صيف تونس الساخن

12:44 صباحًا الأحد 19 يونيو 2016
خالد سليمان

خالد سليمان

كاتب وناقد، ،مراسل صحفي، (آجا)، تونس

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

كان متوقعا أن تشهد تونس صيفا ساخنا خاصة مع تصاعد الأزمة الإقتصادية و عدم إستقرار الأوضاع في الجارة ليبيا .. لكن أحد لم يتوقع أن تكون البداية بمثل هذه السخونة ..

فقد تواصل إضراب مكاتب البريد التونسية عن العمل الذي بدأ يوم الخميس 16 يونيو الجاري لليوم الثالث على التوالي و سيستمر غدا الأحد 19 يونيو الجارى بحكم أنه يوم العطلة الأسبوعية .. و لا يعرف حتى الأن إن كان الإضراب سيتواصل مع بداية الأسبوع يوم الأثنين 20 يونيو الجاري أم لا ..

و كان ذلك الإضراب قد بدأ على خلفية توقيف أحد موظفي البريد في ولاية توزر من النيابة العمومية على ذمة قضية عدلية .. فتضامن معه زملائه و أعلنوا إضراب مكاتب البريد في كامل تراب الجمهورية التونسية حتى يتم الإفراج عن زميلهم .. و لم يتم التوصل حتى الأن إلى حل لتلك المشكلة رغم وعود الحكومة بالتدخل ..

و قد ترتب على إضراب مكاتب البريد التونسية عن العمل تأخر صرف رواتب موظفي الدولة التي تحول تلقائيا إلى البريد قبل أن يتم توزيعها على حساباتهم في البنوك طبقا للحساب الشخصي لكل منهم .. فضلا عن تعطل مصالح عدد كبير من المواطنين مرتبطة بالبريد .. و هو ما أحدث حالة تذمر واسع بين المواطنين .. كما ثار من جديد الجدل حول هيبة الدولة التي أصبحت على المحك أو بالأحرى فقدان الدولة لهيبتها في نظر قطاع واسع من المواطنين ..

– على صعيد آخر :

مازالت المشاورات حول تشكيل ” حكومة الوحدة الوطنية ” التي إقترحها الرئيس التونسي ” الباجي قايد السبسي ” تدور بين جدران القصر الرئاسي بقرطاج .. حيث تعقد إجتماعات مستمرة بين الرئيس و ممثلي الأحزاب السياسية و القوي النقابية و الإتحادات و منظمات المجتمع المدني بكافة أشكالها ..
تجري تلك المشاورات على الرغم من الموقف المتردد لرئيس الحكومة ” الحبيب الصيد ” الذي تضاربت تصريحاته حول إستعداده للإستقالة من عدمها .. إذا يبدو أن وراء تلك التصريحات المتضاربة موقف الفصيل المتشدد داخل حركة النهضة الذي ظهر أنه موقفه يختلف عن رئيس الحركة ” راشد الغنوشي ” الذي رحب بمبادرة الرئيس ” السبسي ” لتشكيل ” حكومة وحدة وطنية ” .. و خاصة بعد دخول ” عبد الكريم الهاروني ” رئيس مجلس شورى حركة النهضة فيما يشبه ” الملاسنة التصريحاتية ” مع ” عبدالعزيز القطي ” الناطق الرسمي بأسم ” حزب حركة نداء تونس ” الذي صرح أولا ” بأن رئيس الحكومة حبيب الصيد سيتقدم بإستقالته ” .. فرد ” عبد الكريم الهاروني ” ” بأن الصيد لم يتقدم بالإستقالة و هو ليس مضطرا لذلك ” ؛ ليعود ” عبد العزيز القطي ” ليصرح ثانية ” أن حزب نداء تونس سوف يرفع غطائه السياسي عن رئيس الحكومة الحبيب الصيد ” .. ليرد عليه “الهاروني ” رئيس مجلس شورى حركة النهضة ” أن رئيس الحكومة لم يأتي بغطاء سياسي من حزب حركة نداء تونس وحده .. إنما جاء بغطاء من الإئتلاف الحاكم .. و أن يرفع أحد أطراف الإئتلاف الغطاء السياسي عنه فهذا لا يعني أن يستقيل رئيس الحكومة ” .. ؛ و فيما لم يعلق رئيس الحكومة ” الحبيب الصيد ” على تلك التصريحات لم يتقدم بإستقالته حتى الأن ..

– و أغلب الظن أن وقوف الجناح المتشدد و الأكثر تطرفا في حركة النهضة إلى جانب رئيس الحكومة ” الحبيب الصيد ” و محاولة الإبقاء عليه في سدة الحكم .. يأتي خوفا من تولي رئيس حكومة جديد يسعى لفتح ملفات فترة حكم ” الترويكا ” التي تصدرتها قيادات حركة النهضة المتشددة .. و التي تتضمن ملفات إغتيالات ” شكري بلعيد ” و ” محمد البراهمي ” و ” لطفي نقض ” .. و كذلك ملفات التصرفات المالية و التعيينات و تعويضات من إنتفعوا بالعفو التشريعي العام و تورطوا في الإرهاب .. فضلا عن ملفات تسفيير الإرهابيين لسوريا و العراق و ليبيا و سائر مناطق التوتر .. و التورط في تهريب عناصر إرهابية من العدالة على رأسهم ” أبو عياض ” زعيم تنظيم أنصار الشريعة الإرهابي و الذي يتحمل المسئولية السياسية على الأقل في تهريبه ” على العريض ” أمين عام حركة النهضة و رئيس الحكومة الأسبق ؛ و ملف الجرائم ضد الإنسانية و العنف المفرط من الأمن فيما عرف “بأحداث الرش في سليانة ” و التي أسفرت عن مصرع بعض المواطنين و فقدان آخرين لبصرهم كليا أو جزئيا و التي يتحمل مسئوليتها أيضا ” على العريض ” …
كل تلك الملفات المذكورة آنفا تجاهلها و غض عنها الطرف رئيس الحكومة الحالي ” الحبيب الصيد ” و هو ما لا يمكن ضمانه مع رئيس الحكومة الجديد الذي أصبح قدومه مؤكدا حتى إذا إمتنع رئيس الحكومة الحالي ” الحبيب الصيد ” عن الإستقالة .. و الأرجح أنه سيستقيل .. فرغم أنه ليس من صلاحيات رئيس الدولة الدستورية إقالة رئيس الحكومة .. ؛ إلا أنه إذا إمتنع رئيس الحكومة على الإستقالة فإن الرئيس سيستخدم نفوذه لتحريك البرلمان لسحب الثقة من الحكومة و إسقاطها .. و رئيس الحكومة ” الحبيب الصيد ” يعلم ذلك جيدا و في الغالب سيؤثر حفظ ماء وجهه ويستقيل .. خاصة و أن ” الجبهة الشعبية ” التي تمثل إئتلاف الأحزاب اليسارية و القومية .. و ” الحزب الجمهوري ” قد إنضموا لمشاورات الرئيس ” السبسي ” حول حكومة الوحدة الوطنية و هو ما يعني إتفاقهم مع وجهة نظره في تشكيل ” حكومة وحدة وطنية ” و تغيير الحكومة الحالية .. فضلا عما يتردد عن بداية إنفراج الأزمة الإقتصادية لتونس بعد تعهد إحدى دول الخليج بدعم تونس و رعاية مؤتمرا ضخما للمستثمرين يكفل إخراج تونس من أزمتها .. و السؤال الذي يفرض نفسه هل ستكون لتلك المساعدات الموعودة ثمنا سياسيا أم لا ؟ .. الأحداث القادمة ستكون كفيلة بالإجابة على هذا التساؤل

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات