وقعت مساء أمس صدامات عنيفة بين “لجان حماية الثورة” التى يصفها البعض بأنها ميليشيات محسوبة على حركة النهضة الإسلامية من جانب و بين قيادات و أنصار ” الإتحاد العام التونسي للشغل ” من جانب آخر .. خلال المسيرة السلمية الإحتفالية التى دعا إليها “الإتحاد العام التونسي للشغل ” إحياء لذكرى إستشهاد الزعيم العمالى ” فرحات حشاد” أحد أهم مؤسسى الإتحاد على يد الإستعمار الفرنسى ؛ و التى كانت مزمعا لها التوجه لضريح الزعيم العمالى لوضع أكاليل الزهور و قراءة الفاتحة على روحه الطاهرة .. إلا أن مظاهرة أخرى ” للجان حماية الثورة ” إعترضتها بدعوى المشاركة فى الإحتفال على الرغم من الإحتقان السياسى الواضح بين تلك اللجان و الإتحاد منذ فترة ليست بالقصيرة سرعان ما تحولت لإشتباكات حامية الوطيس بين الطرفين بعد تعالى هتافات ” لجان حماية الثورة ” ضد قيادات “الإتحاد العام التونسي للشغل” بشعارات مثل ” الشعب يريد تطهير الإتحاد “
_ و على الرغم من إدانة قيادات ” حركة النهضة الإسلامية ” للعنف بين أبناء تونس إلا أن البيان إعتبره البعض غامضا و منحازا لأحد الأطراف و هو ” لجان حماية الثورة ” إذ يرون أنه لم يحمل إدانة واضحة لتلك اللجان التى يعتبرونها إحدى ميليشيات النهضة فيما يعتبرها قطاع آخر أنها قريبة من “حركة النهضة ” و تحظى بدعمها و حمايتها ؛ و قد حظى ” الإتحاد العام التونسي للشغل ” بتعاطف شعبى واسع رغم مأخذ البعض عليه لكونهم أعتبروه الطرف المعتدى عليه و تم التدخل فى شأنه و التطفل على إحتفاليته السلمية ؛ و أعقب ذلك نداءات للمواطنين لكى يهبوا لحماية الإتحاد الذى يعتبر أهم قوى المجتمع المدنى فى تونس الحديثة منذ تأسيسه إلى الحد الذى جعل نظامى ” بورقيبة و بن على ” يحسبون له ألف حساب ؛ و قد أكدت قيادات الإتحاد .. أن هذا الإجتراء على الإتحاد غير مسبوق و لم يحدث حتى فى حقبة الإستعمار و أن ما يحدث تصفية حسابات سياسية مع الإتحاد و أن الإتحاد قادر على حماية نفسه و لن يسكت على ما حدث ..
و يرى المراقبون أن ما حدث يمكن و صفه بعملية إنتقامية ” لحزب حركة النهضة الإسلامية ” من ” الإتحاد العام التونسي للشغل ” الذى كان له دورا فاعلا من وجهة نظر ” الحركة ” فى أحداث ” سليانة ” و التى إنتهت بما وصف ” بلوى ذراع ” الحكومة التى إضطرت لتقديم تنازلات لتفادى تصاعد الأحداث و التى هدد فيها “الإتحاد العام التونسى للشغل ” بالإضراب العام ؛ و يؤكد المراقبون أن ما حدث من عنف أحرج الحكومة و أن طرفين من ” الترويكا ” الحاكمة يرفضانه فى أشارة واضحة لحزبى ” المؤتمر من أجل الجمهورية ” و ” التكتل” .. فيما حظى بدعم خفى من أحد الأطراف قاصدين بذلك ” حركة النهضة الإسلامية ” .. و تساءلوا من أين أتت هذه اللجان ؟ و لماذا لم نراهم خلال أحداث الثورة ؟ و من خول لهم الوصاية عليها ؟ .. و أكدوا أن بعض قيادات تلك اللجان من فلول النظام السابق ” لبن على ” و كانوا من قياداته و رؤساء شعبه التى تعمل ميدانيا .. فكيف تحولوا الأن لثوار ؟ ؛ و وصفوا هذه الفئة بأنها تحاول تنظيف نفسها مما علق بها من فساد النظام السابق ..
وعلى خلفية الأحداث السابقة أعلنت مدينة ” سيدى بوزيد ” موطن ” محمد البوعزيزى ” و مسقط رأسه الإضراب العام بدءا من اليوم ..
ويتساءل الشارع التونسي إن كان ذلك الطرف الذى حرك هذا التصعيد فى مثل هذا الوقت يعى ما يفعل ؟ أم أنها حماقة و مراهقة سياسية أقرب إلى الغباء السياسى خاصة إذا أخذنا فى الإعتبار تطور الأحداث السياسية فى مصر و تنامى مشاعر العداء تجاه تيار الإسلام السياسى الذى يرتبط من حيث الشكل على الأقل بذات التيار فى تونس حتى باتت مصر على حافة حرب أهلية .. ؟ ؛ و يبقى سؤال يفرض نفسه فى كل من تونس و مصر .. هل يعمل تيار الإسلام السياسى خاصة تيار ” الإخوان المسلمين ” و تنظيمهم الدولى وفق أجندة سياسية واحدة ؟ .. و هذا يقودنا نحو سؤال آخر حول تلك الأجندة إن كانت خاصة بهذا التيار أم أن هناك أطراف دولية على رأسها الإدارة الأمريكية و حلفائها تتدخل فيها ؟ .. و إلا فما معنى ذلك التصعيد الذى يحول أمم ما سمى بالربيع العربى إلى مجرد دمي فى لعبة الأمم ..
مؤسس جمعية الصحفيين الآسيويين، ناشر (آسيا إن)، كوريا الجنوبية
الرئيس الشرفي لجمعية الصحفيين الآسيويين، صحفي مخضرم من سنغافورة
روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.
آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov
كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.