ذكرى الغيطاني في أمسية ثقافية مصرية بالكويت

07:30 مساءً الأربعاء 19 أكتوبر 2016
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

أحيا المكتب الثقافي المصري في أمسية ثقافية الذكرى الأولى لوفاة الكاتب جمال الغيطاني، بحضور ياسر عاطف السفير المصري لدى دولة الكويت ، الذي افتتح الأمسية بالإشارة إلى أن الغيطاني أحد من مثلوا ضمير مصر الثقافي، وأنه أسهم في إثراء ساحة الثقافة العربية والمصرية بالعديد من الأعمال الأدبية والفكرية، ولعب أدوارا مختلفة في تشكيل الوعي في مصر لدى أجيال مختلفة، كما أسهم بالعمل الصحفي في دعم هذا الدور، وبينها عمله مراسلا حربيا في فترة حرب أكتوبر المجيدة.

image
وأوضح ياسر عاطف أنه دعا السيدة ماجدة الجندي زوجة الكاتب الكبير الراحل لكتابة كلمة للأمسية نيابة عن أسرة الغيطاني، وأنها استجابت لدعوته مشكورة، وقام السفير المصري بقراءة الورقة التي قالت فيها ماجدة الجندي:
” الشكر والامتنان، حقٌ وواجب في المفتتح لليلة تقام احتفاءً بجمال الغيطاني، في الكويت، البلد العربي الذي أدرك قيمة الثقافة، قبل غيرها، في ذروة أن أنعم الله عليه بالثروة، فكان انحيازه للثقافة عبر اصدارات بارزة، اسهمت في تشكيل معالم فضاء مستنير، لكل العرب.
فمن منّا لم يتابع مجلة “العربي” التي كانت تخصنا جميعا بمستواها المتفرد منذ صدرت؟ من منا لم يحرص علي اقتناء “عالم المعرفة”، وقد فرَدَت أشرعتها محلّقة في ثقافات الشرق بقوسه المنفرج الواسع، والغرب بكل أطيافه؟
من يمكنه أن يتجاهل ريادة كويتية مبكرة، في توظيف المال العربي، لخدمةٍ حقيقيةٍ لانتشار الثقافة الرفيعة، والمعرفة الحقّة، ومنذ عقود بعيدة، بُغية اتساع مساحات الوعي بإصدارت ترتقي بالعقل العربي في مضمار الفن والأدب والعلم والتاريخ، وشتّي صنوف المعرفة؟
هذه حقيقةٌ تاريخية راسخة، لعبت فيها الكويت وفي فترة مبكرة، دورًا تأسيسيا رفيعا، للإسهام في ازاحة أرتال من خفوت الوعي الثقافي، في حقبتنا العربية الحديثة، علينا أن نقر بها، ونحتفظ لها بخصوصية تميزها”.
وأضافت الجندي في ورقتها:
“لست هنا في مقام القول والحديث عن قامة رحلت، أو إحياء لذكرى، بل أقول نحن في حضرة “الحياة”، وانحيازا للحياة التي كان الغيطاني ترجمانا لأشواقنا إليها، عبر إبداع شق له طريقا عربيا، مؤسّسا لتيّار أصيل في فن الرواية، مغاير لما ألفه القارئ عن التيار الغربي الشائع لكتابة الرواية.
كان الغيطاني يعبر عن ذلك المعني بقوله: إنه القادم من أعرق وأغنى تقاليد السرد الإنساني، من تراث ألف ليلة إلى كتابات المتصوفة، فكيف له أن يعرج على غير منبته وجذوره؟ ومن هذا المنطلق، الواعي والمدرك والملّم لـ “كُنه” ثقافته العربية، أضاف الغيطاني للثقافة الإنسانية”.
وأضافت ماجدة الجندي: “لكل مصري .. لكل عربي .. بل لكل إنسان، نصيب وحق ومساحة في جمال الغيطاني، ربما تفوق ما لنا، نحن أسرته، محمد الديبلوماسي بالخارجية، وماجدة الباحثة بجامعة شيكاغو، وانا التي لا أعرف توصيفا أو تعريفا لموضعي عبر اثنين واربعين عاما، وإن كنت أحمدالله بعدد انفاسي، أن منحني فرصة العيش في حضرة “الحياة”. حضرة جمال الغيطاني وحتى آخر لحظة من عمري. وإن كان لي أن أقول ولو جملة تخصني فأستأذنكم البوح أنه توّجني “ملكة”، وأنه “نِعَم” ربي الكريم المستمرة”.
وأعرب الدكتور نبيل بهجت المستشار الثقافي المصري عن سعادته بالأمسية التي تستعيد منجزات أديب وقامة مصرية أسهمت في تشكيل الوعي، وألهمت أجيالا عديدة، وقدم سيرة موجزة للغيطاني وأبرز أعماله والجوائز التي حصل عليها، ودعا الكاتب إبراهيم فرغلي لإدارة الندوة التي شارك فيها الدكتور أحمد سعيد أستاذ التاريخ المصري القديم الذي قدم ورقة عن الدور الذي قدمه الغيطاني في تعريف المشاهد المصري والعربي بالتاريخ المصري وتراثه الحضاري في العصر الفرعوني وفي القاهرة الفاطمية عبر برنامجه التلفزيوني تجليات الغيطاني، وتوقف عند عدد من محطات الآثار والتاريخ التي أبرزها الغيطاني وقدن تاريخها تفصيليا.
كما قدم الدكتور محمد السيد، أستاذ الفلسفة في جامعة الكويت، ورقة عن أدب الحرب في أعمال الغيطاني، التي استلهمها من خلال عمله مراسلا حربيا على جبهة القتال خلال حرب أكتوبر، وتوقف عند نصين من بين أعمال الغيطاني هما الرفاعي والغريب، موضحا الخصائص الفنية والمضمونية للعملين، وخصوصا لرواية الغريب التي تم تحويلها لعمل سينمائي بنفس العنوان. كما توقف عند بعض ردود أفعال وتعليقات القراء الشباب على “الغريب” الذي يعد أحد الأعمال المهتمة بتأكيد البطولة وقيم الوطنية.
وقدّم الدكتور نزار العاني، الناقد والكاتب الصحفي السوري شهادة عن الكيفية التي استقبل بها الجمهور السوري أعمال الغيطاني في الستينات، وكيف كان المد الناصري من بين اسباب حسن استقبال أعمال الغيطاني الأدبية ونفاذها فور ورودها لدمشق.
وأضاف الدكتور نزالر العاني: انكشف الغطاء بشكل شبه كامل عن أعمال جمال الغيطاني الروائية وأحاطت الدراسات النقدية الغزيرة بموقعه الريادي في دفع الموجة الروائية المؤسسة “المحفوظية” إلى ذروتها، ووصولها إلى شواطئ لم تكن متاحة في مشروع نجيب محفوظ. ولا أود أن أعيد ما اتفق عليه النقاد حول أدب هذا الرجل الفذ والاستثنائي. وقال أرى الغيطاني باحثا وقارئ فكر وموغلا في التبحر إلى درجة الأستاذية وأذكر شاهدا على ذلك هو تصويبه لعوان “كتاب الموتى” الذائع الصيت والمتحدر من التراث الفرعوني لعنوان كتاب “الخروج إلى النهار”.
وأكد العاني أن الأجيال الجديدة ستعود لقراءة أعمال هذا الأديب بسبب ما تستدعيه أعماله من قراءة للواقع الراهن، فالغيطاني مدماك راسخ في البناء المعماري الروائي.

من جهته قدم مدير الأمسية الكاتب إبراهيم فرغلي شهادة شخصية عن علاقته بالغيطاني واصفا إياه بأنه كان شخصا ثريا متعدد الوجوه، وقال: وأعتقد أن كل شخص اقترب منه التمس فيه جانبا مختلفا، ولا أظنه منح لأحد كل جوانب شخصيته. ودائما ما كنت أغبط أصدقائي محرري أخبار الأدب لأنهم حظوا بفرصة الاقتراب منه وتأمل تفاصيل شخصيته الغنية. كما أشار إلى فترة الغيبوبة التي تعرض لها الغيطاني واكتشافه مدى تأثيره البالغ على كل من اقترب منه. وأضاف: “لا أنسى أن الأستاذ جمال كان حريصا على تشجيع جيلي، كان ينشر لي كل ما أرسله لأخبار الأدب، وقد نشر مثلا ابتسامات القديسين كاملة على حلقات. كما أنه أذاع حلقة من برنامج تلفزيوني كان يقدمه استضافني فيها مع حسن عبد الموجود وأحمد العايدي. وكان يتابع ويسألني عن جديدي بانتظام. وقد فعل ذلك مع عشرات الكتاب الشباب”.
وتحدث فرغلي عن بعض المواقف التي مر بها في لقاءاته مع الغيطاني، وأفراد أسرته مؤكدا على أنه كان أبا حنونا وليبراليا لأبعد مدى، كما أوضح أن علاقته بأعمال الغيطاني بدأت مع كتاب رسالة في الصبابة والوجد التي يعتبرها عملا فريدا بسبب لغتها التي تستلهم لغة المدونات القديمة للتعبير عن قصة حب عصرية ومنها تابع بقية أعمال الغيطاني الذي يعتبره أحد أبرز المغامرين والمجددين في السرد المعاصر.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات