البوذية الجديدة تحتفل بعامها المائة

01:18 صباحًا الجمعة 17 يونيو 2016
رضوى أشرف

رضوى أشرف

كاتبة ومترجمة من مصر، مدير تحرير (آسيا إن) العربية.

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

103ترجع البوذية المعروفة إلى القرن السادس قبل الميلاد، لكن بوذية الون الكورية تحتفل بمرور قرنها الأول خلال هذا العام. ولكن إن كنا في عالمنا العربي قد سمعنا عن البوذية فبالتأكيد لم نسمع عن تلك “البوذية الجديدة.”
طبقًا لتاريخ بوذية الون، فإن باك جونغ بين، أو كما سيعرفه أتباعه فيما بعد سوتيسان، أدرك عام 1916 أن العالم يدخل مرحلة جديدة من التطور والتأثر بالتكنولوجيا التي تستعبد البشر. وفي رأيه، كانت الطريقة الوحيدة لإنقاذ البشر من هذا “الاستعباد” هو بالتوسع بالطاقة الروحية والتعبد الديني، لتصبح أكثر مطابقةً لعصرنا اليوم، ومن هنا بدأت رحلة سوتيسان الدينية.
بدأ سوتيسان هذه الديانة الجديدة متخذًا من البوذية قالبًا أساسيًا لها، وأنشأ مجتمعه الأول في إكسان الكورية، مُطلقًا عليه “مجتمع البوذية الصحيحة”.ثم ظهر اسم بوذية الون عام 1947، عندما قام سونغ جيو، البطريرك الثاني، بتسميتها بنفسه، مصدرًا كتابًا جديدًا، أو بالأحرى نسخة مُعدلة من كتاب سوتيسان، ولكن تحت اسم “تعاليم بوذية الون”.
كلمة “البوذية” تعود بأذهاننا للنيبال والهند، وربما يكون اختيار كلمة “ون” الكورية تأكيدا لاختلاف الكوريين وبداية عصر جديد لهم. كلمة ون والتي تعني في الكورية “الدائرة،” تشير إلى تقاليد بوذية الون والتي تختلف عن البوذية التقليدية، بوذية الون قائمة في الأساس على التكامل ما بين الحياة الروحية واليومية، بضمها لـ “مدارس بوذية” مختلفة. فما بين “السمدي” الروحية التي ترتكز على التأمل والتعبد، “البراهنا” التي تهتم قبل كل شئ بدراسة النصوص المقدسة، و”السيلا” القائمة على الممارسة، فإن الون تجمع خصائص أو صفات تلك المدارس الثلاثة. فنجدها أشبه بمزيج من البوذية، الهندوسية، الكونفوشيوسية، والطاوية الهندية.
ويمكن تلخيص بوذية الون في مصطلح بسيط: البوذية الحديثة أو الجديدة. فهي شكل متحضر من البوذية يسعى لجعل الوصول للنيرفانا أو “التنور” ممكنًا للجميع وجعله أكثر قربًا من الحياة اليومية. فالنصوص الخاصة بهم بسيطة لدرجة تجعلها واضحة تمامًا للفهم، والممارسات تجعل أي شخص بغض النظر عن وظيفته أو ثروته أو أي ظروف حياتية أخرى، قادرًا على التأقلم على أسلوب الحياة الجديد ذلك. بالنسبة لهم، أي ممارسات تم اعتبارها قديمة، مُربكة، أو غير ضرورية من البوذية تمت إزالتها، لتحل محلها هذه التقاليد التي، في نظرهم، تسهل التدين على الرجال والنساء.
هذا العام تحتفل بوذية الون بمرور مائة عام على تأسيسها، وفي نظر كوريين كثر تعد بوذية الون واحدة من أهم معالم المجتمع الكوري الجنوبي. يؤمن بعض رهبان بوذية الون في عيدها المائة أن ديانتهم هذه سيكون لها دور في توحيد الكوريتين في المستقبل، مستدلين بدورها في تحرير كوريا من الاحتلال الياباني في 1945. بارك كوانج سو، أحد علماء بوذية الون، قال أن الدين كان له دور في تشكيل وعي المجتمع الكوري خلال الاستعمار الياباني، ونرى ذلك واضحًا في القوة التي تمثلها الكنيسة المسيحية الآن في كوريا الحديثة.
فبعد مرور أكثر من سبعين عامًا على تحرر كوريا من اليابان، لازالت آثار التأثر الديني واضحة في كوريا، وهذا ما يجعل بارك وأمثاله يؤمنون أن بوذية الون سيكون لها دور أكبر في المستقبل، في تقليص فجوة الاختلافات الأيديولوجية بين الكوريتين. فما بين الاختلاف السياسي ما بين كوريا الجنوبية والشمالية، واختلاف مناهج التعليم التي تقص التاريخ، بوجهات نظر مختلفة، لها دور في تعميق تلك الفجوة، يرى بارك وغيره الكثير من أتباع بوذية الون أن الدين، ديانة بوذية الون، سيكون لها دور قوي في إعادة تشكيل المجتمع، وقد يرجع الفضل لها في المستقبل بالتئام شمل البلدين.
إحتفالات المائة عام لبوذية الون تشمل جولات دعوية في مختلف أنحاء كوريا وقد أثبتت قوتها بالفعل. خلال الترويج لها في كوريا الشمالية، قابلت إحدى الكوريات التي انضمت حديثًا لتلك الديانة بعد عودتها من إنجلترا إثر قضائها لأكثر من عشرة سنوات هناك. في إنجلترا لم تكن تتبع دينًا، لكن مع عودتها لكوريا من جديد ومحاولتها التأقلم من جديد مع مجتمعها الذي تركته لسنوات وجدت نفسها تنجذب لديانة الون التي ترحب بالنساء في العمل الدعوي. على حد قولها، وجدت في بوذية الون التناسق الذي كانت ترغب به ما بين الديانة والتعبد الروحي والانغماس في الحياة اليومية. ربما بعد مائة عام أخرى ستصبح بوذية الون بشهرة البوذية العالمية، وربما أكثر، من يعرف؟
_________________________________
ماجازين إن | يونيو 2016

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات