اليوم ولأجيالنا المقبلة.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات