تونس: مراهقة سياسية تؤدي إلى وضع حرج مشابه لمصر

08:19 صباحًا الأربعاء 5 ديسمبر 2012
خالد سليمان

خالد سليمان

كاتب وناقد، ،مراسل صحفي، (آجا)، تونس

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

وقعت مساء أمس صدامات عنيفة بين “لجان حماية الثورة” التى يصفها البعض بأنها ميليشيات محسوبة على حركة النهضة الإسلامية من جانب و بين قيادات و أنصار ” الإتحاد العام التونسي للشغل ” من جانب آخر .. خلال المسيرة السلمية الإحتفالية التى دعا إليها “الإتحاد العام التونسي للشغل ” إحياء لذكرى إستشهاد الزعيم العمالى ” فرحات حشاد” أحد أهم مؤسسى الإتحاد على يد الإستعمار الفرنسى ؛ و التى كانت مزمعا لها التوجه لضريح الزعيم العمالى لوضع أكاليل الزهور و قراءة الفاتحة على روحه الطاهرة .. إلا أن مظاهرة أخرى ” للجان حماية الثورة ” إعترضتها بدعوى المشاركة فى الإحتفال على الرغم من الإحتقان السياسى الواضح بين تلك اللجان و الإتحاد منذ فترة ليست بالقصيرة سرعان ما تحولت لإشتباكات حامية الوطيس بين الطرفين بعد تعالى هتافات ” لجان حماية الثورة ” ضد قيادات “الإتحاد العام التونسي للشغل” بشعارات مثل ” الشعب يريد تطهير الإتحاد “

_ و على الرغم من إدانة قيادات ” حركة النهضة الإسلامية ” للعنف بين أبناء تونس إلا أن البيان إعتبره البعض غامضا و منحازا لأحد الأطراف و هو ” لجان حماية الثورة ” إذ يرون أنه لم يحمل إدانة واضحة لتلك اللجان التى يعتبرونها إحدى ميليشيات النهضة فيما يعتبرها قطاع آخر أنها قريبة من “حركة النهضة ” و تحظى بدعمها و حمايتها ؛ و قد حظى ” الإتحاد العام التونسي للشغل ” بتعاطف شعبى واسع رغم مأخذ البعض عليه لكونهم أعتبروه الطرف المعتدى عليه و تم التدخل فى شأنه و التطفل على إحتفاليته السلمية ؛ و أعقب ذلك نداءات للمواطنين لكى يهبوا لحماية الإتحاد الذى يعتبر أهم قوى المجتمع المدنى فى تونس الحديثة منذ تأسيسه إلى الحد الذى جعل نظامى ” بورقيبة و بن على ” يحسبون له ألف حساب ؛ و قد أكدت قيادات الإتحاد .. أن هذا الإجتراء على الإتحاد غير مسبوق و لم يحدث حتى فى حقبة الإستعمار و أن ما يحدث تصفية حسابات سياسية مع الإتحاد و أن الإتحاد قادر على حماية نفسه و لن يسكت على ما حدث ..

و يرى المراقبون أن ما حدث يمكن و صفه بعملية إنتقامية ” لحزب حركة النهضة الإسلامية ” من ” الإتحاد العام التونسي للشغل ” الذى كان له دورا فاعلا من وجهة نظر ” الحركة ” فى أحداث ” سليانة ” و التى إنتهت بما وصف ” بلوى ذراع ” الحكومة التى إضطرت لتقديم تنازلات لتفادى تصاعد الأحداث و التى هدد فيها “الإتحاد العام التونسى للشغل ” بالإضراب العام ؛ و يؤكد المراقبون أن ما حدث من عنف أحرج الحكومة و أن طرفين من ” الترويكا ” الحاكمة يرفضانه فى أشارة واضحة لحزبى ” المؤتمر من أجل الجمهورية ” و ” التكتل” .. فيما حظى بدعم خفى من أحد الأطراف قاصدين بذلك ” حركة النهضة الإسلامية ” .. و تساءلوا من أين أتت هذه اللجان ؟ و لماذا لم نراهم خلال أحداث الثورة ؟ و من خول لهم الوصاية عليها ؟ .. و أكدوا أن بعض قيادات تلك اللجان من فلول النظام السابق ” لبن على ” و كانوا من قياداته و رؤساء شعبه التى تعمل ميدانيا .. فكيف تحولوا الأن لثوار ؟ ؛ و وصفوا هذه الفئة بأنها تحاول تنظيف نفسها مما علق بها من فساد النظام السابق ..
وعلى خلفية الأحداث السابقة أعلنت مدينة ” سيدى بوزيد ” موطن ” محمد البوعزيزى ” و مسقط رأسه الإضراب العام بدءا من اليوم ..
ويتساءل الشارع التونسي إن كان ذلك الطرف الذى حرك هذا التصعيد فى مثل هذا الوقت يعى ما يفعل ؟ أم أنها حماقة و مراهقة سياسية أقرب إلى الغباء السياسى خاصة إذا أخذنا فى الإعتبار تطور الأحداث السياسية فى مصر و تنامى مشاعر العداء تجاه تيار الإسلام السياسى الذى يرتبط من حيث الشكل على الأقل بذات التيار فى تونس حتى باتت مصر على حافة حرب أهلية .. ؟ ؛ و يبقى سؤال يفرض نفسه فى كل من تونس و مصر .. هل يعمل تيار الإسلام السياسى خاصة تيار ” الإخوان المسلمين ” و تنظيمهم الدولى وفق أجندة سياسية واحدة ؟ .. و هذا يقودنا نحو سؤال آخر حول تلك الأجندة إن كانت خاصة بهذا التيار أم أن هناك أطراف دولية على رأسها الإدارة الأمريكية و حلفائها تتدخل فيها ؟ .. و إلا فما معنى ذلك التصعيد الذى يحول أمم ما سمى بالربيع العربى إلى مجرد دمي فى لعبة الأمم ..

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات