مثل نهر لا يتوقف تدفقه، تحلق موجات الثقافة الكورية بمسار دقائق حياتنا، فلم تعد كوريا البلد المنقسم كما يشيع في العالم السياسي، وإنما طغى الحضور الكوري الجنوبي بإيجابياته المجتمعية وطفراته الاقتصادية وتجانسه وقبوله للآخر ، ليقدم نموذجا في السلام، ويحقق كذلك طفرة في السياحة.
وقد تعددت الشعارات المرتبطة بالسياحة، تصف كوريا بالمتألقة حينا، والتي تفيض حيوية حينا آخر، حتى نصل مؤخرا عند الشعار الجديد تخيل كوريا التي تخصك imagine your Korea .
لكن السؤال الذي طرأ في ذهني وأنا أشاهد المجموعة الجديدة من الأفلام المصورة عن كوريا التي تخصني، هو أن البطل دائما رجل، تطارده مجموعة من الرجال لتخيفه، سواء كانوا قادمين من عمق التاريخ، أو أنهم يؤدون رياضة التايكوندو، ولا يأمن هذا الرجل – الغربي في كل الأفلام – إلا حين تأخذ بيده فتاك كورية تدله على جماليات الحياة في كوريا، من الغناء، والرقص، إلى الطعام، والسباحة، مرورا بكل ما هو تاريخي ومستقبلي علمي.
سألت السيد تشانغ سو جونج رئيس هيئة السياحة الكورية عن السر، وأجابني أن الأفلام موجهة إلى شريحة الشباب، لكنه بالطبع وعد بأن تكون هناك رؤية مختلفة ، وأن يكون هناك تنوع ، خاصة ما يخاطب الزوار المسلمين والعرب.
لكن الخطة التي فاجأتني أكثر لترويج السياحة، ويعكف عليها السيد جونج حاليا تتلخص في أمرين؛ توفير أماكن لصلاة المسلمين، تكفي الأعداد المتنامية منهم هناك، وخاصة القادمين من ماليزيا والصين اللتين تقفان على رأس الأعداد القادمة من المسلمين، وأن يكون هناك بالمثل مطاعم مرخصة لهم ، تسمح بالوجبات الحلال.
المثير أن السيد جونج يعترف بأن الثقافة الكورية معقدة جدا، ولذلك فإن نشرها يستلزم العمل على أكثر من معالجة وأكثر من اتجاه.
في حفل العشاء الذي دعانا إليه، في إطار منتدى الصحافة للسلام العالمي، سألته الصديقة الإيرانية الشاعرة والناشرة پونه ندائي عن مدى ما وصلت إليه العلاقات بين البلدين، ومدى معرفة الكوريين بالثقافة الإيرانية، فأجابها وهو يبتسم: ستزور رئيستنا بارك طهران بعد أيام، وعليكم فعل أفضل ما بوسعكم لتقديم صورة طيبة للثقافة الإيرانية.
تبادلنا الحديث عن البرامج التلفزيونية ، ومحطة آريرانج، وكيف يجب ألا تقتصر المادة المصورة على الدراما الكورية، خاصة وأن الأدباء الكوريين المعاصرين بدأت أصواتهم تتخطى الحدود، وكما قدمت ترجمتين للشاعرين كو أون وتشو أو هيون، فإن هناك روائيين وروائيات يحظون بمكانة عالمية ، ومن ثم يجب التفكير في برامج عربية تأخذ من كوريا منطلقا لتقديم الحياة الكورية للمشاهد العربي.
الأفكار كثيرة، ويحدها المال، كما قال السيد تشونج، ولكن المهم أن هناك من يصغي، ويفكر، ويقرر وينفذ، بعد اقتناع، وهو سلوك تمنيت تصديره مع الثقافة الكورية السمعية والبصرية.
مؤسس جمعية الصحفيين الآسيويين، ناشر (آسيا إن)، كوريا الجنوبية
الرئيس الشرفي لجمعية الصحفيين الآسيويين، صحفي مخضرم من سنغافورة
روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.
آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov
كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.