استمرار “الربيع” المزعوم … صراع السيطرة في شمال إفريقيا بين الأحلاف الكبرى

07:52 صباحًا السبت 20 مايو 2017
خالد سليمان

خالد سليمان

كاتب وناقد، ،مراسل صحفي، (آجا)، تونس

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

في إطار تلك المؤامرة الشريرة المستمرة المسماة ” بالربيع العربي” و التي تشهد الآن مرحلتها الثانية بعد عرقلة مصر ثم إفشالها للمرحلة الأولى منه .. بسبب تفجر ثورة ٣٠ بونيو ٢٠١٣ و ما أعقبها من جهود مستمرة حتى اليوم من القيادة السياسية المصرية في محاربة الإرهاب و محاصرته مع السعي للنهوض الإقتصادي و التنمية في آن واحد .. يبدو أنه تم تعديل خطة هذا الربيع المزعوم من قبل القوى الدولية الكبرى التي تحركه.. و ربما اصبحت رؤيتها المعدلة تسعى لتطويق مصر و حصارها عبر نطاقات بعيدة يتم تضييقها مستقبلا شيئا فشيئا و من ثم فتلك المساعي التي تبدو بعيدة نسبيا عن مصر سواء من جهة الجنوب في إفريقيا أو من جهة الشمال الغربي في شمال أفريقيا يمكن ملاحظتها دون عناء كبير ، و ربما كان من الجوانب الايجابية القليلة التي يمكن الإشارة اليها و محاولة استغلالها .. مصالح الحلف الروسي الصيني المتعارضة مع مصالح الحلف الغربي ، و تناقض المفاهيم الإنجلو ساكسونية مع المفاهيم الأوروبية التي تشق الحلف الغربي ” نسبيا ” إلى كتلتين تختلفان في المفاهيم و تتنافسان على الانصبة .. يبدو ذلك جليا في شمال إفريقيا و تحديدا في تونس .. كيف ؟ –

صورة-خريطة-تونسالسفير الفرنسي في تونس :

من الأمور التي يمكن ملاحظتها بسهولة أن عددا لا بأس به من مواطني المغرب الكبير يتعامل بحساسية مفرطة مع سفراء فرنسا .. لسببين أولهما : تاريخ فرنسا الإستعماري في تلك المنطقة ، و ثانيها : أن بعض سفراء فرنسا لا يراعون تلك الحساسية لدى مواطني المغرب و يتصرفون أحيانا بطريقة تبدو لهؤلاء المواطنين أنها مستفزة و تستدعي إلى أذهانهم صورة المقيم العام الفرنسي الذي كان يمثل سلطة الإستعمار في بلادهم .. خاصة و أن سلوك بعض هؤلاء السفراء كان لا يخلو من قدر كبير من الوقاحة بالفعل .. – السفير الفرنسي الجديد نسبيا في تونس يبدو لكاتب السطور عن بعد أسهل مراسا من سابقه ” فرنسوا جوايات ” و يبدو أكثر لطفا .. و من ابرز سمات هذا السفير أنه يتحرك كثيرا و يحاول الإندماج في المجتمع بكل مستوياته و المشاركة في أكثر الفعاليات شعبية .. و بطبيعة الحال ذلك السلوك قد يثير ريبة البعض لعوامل كثيرة لا يتسع المجال لذكرها .. ، و للحق أيضا فإن كاتب السطور لا يملك معرفة كبيرة في مجال البروتوكولات و الأعراف الديبلوماسية حتى يستطيع تقييم الموقف الغاضب لبعض المواطنين الذين لم يعجبهم سلوك السفير الفرنسي في تونس فشنوا عليه هجوما عنيفا و ساخرا تحول مؤخرا إلى ما يشبه الحملة الممنهجة .. حقيقة الأمر أن سلوك السفير الفرنسي في تونس على ما يثيره من جدل ربما لا يختلف كثيرا عن سلوك بعض نظرائه الاوروبيين .. لكن الهجوم عليه كان الأعنف .. ، و قد أعجبني كثيرا ما كتبه أحد كبار المثقفين في تونس * حول مفهوم ” العدالة الإنتقالية ” الإنجلو ساكسوني بمحدداته الثلاثة و تناقضه مع مفهوم ” عدالة الإنتقال ” الفرنسي و هو مفهوم لاحق و يختلف في محدداته .. و يسعى الفرنسيون إلى تجريبه في تونس من وجهة نظر ذلك المثقف الكبير الذي يرى أن تحركات السفير الفرنسي هدفها تكريس ذلك المفهوم و من ثم يجب أن يتوقف عن ذلك السلوك .. – أيا كانت صحة تلك الرؤى من عدمها فإن المحصلة الأرجح هي وجود تناقض مفاهيمي داخل الحلف الغربي ” يمكن استغلاله لصالح المنطقة ” بين الكتلة الإنجلو ساكسونية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا من جانب .. و بين الكتلة الأوروبية بزعامة المانيا و فرنسا من جانب آخر .. و سوف يترتب عليها أيضا مقدار الأنصبة في كعكة ” الربيع العربي ” المزعوم .. ، و أغلب الظن أيضا أن الكتلة الإنجلو ساكسونية داخل الحلف الغربي تلعب دورا ما و لو محدود في تسخين الحملة على السفير الفرنسي و وضعه دون غيره تحت المجهر .. ربما لصرف الانظار عن أدوار أخطر لرجالها و الحصول على نصيب الأسد .. – لا نستطيع تبرئة السفير الفرنسي في تونس أو إدانته و لا من شأننا أيضا فأهل مكة أدرى بشعابها .. لكن تقييم الموقف العام في المنطقة العربية يستدعي قراءة تحليلية للواقع المعيش .. قد تصيب تلك القراءة أو تخطئ لكنها و في كافة الأحوال أفضل من الجلوس في كراسي المتفرجين لأن ” الربيع ” المزعوم لم ينتهي و جرثومته تحاول تجديد نفسها من خلال التحايل الجيني و تحوير شكلها و تزييف كنهها و حتى لو إفترضنا حسن نوايا الأخرين فالمؤكد أن بينهم الغافل و المغرور و الخائف و المرعوب و المنهك كما هو الحال في سورية الصامدة .. و النتيجة إن مصر تقف وحدها تحارب و تبني و تحاول إسناد سورية لأن أمنها و سلامتها هي الوجه الأخر لأمن و سلامة مصر .. إن في هذا لآيات لقوم يعقلون الموقف الإستراتيجي و يتدبرون الجيوسياسة .. و من يدرك موقع مصر و موضعها من أولي الأبصار و البصيرة .. ممن يبصرون بعين الحقيقة الثاقبة من أحفاد حورس العظيم .. –

* محمد الفهري شلبي استاذ الإعلام .. مدير عام التلفزة التونسية الأسبق .. أحد المضارين من العدالة الإنتقالية

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات